«الحوار الوطني» بين الرئاسة المصرية والسياسيين يتخذ مساراً تنفيذياً

TT

«الحوار الوطني» بين الرئاسة المصرية والسياسيين يتخذ مساراً تنفيذياً

اتخذت الدعوة التي أطلقها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لبدء «حوار سياسي» مع التيارات الحزبية والشبابية كافة «بلا استثناء»، مساراً تنفيذياً، بعدما أعلنت «الأكاديمية الوطنية للتدريب» التابعة للرئاسة المصرية، بدء توجيه دعوات للمشاركين لتقديم رؤيتهم بشأن محاور تنفيذ الحوار، خلال أسبوع فيما أعربت أحزاب وشخصيات عامة عن ترحيبها بالدعوة. ووفق نص الدعوة، فإن «الأكاديمية» أكدت على «حيادها» وتبعيتها للرئاسة المصرية وفق القرار الجمهوري المنظم لعملها.
وكان الرئيس المصري قال، أواخر الشهر الماضي، إنه يرغب في بدء مناقشات «حول أولويات العمل الوطني في المرحلة الراهنة»، وكلف «إدارة المؤتمر الوطني للشباب (تشرف عليه الأكاديمية)» بـ«التنسيق مع التيارات السياسية والحزبية والشبابية كافة لإدارة حوار سياسي». وفي أعقاب دعوة السيسي ظهرت مطالبات نيابية وحقوقية بأن يكون «مجلس الشيوخ» هو الجهة التي تتولى إدارة الملف، معتبرين أنه سيكفل «الإطار الدستوري» لتلك المبادرة. وتواكبت دعوة السيسي للحوار السياسي، مع إعلانه كذلك عن توسعة نطاق عمل اللجنة المعنية بـ«العفو الرئاسي» والتي تستهدف في جانب من عملها مراجعة ملفات النشطاء والسياسيين المحبوسين تمهيداً لإصدار قرار بالإفراج عنهم.
وأصدرت غالبية الأحزاب المصرية وهيئات مستلقة ونقابات، أمس، بيانات مرحبة بتلقي دعوة للمشاركة في طرح روية لتنفيذ الحوار.
وقالت «تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين» والتي تمتلك تمثيلاً برلمانياً في مجلسي الشيوخ والنواب، إن «الحوار يستهدف فتح مسارات للتفاعل المجتمعي حول كافة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تستهدف بناء الجمهورية جديدة بمشاركة جميع فئات المجتمع المصري».
وكذلك أعربت «لجنة العفو الرئاسي» عن ترحيبها بدعوة الأكاديمية الوطنية للتدريب إلى الحوار الوطني، مثمنة ما تضمنه بيان الدعوة من إعلان إدارتها للحوار الوطني بتجرد وحيادية. ودعا «الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي» إلى «إجراء مشاورات مكثفة مع القوى والأحزاب السياسية بغرض بناء تفاهمات واتفاقات حول أجندة الحوار».
من جهته، رحب «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، بالمشاركة في طرح رؤية نحو تنفيذ «الحوار الوطني»، معتبراً أنها «تمثل انطلاقة جديدة مع الجمهورية الجديدة بكل مكوناتها، وأهم عناصرها هي بناء الإنسان وتدعيم النظام السياسي الذي يشمل جميع فئات المجتمع على قاعدة العدالة والمساواة بالمشاركة دون إقصاء لأحد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.