مواجهة حامية بين ماكرون وميلونشون في الانتخابات النيابية الفرنسية

الفرنسيون يترقبون الكشف عن اسم رئيس حكومتهم الجديد وتوقع صيف حار اجتماعياً واقتصادياً

ينتظر أن يقدم جان كاستيكس، رئيس الوزراء، استقالته ما يفسح المجال لتعيين خليفة له (أ.ب)
ينتظر أن يقدم جان كاستيكس، رئيس الوزراء، استقالته ما يفسح المجال لتعيين خليفة له (أ.ب)
TT

مواجهة حامية بين ماكرون وميلونشون في الانتخابات النيابية الفرنسية

ينتظر أن يقدم جان كاستيكس، رئيس الوزراء، استقالته ما يفسح المجال لتعيين خليفة له (أ.ب)
ينتظر أن يقدم جان كاستيكس، رئيس الوزراء، استقالته ما يفسح المجال لتعيين خليفة له (أ.ب)

منتصف ليل الجمعة - السبت، تنتهي ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون الأولى وتبدأ الثانية لخمس سنوات إضافية في قصر الإليزيه. وعقد أمس برئاسته آخر اجتماع لمجلس الوزراء فيما ينتظر أن يقدم جان كاستيكس، رئيس الحكومة الحالي (أيضاً لبضع ساعات) استقالته واستقالة حكومته ما يفسح المجال لماكرون لتعيين خليفته في قصر ماتينيون. وحتى هذه اللحظة لم يعرف اسم الشخصية التي ستكلف تشكيل ورئاسة الحكومة، إذ إن رئيس الجمهورية حرص على إبقاء خياره قيد الكتمان، الأمر الذي يجعل الترجيحات تذهب في كل اتجاه. والحال، أن رئيس الحكومة سيكون المسؤول عن قيادة حملة الانتخابات النيابية التي يريد ماكرون أن توفر له أكثرية مريحة في البرلمان تمكنه من الوفاء بالوعود التي قطعها يميناً ويساراً وبالالتزامات التي ضمنها برنامجه الانتخابي. ووفق الدستور الفرنسي، فإن رئيس الحكومة سيكون حكماً رئيس الأكثرية. يستعجل مرشحو ماكرون للانتخابات المقبلة التي ستجرى على دورتين يومي 12 و19 يونيو (حزيران) استكمال العملية الانتقالية للتفرغ للمعركة السياسية التي تتنافس فيها عملياً ثلاث كتل: الأولى تتمثل بالكتلة الداعمة لماكرون، والمشكلة من حزبه «الجمهورية إلى الأمام» الذي غير اسمه إلى «النهضة» أو «الانبعاث» وحزب الوسط الديمقراطي وحزب «هورايزون» (آفاق) إضافة إلى أحزاب أخرى صغيرة وشخصيات انضمت إلى ماكرون حديثاً والكل تحت مسمى «معاً». والكتلة الثانية تعود لحزب «التجمع الوطني» الذي تتزعمه مارين لوبن، منافسة ماكرون في الجولة الرئاسية الحاسمة التي حصلت على 41.5 من الأصوات. وتنوي لوبن تقديم مرشحين عن جبهتها إلى كل الدوائر الانتخابية الـ577 علماً بأنها رفضت عرض التحالف من منافسها الأكثر يمينية وشعبوية، أريك زيمور، الذي حصل على 7 في المائة من الأصوات، وحجتها في ذلك مزدوجة: من جهة، تعتبر أن الأخير خانها وسرق منها أصواتا في الجولة الرئاسية الأولى. ومن جهة ثانية، ترى أن زيمور ضعيف إلى درجة أنه لن يشكل خطرا على مرشحيها. وتطرح لوبن نفسها على أنها «المعارض» الأول لماكرون. إلا أن أملها الحقيقي أن تحظى في الندوة البرلمانية القادمة بمجموعة نيابية مستقلة تحتاج إلى 15 نائباً، الأمر الذي حرمت منه خلال ولاية البرلمان المنقضية، إذ إن نواب حزبها لا يزيدون على الثمانية. وتخوض لوبن المنافسة الانتخابية في دائرتها الحالية «هينان بومون» القائمة شمال البلاد حيث حلت في المرتبة الأولى في دورتي الانتخابات الرئاسية. أما الكتلة الثالثة فتعود لليسار بكل تلاوينه وبزعامة جان لوك ميلونشون، رئيس حزب «فرنسا المتمردة» أو «الأبية» الذي حصل في الدورة الرئاسية الأولى على أكثر من سبعة ملايين ناخب (22 في المائة من الأصوات).
- وحدة أجنحة اليسار
حقيقة الأمر أن ميلونشون حقق إنجازا أساسيا إذ نجح في تجميع كل أجنحة اليسار، التي تشمل، إلى جانب حزبه، الاشتراكيين والبيئويين والشيوعيين، تحت مسمى «الاتحاد الشعبي البيئوي والاجتماعي الجديد». وهذا النجاح افتقده اليسار الفرنسي طويلاً وتحديداً منذ وصول الرئيس الاشتراكي فرنسوا ميتران إلى رئاسة الجمهورية عام 1981، وبقي ميتران في الإليزيه لولايتين (حتى عام 1995). ورغم الفوارق الأساسية بين الأطراف الأربعة، فإنها نجحت في الاتفاق على برنامج حكم واحد سيوفر المظلة للمرشحين الـ577.
