بول غاسكوين... لاعب استغلته الصحافة بلا رحمة وأساءت إليه ودمرته

وثائقي يؤرخ الصعود الصاروخي والسقوط المدوي لأحد أشهر الرياضيين في إنجلترا

غاسكوين مغادراً مقر محكمة تيسايد بميدلزبره (إنجلترا) في 14 أكتوبر 2019 خلال محاكمته بتهمة التحرش الجنسي (غيتي)
غاسكوين مغادراً مقر محكمة تيسايد بميدلزبره (إنجلترا) في 14 أكتوبر 2019 خلال محاكمته بتهمة التحرش الجنسي (غيتي)
TT

بول غاسكوين... لاعب استغلته الصحافة بلا رحمة وأساءت إليه ودمرته

غاسكوين مغادراً مقر محكمة تيسايد بميدلزبره (إنجلترا) في 14 أكتوبر 2019 خلال محاكمته بتهمة التحرش الجنسي (غيتي)
غاسكوين مغادراً مقر محكمة تيسايد بميدلزبره (إنجلترا) في 14 أكتوبر 2019 خلال محاكمته بتهمة التحرش الجنسي (غيتي)

في البداية، تجب الإشارة إلى أن الفيلم الوثائقي الجديد عن اللاعب الإنجليزي السابق بول غاسكوين يتألف من لقطات أرشيفية بالكامل، باستثناء بعض المشاهد الافتتاحية والختامية لغاسكوين، والتي تم تصويرها بالقرب من بحيرة صيد في هامبشاير. وكان موضوع هذا الفيلم الوثائقي المكون من جزأين، والذي عُرض على شاشة قناة هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي 2)، محل نقاش في ندوة صحافية من سؤال وجواب، في العاصمة البريطانية لندن.
لقد قيل لنا إن غاسكوين لم يشعر بالارتياح لمواجهة الصحافة، وإنه ظل في الفندق الذي يقيم فيه. وفي حين أنه لا يوجد ما يشير إلى أن قراره بعدم الظهور كان ناجماً بشكل أساسي عن عدم ثقته الواضحة في الصحافة، فإن هذا الفيلم الذي يؤرخ صعوده الصاروخي وسقوطه المدوي في وقت لاحق، قد أظهر أن أي مخاوف كانت لدى غاسكوين من الصحافة ربما تكون مبررة تماماً!
وسواء كان ذلك عن قصد أم بغير قصد، فإن الموضوع الأساسي للفيلم الوثائقي، والذي يحمل اسم «غازا»، هو الخيانة المميتة. إنها قصة كيف تم استغلال رجل واحد بلا رحمة، ودفعه في النهاية إلى الجنون، حتى أصبح على وشك الانتحار بسبب مكائد الصحافة البغيضة، وغير القانونية في كثير من الأحيان.
يقول المحرر الشاب بيرس مورغان في أحد المشاهد الختامية للفيلم الوثائقي: «أحب دائماً الفكرة الأسطورية القائلة بأن الصحف لا تحب شيئاً أكثر من أن تبني شيئاً وتسقطه. إننا نبنيهم، ثم يهدمون أنفسهم. وإذا اتخذوا خيارات خاطئة، فإنهم يدفعون ثمن شهرتهم». ليس هناك أدنى شك في أن غاسكوين قد ارتكب عدداً هائلاً من الأخطاء، واتخذ عديداً من الخيارات التي لم يكن لها أي مبرر في كثير من الأحيان، خلال الفترة المضطربة من حياته، بدءاً من أيامه الأولى كلاعب خط وسط مراهق موهوب، وصولاً إلى دخوله مصحة «بريوري» لتلقي العلاج النفسي، بعد استبعاده من قائمة المنتخب الإنجليزي المشاركة في نهائيات كأس العالم 1998.
ومع ذلك، من الصعب الاختلاف مع الاستنتاج الذي توصلت إليه آنا، أخت غاسكوين، بأن حياته كان من الممكن أن تكون أقل فوضوية بكثير، لو لم يكن لاعب كرة قدم ناجحاً.

