حوثيون مفرج عنهم يتفاجأون بزواج قادة في الميليشيا بنسائهم

TT

حوثيون مفرج عنهم يتفاجأون بزواج قادة في الميليشيا بنسائهم

تلقى أسير حوثي ينحدر من محافظة صعدة (معقل الميليشيات) قبل أيام، صدمة كبيرة عقب الإفراج عنه وأثناء وصوله إلى قريته؛ حيث استغرب غياب زوجته، قبل أن يفاجأ بأنها لم تعد على ذمته؛ بل أصبحت زوجة لأحد مشرفي الجماعة، والقائد المسؤول عن تجنيده في المنطقة ذاتها، وفق ما أفادت به مصادر مطلعة في صعدة لـ«الشرق الأوسط».
وأوضحت المصادر أن الأسير الحوثي، ويدعى عبد الله محمد الحباجري، الذي أفرج عنه مؤخراً بعد أكثر من 6 سنوات في الأسر، وأعلنت الجماعة نبأ وفاته، شعر بالصدمة والانهيار فور معرفته بزواج زوجته من أحد القيادات في الميليشيات الذي استقطبه في السابق إلى الجبهات، ويدعى أبو عقيل الحمزي.
وبحسب المصادر، فإن القيادي الحوثي الحمزي كان قد أبلغ في وقت سابق أسرة المجند الحوثي الحباجري، المفرج عنه مؤخراً ضمن آخرين بموجب مبادرة إنسانية من قبل تحالف دعم الشرعية، أنه قد قُتل.
وأثارت الحادثة استهجاناً واسعاً في أوساط الناشطين اليمنيين، وعلَّق بعضهم خلال تغريدات لهم على منصات التواصل الاجتماعي، بأن المدعو الحمزي «روَّج مراراً أنباء مقتل الحباجري من أجل (خطف) زوجته، كما تعمل الميليشيات كعادتها منذ الانقلاب بحق أموال وممتلكات الغير في مدن بقبضتها».
وعدَّ الناشطون أن ذلك ليس بغريب على قادة ومشرفي الجماعة الانقلابية، أن يزجوا باليمنيين في ميادين القتال ثم يقدموا مع سابق الإصرار والترصد على الزواج من زوجاتهم اللاتي لا يزلن على ذمتهم.
وليست هذه المرة الأولى التي يرتكب فيها مشرفو الجماعة ممارسات من هذا النوع؛ إذ شهد عديد من المدن والمناطق تحت سيطرة الميليشيات وقوع عشرات من تلك القصص الخاصة بعودة عناصر حوثيين بعد أشهر من إقامة مراسيم تشييع وعزاء لهم، فيُفاجأون بتزويج زوجاتهم قسراً من آخرين.
وفي منتصف العام الماضي، عاد أحد مجندي الجماعة إلى أسرته في عزلة موشك بمديرية مغرب عنس بمحافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بعد 4 أشهر من دفن أسرته لبقايا جثة شخص ادعت الجماعة أنها له.
وذكرت مصادر محلية في ذمار أن المجند يدعى محمد سعد الموشكي (37 عاماً) عاد حينها إلى قريته ومنزله، وتفاجأ بالزغاريد ودقات الطبول والغناء في زفاف أقيم لزوجته؛ حيث كان يعتقد حينها أنه أقيم فرحاً بوصوله.
وأفادت المصادر ذاتها بأن تلك المنطقة وقرى أخرى مجاورة بنطاق ذمار المحافظة، شهدت على مدى الأشهر والسنوات القليلة الماضية قصصاً وحوادث عدة من هذا النوع، ونتج عن بعضها نشوب حوادث صُنفت جميعها كرد فعل من قبل الأزواج العائدين من جبهات الميليشيات.
وبحسب المصادر، فقد سبق ذلك بفترة وقوع حادثة أخرى مشابهة، تمثلت بعودة المقاتل الحوثي علي مهدي النفيعي إلى أهله بمنطقة نفيع في مديرية الجعفرية بمحافظة ريمة، وهو حي يرزق، بعد أن أعلنته الميليشيات قتيلاً وأقام له الأهالي مراسم دفن واستقبال للعزاء، في حادثة ليست الأولى في زمن الانقلاب.
وتكراراً لفقدان عديد من مجندي الجماعة لزوجاتهم بعد عودتهم من عدة جبهات، روى مصدر قبلي بمحافظة عمران، أن مجنداً حوثياً يدعى عبد الملك عبدان اللومي، عاد مطلع العام الجاري من الجبهة إلى قريته التابعة لمديرية عيال يزيد بالمحافظة ذاتها، بعد غياب دام نحو 8 أشهر، وقام لحظة وصوله منزله بتسديد عدة طعنات لوالده، بسبب تصديقه رواية الحوثيين بمصرعه، وقيامه بعد مراسيم العزاء بتزويج زوجته لأحد المشرفين الحوثيين من أبناء المنطقة.
وكشف المصدر الذي اشترط حجب معلوماته لـ«الشرق الأوسط»، أن القضية وإلى جانبها عشرات القضايا بهذا الخصوص، لا تزال حتى اليوم منظورة أمام القضاء الخاضع لسيطرة الجماعة في مركز المحافظة.
وكانت تقارير يمنية قد أفصحت في أوقات سابقة عن رصدها في غضون أشهر قليلة حالات لمقاتلي الجماعة ممن تم الإفراج عنهم ضمن صفقات تبادل للأسرى والمحتجزين، أصيبوا بصدمات أثناء عودتهم إلى قراهم ومنازلهم، نتيجة تزويج زوجاتهم.
ونقل «منبر المقاومة» التابع للقوات اليمنية المشتركة بالساحل الغربي، عن مصادر خاصة، تسجيلها بأواخر العام المنصرم نحو 19 حالة لأسرى حوثيين تزوجت زوجاتهم من أقارب لهم بمحافظات: صنعاء، وعمران، وحجة، وذمار، وصعدة، وتعز، بعد أن أعلنت الميليشيات مقتلهم في الجبهات، وجرت لهم مراسم تشييع وعزاء.
وسجلت محافظة ذمار -بحسب المصدر- نحو 5 حالات زواج لزوجات أسرى حوثيين عادوا إلى منازلهم وقد تم تزويج زوجاتهم من أشقائهم بمديريات: عنس، والحدا، ومغرب عنس، وآنس.
وأشارت المصادر إلى أن بقية الحالات سُجلت بمحافظات: حجة، وعمران، وصعدة، وريف صنعاء، وتعز.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.