غروندبرغ في عدن لتثبيت الهدنة وسط تصاعد الخروق الحوثية

«الرئاسي» اليمني يدعم المساعي الأممية ويشدد على فك حصار تعز

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه يستقبلان المبعوث الأممي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه يستقبلان المبعوث الأممي (سبأ)
TT
20

غروندبرغ في عدن لتثبيت الهدنة وسط تصاعد الخروق الحوثية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه يستقبلان المبعوث الأممي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه يستقبلان المبعوث الأممي (سبأ)

على وقع الخروقات الحوثية المتصاعدة للهدنة الأممية، وصل المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ أمس (الثلاثاء)، وتحديداً إلى مدينة عدن، في سياق سعيه لتثبيت الهدنة الإنسانية القائمة؛ حيث شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، خلال لقاء المبعوث، على أهمية تنفيذ بنود الهدنة دون انتقائية، وبعيداً عن تعنت الميليشيات؛ خصوصاً فيما يتعلق بفك الحصار المفروض على مدينة تعز، ودفع رواتب الموظفين بموجب اتفاق استوكهولم.
وكان المبعوث الأممي قد بدأ جولته الحالية من العاصمة السعودية الرياض؛ حيث التقى كلاً من الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف الحجرف، والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر.
وفي حين يرصد الجيش اليمني عشرات الخروقات الحوثية بشكل يومي في مختلف الجبهات، يسعى المبعوث الأممي إلى تثبيت الهدنة، وتنفيذ البنود الإنسانية التي نصت عليها، إلى جانب محاولة إطلاق محادثات بغرض التوصل إلى سلام دائم.
وذكرت المصادر الرسمية أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد محمد العليمي، أكد خلال لقائه المبعوث الأممي، دعمه للهدنة الإنسانية التي ترعاها الأمم المتحدة بكامل بنودها، مشدداً على فتح المعابر على مدينة تعز المحاصرة من قبل الميليشيات الحوثية.
وبحسب ما نقلته وكالة «سبأ»، التقى المبعوث الأممي رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، ونائبه طارق صالح، ورئيس الوزراء معين عبد الملك، كما التقى في اجتماع آخر منفصل نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عبد الله العليمي.
وأوضحت المصادر أن الرئيس العليمي استمع إلى إيجاز من المبعوث الأممي حول الجهود المبذولة لتثبيت الهدنة الإنسانية، بما يؤدي إلى تخفيف المعاناة عن كافة أبناء الشعب اليمني، وأكد له استعداد الحكومة الشرعية لتقديم كل ما يلزم من أجل تسهيل إنجاح الجهود الأممية لإحلال السلام، بما يؤدي إلى إنهاء الانقلاب الذي قامت به ميليشيات الحوثي بدعم إيراني.
وفيما يخص مطار صنعاء، أكد الرئيس العليمي أن الحكومة الشرعية قدّمت كثيراً من المقترحات، إلا أنها قوبلت بتعنت واضح من قبل الميليشيات الحوثية. وقال إن الميليشيات «قامت بتحويل مطار صنعاء من ملف إنساني إلى قضية سياسية، وحرفت هذا الملف عن أهدافه الإنسانية التي أبرم الاتفاق من أجلها».
وشدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن على ضرورة «التزام الميليشيات الحوثية بتسليم الرواتب لموظفي الدولة من عائدات إيرادات ميناء الحديدة النفطية، وفقاً لما نص عليه اتفاق استوكهولم»، وعلى «ضرورة الإسراع في تنفيذ اتفاق الأسرى، بموجب الاتفاق الذي تم مع مكتب المبعوث الأممي».
في السياق نفسه، أفادت المصادر الرسمية بأن نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عبد الله العليمي، التقى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة «وناقش معه التطورات على الساحة اليمنية وجهود إحلال السلام، في ظل استمرار ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران في خرق الهدنة بشكل يومي».
ونقلت المصادر عن عبد الله العليمي، أنه حذر من نسف الهدنة وجهود المبعوث الأممي بسبب «الخروق العسكرية الحوثية اليومية، والتعنت الكبير وغير المبرر في فتح منافذ مدينة تعز، وفتح الحصار الظالم على المدينة، والإصرار على عرقلة تشغيل رحلات مطار صنعاء، وفقاً للإجراءات المتفق عليها مع المبعوث الدولي».
وجدد نائب رئيس مجلس القيادة اليمني تأكيد أن الحكومة «ملتزمة بما تم الاتفاق عليه بكل حرص، ولن تكون سبباً في تعطيل هدنة إنسانية، وأنها تتعاطى بشكل إيجابي ومرن ومسؤول مع أي مقترحات من شأنها التخفيف من المعاناة الإنسانية، على أن تكون بعيدة عن الانتقائية باعتبار أن القضايا الإنسانية كل لا يتجزأ».
وطالب عضو مجلس القيادة الرئاسي المبعوث الأممي بأن «يضع العالم كله أمام الصورة الحقيقية لما يجري في اليمن، ومن يعرقل جهود الهدنة وجهود عملية السلام».
إلى ذلك، نسبت المصادر الرسمية اليمنية للمبعوث الأممي أنه أكد «مواصلة جهوده للحفاظ على الهدنة الإنسانية واستكمال استحقاقاتها الإنسانية، والعمل للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة».
وكان المبعوث الأممي قد التقى في وقت سابق في الرياض بالسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر؛ حيث أكد السفير دعم المملكة لجهود الأمم المتحدة، كما ناقش معه «الجهود المشتركة لإنجاح الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة، بهدف التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم وشامل في اليمن، وبدء العملية السياسية».
المساعي الأممية الرامية إلى تثبيت الهدنة اليمنية والبناء عليها نحو وقف دائم لإطلاق النار، تأتي في ظل تواصل الخروق الحوثية ميدانياً في مختلف الجبهات، وفق تقارير الجيش اليمني.
واتهم أحدث تقرير للجيش الميليشيات الحوثية بأنها ارتكبت 74 خرقاً للهدنة الأممية في مختلف جبهات القتال، في ظل التزام قوات الجيش والمقاومة بوقف إطلاق النار الشامل، وفقاً لتوجيهات القيادة السياسية والعسكرية.
وأوضح التقرير أن الميليشيات ارتكبت 74 خرقاً للهدنة الأحد الماضي في جبهات القتال بمحافظات مأرب وحجة والحديدة وتعز والضالع؛ حيث «تنوعت الخروق بين استهداف مواقع قوات الجيش بصواريخ (الكاتيوشا)، وبالمدفعية بالعيارات المختلفة، وبالطائرات المُسيَّرة المفخخة، مع استمرار الميليشيات في حشد التعزيزات واستحداث المواقع والتحصينات، ونشر القناصة في مختلف الجبهات».


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.