                                         غاسكوين وشيرينغهام وهدف تأكيد تخطي اسكوتلندا في «يورو 96» (أ.ب)
لقد ظل غاسكوين في الملاعب لمدة 16 عاماً، أسر خلالها قلوب وعقول عشاق كرة القدم في كل مكان؛ لكنه اتجه بعد نهاية مسيرته الكروية إلى إدمان الكحوليات، وأصبح واحداً من المشاهير البارزين الذين عانوا بشكل كبير للغاية، لدرجة أن حياته الشخصية المليئة بالمتاعب أصبحت الشغل الشاغل للصفحات الأولى للصحف الشعبية. وفي خضم حرب توزيع الصحف الشرسة والمهووسة بالنجوم، بين مؤسسة «نيوز إنترناشيونال» المملوكة لرجل الأعمال الشهير روبرت مردوخ، ومجموعة «ميرور غروب» المملوكة لروبرت ماكسويل، تحول غاسكوين إلى مجرد قطعة شطرنج يتم التلاعب بها في كثير من الأحيان.
ويعد فيلم «غازا» الذي أخرجه سام كولينز لمؤسسة «ويسترن إيدج بيكشرز»، استكشافاً وفحصاً للأساليب الخفية التي كانت تستخدمها الصحف الشعبية الأكثر مبيعاً في المملكة المتحدة، خلال فترة التسعينات من القرن الماضي.
وعندما بدأت شعبية غاسكوين في الصعود بشكل هائل في أعقاب نهائيات كأس العالم 1990 بإيطاليا، عندما ودعت إنجلترا المونديال بعد الخسارة بركلات الترجيح في الدور نصف النهائي، والتي بكى فيها غاسكوين بحرقة بعد حصوله على تلك البطاقة الصفراء الشهيرة، وقَّعت صحيفة «الصن» صفقة معه لمدة عام واحد مقابل 250 ألف جنيه إسترليني.
وقال نيل واليس الذي تمت تبرئته بعد اتهامه بالتنصت على هواتف بعض الأشخاص في عام 2015: «بدأنا نلاحظ أننا ندفع ما يكفي من المال، وأن غاسكوين لا يحضر إلا للحصول على الأموال فقط.
لم يكن هناك أي شخص مهتم برعاية غاسكوين، وكنا نشعر بالقلق لأننا استثمرنا الكثير من الأموال فيه، وكنا نتساءل إلى متى يمكن أن يستمر هذا».
وكانت هذه الصحف تبحث عن مصلحتها الخاصة على حساب غاسكوين، وهو موضوع متكرر مع اللاعب طوال حياته؛ حيث يكشف عديد من مراسلي الصحف السابقين عن الطريقة التي كانت تدفع بها هذه الصحف لهم، قبل ظهور القرصنة، لكي يكونوا شبكات من المخبرين بالقرب من اللاعب، لمعرفة كل أخباره وتحركاته.
وفي مرحلة ما خلال الفترة المضطربة لغاسكوين في إيطاليا مع نادي لاتسيو، انفصل عن مساعدته الشخصية جين نوتاغ، التي كتبت على الفور كتاباً يروي كل شيء عنه، وتم نشره في صحيفة «ميرور».
كما تم توثيق فترة زواجه من شيريل فيليس وطلاقه منها في وقت لاحق، وهي الفترة التي غاب فيها عن لحظة ولادة طفله، أثناء وجوده في الخارج، ثم أصبح منبوذاً بعد اعتدائه الشرس على زوجته في غرفة الفندق. وحتى الفترة التي لعب خلالها في ميدلسبره عندما أصبح مدمناً على الكحول، قد تم الكشف عنها بالتفصيل من قبل زميله في الإدمان على الكحوليات بول ميرسون.
كما يتطرق فيلم «غازا» إلى استبعاد غاسكوين من قائمة المنتخب الإنجليزي في نهائيات كأس العالم، وإلى فترة إعادة تأهيله في وقت لاحق.
ويقدم الفيلم تذكيراً دائماً بأنه على الرغم من جميع أوجه القصور التي لا تعد ولا تحصى في شخصية غاسكوين، فإنه كان أحد أكثر لاعبي كرة القدم شهرة في إنجلترا لسنوات، وقد تعرض لمراقبة متواصلة وغير قانونية دمرت حياته في نهاية المطاف.
يقول بول مكمولان الذي أدين في قضية التنصت على هواتف بعض الأشخاص، وهو مراسل سابق لإحدى الصحف في الفترة التي كان فيها غاسكوين قريباً من الاعتزال: «لقد ذهب إلى مصحة (بريوري) ليبتعد عنا. ربما كان مدمناً على الكحول؛ لكننا لم نهتم بذلك. لذلك انتهى الأمر بتصوير الرجل على أنه مصاب بجنون العظمة الشديد، رغم أن الحقيقة لم تكن كذلك».
وفي نهاية الفيلم، قيل لنا ببساطة إن غاسكوين، البالغ من العمر 54 عاماً «يعيش بمفرده على الساحل الجنوبي لإنجلترا».
قد يبدو ذلك للبعض شيئاً مثيراً؛ خصوصاً أن غاسكوين كان دائماً هو النجم الذي تتمحور حوله كل الأحداث وتتجمع حوله كل الأضواء؛ لكن الحقيقة أن تلك لم تكن مفاجأة كبيرة بعد كل الذي تعرض له اللاعب من الصحافة، وبالتالي كان من الطبيعي أن يعيش بعيداً بمفرده عن الأضواء.