ويريد ميلونشون من الانتخابات التشريعية أن تكون بمثابة «الجولة الرئاسية الثالثة» التي ستحمله إلى رئاسة الحكومة، الأمر الذي يؤكده علناً ويحظى بقبول شركائه. واللافت أن الحزب الاشتراكي كان، منذ بدايات الجمهورية الخامسة نهاية الخمسينات من القرن الماضي، العصب الحقيقي والمهمين لليسار. إلا أن الانتخابات الأخيرة بينت تهميشه إذ مرشحته الرئاسية آن هيدالغو، رئيسة بلدية باريس، حصلت على 1.7 في المائة من الأصوات. ورغم قيام تحالف اليسار، فإن أصواتاً من اليسار واليمين والخضر عبرت عن رفضها التسليم بقيادة ميلونشون، الذي يعتبرونه من اليسار الراديكالي الذي يختلف برنامجه عما يسمى «اليسار الحاكم» المعتدل. وما جرى حقيقة هو أن الأطراف الأربعة فضلت التركيز على القواسم المشتركة وتركت جانباً خلافاتها الأساسية حول مسائل رئيسية، مثل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي ومستقبل الاعتماد على الطاقة النووية وتحديد سن التقاعد عند الستين عاماً ورفع رواتب الحد الأدنى للأجور إلى 1400 يورو.
- خطر ميلونشون
يعكس المشهد السياسي الراهن بأمانة نتائج الانتخابات الرئاسية التي خرج منها اليمين المعتدل «حزب الجمهوريون» مثخناً بالجراح، حيث إن مرشحته فاليري بيكريس بقيت دون نسبة الـ5 في المائة. ولذا، فإن عدداً من مرشحيه أغرتهم عروض التجمع الرئاسي فالتحقوا به وكوفئوا بترشيحهم تحت لواء كتلة «معاً».
من هنا، فإن الخطر الحقيقي الذي يهدد ماكرون يأتي من اليسار. ولذا، فإنه شخصياً ووزراءه ومعاونيه لم يتأخروا في استهداف ميلونشون والتحالف الهش الذي أنشأه. ففي كلمة ألقاها أمام مرشحي «معاً» في ضاحية أوبرفيليه الواقعة على مدخل باريس الشمالي، اتهم ماكرون تحالف ميلونشون بأنه «من اليسار المتطرف» الذي قدم برنامجا ستكون نتيجته «نسف النمو الاقتصادي»، فضلاً عن أنه لن يقوى على البقاء بسبب خلافاته الداخلية. ولم يتردد ماكرون في النفخ بنار الانقسامات والتخويف من الهيمنة الآيديولوجية لليسار المتطرف وأمله في ذلك اجتذاب الأصوات اليسارية المعتدلة التي تتخوف من برنامج تحالف ميلونشون الاقتصادي.
وتجدر الإشارة إلى أن عدداً ممن يسمون «فيلة الحزب الاشتراكي» أي باروناته، وأولهم رئيس الجمهورية السابق الاشتراكي فرنسوا هولند وأمينه العام السابق كريستوف كمبادوليس ووزير الزراعة السابق ستيفان لوفول إضافة إلى هيدالغو، حذروا من ذوبان الحزب وتفتته وفقدانه هويته السياسية والآيديولوجية. ويتفق هؤلاء مع كتلة ماكرون في اعتبار أن برنامج ميلونشون «غير واقعي» و«شعبوي» وأن العمل باقتراحه اتباع سياسة «الامتناع عن الخضوع» للأحكام الأوروبية سيقود إلى خروج فرنسا من الاتحاد، إلى غير ذلك من الحجج التي يراد منها إما تسخيف مقترحاته أو تبيان خطورتها.
ودعا ستانيسلاس غيريني، الأمين العام لحزب ماكرون من سماهم بـ«الاشتراكيين - الديمقراطيين» إلى الالتحاق بحزبه حيث سيجدون «الأبواب المفتوحة». وذهب فرنسوا باتريا، رئيس مجموعة الشيوخ التابعة لحزب ماكرون، إلى وصف ميلونشون بـ«عديم المصداقية والخطير» لا بل المناضل «الأحمر» أي المغالي في الثورية، الذي يحمل برنامجاً يدعو إلى التمرد الشعبي بحسب غيريني. أما وزير الشؤون الأوروبية كليمون بون، المقرب من ماكرون، فقد ندد ببرنامج تكتل ميلونشون باعتباره «خطيراً وكاذباً» فيما عده فرنسوا بايرو، رئيس حزب الوسط الديمقراطي وحليف ماكرون منذ عام 2017، خطيراً إلى حد أنه يهدد البناء الأوروبي.
هكذا تبدو صورة المشهد السياسي قبل أقل من شهر من المعركة البرلمانية التي يتوقع أن تكون بالغة السخونة. اليسار يعتقد أنه قادر على كسبها فيما كتلة ماكرون تريد نتائج توفر لها الهيمنة على البرلمان للسنوات الخمس التالية. وبين هذين الحدين، وبانتظار أن تعرف لوائح المرشحين بالكامل وتظهر إلى الوجود حكومة جديدة تعكس توجهات عهد ماكرون الثاني، فإن الضبابية تبقى الصفة الغالبة في بلد يتوقع الكثيرون أن يكون صيفه حاراً اجتماعياً واقتصادياً.



بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.