مقالات ذات صلة

دوري أبطال أوروبا: كلوب بروغ يلطخ سجل أستون فيلا المثالي

رياضة عالمية سجل قائد كلوب بروغ هانس فاناكن هدف المباراة الوحيد من ركلة جزاء (رويترز)

دوري أبطال أوروبا: كلوب بروغ يلطخ سجل أستون فيلا المثالي

ألحق كلوب بروغ البلجيكي الخسارة الأولى بأستون فيلا الإنجليزي بالفوز عليه 1 - 0 الأربعاء ضمن الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (بروغ )
رياضة عالمية يقضي قدوس بالفعل عقوبة إيقاف تلقائية لثلاث مباريات (رويترز)

تغريم قدوس لاعب وست هام وإيقافه مباراتين إضافيتين

قال الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم اليوم الأربعاء إنه غلظ عقوبة إيقاف محمد قدوس جناح وست هام يونايتد لتصبح خمس مباريات مع تغريمه 60000 جنيه إسترليني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية جونسون يفتتح رباعية توتنهام في شباك أستون فيلا (رويترز)

10 نقاط بارزة في الجولة العاشرة من الدوري الإنجليزي

كان من الواضح أن أداء إلكاي غوندوغان وماتيو كوفاسيتش وكايل ووكر تأثر نتيجة تقدمهم في السن.

رياضة عالمية لا يمكن الهروب من حقيقة أن السيتي خسر ثلاث مرات خلال الأسبوع الماضي (أ.ب)

بعد 3 هزائم متتالية... هل مانشستر سيتي في أزمة؟

بعد هزيمة مانشستر سيتي أمام سبورتينغ لشبونة بنتيجة 4 - 1 مساء الثلاثاء قال برناردو سيلفا إن فريقه «في مكان مظلم» على الرغم من أن بيب غوارديولا لم يوافقه الرأي

The Athletic (لشبونة)
رياضة عالمية تشابي ألونسو (رويترز)

ألونسو: علينا أن نتعلّم من الخسارة الكبيرة أمام ليفربول

قال تشابي ألونسو، المدير الفني لفريق باير ليفركوزن الألماني لكرة القدم، إن فريقه سيتعلّم من الخسارة الكبيرة صفر-4 التي تعرّض لها الفريق أمام ليفربول.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.