حكومة بنيت ستخسر سُدس مقاعدها في انتخابات مبكرة

«المشتركة» تزيد و«الإسلامية» تختفي

عيديت سيلمان تتحدث عبر الهاتف خلال افتتاح الجلسة الصيفية للكنيست الاثنين الماضي (أ.ب)
عيديت سيلمان تتحدث عبر الهاتف خلال افتتاح الجلسة الصيفية للكنيست الاثنين الماضي (أ.ب)
TT

حكومة بنيت ستخسر سُدس مقاعدها في انتخابات مبكرة

عيديت سيلمان تتحدث عبر الهاتف خلال افتتاح الجلسة الصيفية للكنيست الاثنين الماضي (أ.ب)
عيديت سيلمان تتحدث عبر الهاتف خلال افتتاح الجلسة الصيفية للكنيست الاثنين الماضي (أ.ب)

مع الشعور بأن الأزمة السياسية في إسرائيل تتفاقم أكثر وأكثر، وأن نهاية عمر حكومة نفتالي بنيت باتت قريبة، وأن احتمال تبكير موعد الانتخابات العامة صار أقرب إلى الواقع، نُشرت أمس، نتائج استطلاعات رأي تفيد بأن التحالف الحكومي سوف يهبط من 62 نائباً في الانتخابات الأخيرة إلى 53 نائباً، وبأن اثنين من أحزابه الثمانية ستختفي ولن يعبرا نسبة الحسم، وتكتل المعارضة الذي يقوده بنيامين نتنياهو سيرتفع من 52 إلى 59 نائباً.
وتشير النتائج أيضاً إلى أن عدد نواب الأحزاب العربية في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، سيتقلص من 10 إلى 8، إذ إن «القائمة العربية الموحدة» بقيادة النائب منصور عباس ستختفي عن الخريطة البرلمانية، فيما سترتفع «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية المعارضة، بقيادة النواب أيمن عودة وأحمد الطيبي وسامي أبو شحادة، من 6 إلى 8 مقاعد، وستصبح لسان الميزان بين المعسكرين.
المعروف أن الائتلاف قد خسر نائبين من حزب «يمينا»، عميحاي شيكلي قبل عشرة شهور وعيديت سيلمان قبل شهرين. فقد تعرضا لضغوط يمينية قاسية، بضمنها التهديد بالقتل لهما ولعائلتيهما فانشقّا عن حزبهما «يمينا» وعن الائتلاف. وأصبحت الحكومة مؤلفة من 60 مقعداً، مقابل 60 مقعداً للمعارضة. وقبل نحو أسبوعين قررت «القائمة الموحدة» برئاسة عباس تجميد عضويتها في الائتلاف وفي الكنيست، احتجاجاً على سياسة الحكومة في المسجد الأقصى والقدس وبقية المناطق الفلسطينية المحتلة، فهبط عدد نوابها إلى 56 مقابل 60 نائباً في المعارضة. وهي تتعرض لضغوط شديدة من داخل صفوفها لكي تنسحب تماماً من الائتلاف. وتعرضت لهجوم غير مسبوق من رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، الذي اتهمها بخيانة الأقصى.
وإذا قرر مجلس الشورى الذي يوجهها، الانسحاب من الائتلاف، ستجد الحكومة نفسها في مأزق شديد عصيٍّ عن الحل، وستصبح إمكانية التوجه لانتخابات جديدة أقرب الحلول. لكن استطلاع الرأي الذي نشرته القناة 13 للتلفزيون الإسرائيلي، الليلة قبل الماضية، ينذر بانهيار «القائمة الموحدة» ولا يوفر حظوظاً للائتلاف الحالي. ويعيد الأحزاب الإسرائيلية إلى المربع الأول للأزمة السياسية التي تعاني منها منذ أربع سنوات.
وتشير نتائج الاستطلاع إلى أن أحزاب المعارضة بقيادة نتنياهو ستحصل على 59 مقعداً، على النحو التالي: «الليكود» سيرتفع من 30 مقعدا حالياً إلى 36. حزب «الصهيونية الدينية» لليمين المتطرف بقيادة بتصلئيل سموترتش وإيتمار بن غفير، سيرتفع من 6 إلى 9 مقاعد. والحزب الديني الأشكنازي «يهدوت هتوراه» سيحافظ على قوته (7 مقاعد)، والحزب الديني لليهود الشرقيين «شاس» سيهبط من 9 إلى 7 مقاعد.
وفي المقابل يهبط الائتلاف من 62 إلى 53 مقعداً ويخسر نحو سُدس شعبيته، على النحو التالي: يرتفع حزب «يش عتيد» بقيادة وزير الخارجية يائير لبيد من 17 إلى 18 مقعداً، ويرتفع حزب «يمينا» بقيادة بنيت من 7 إلى 8 مقاعد، ويهبط حزب «كحول لفان» بقيادة وزير الدفاع، بيني غانتس، من 8 إلى 7 مقاعد، ويهبط حزب العمل بقيادة وزير المواصلات ميراف ميخائيلي، من 7 إلى 6 مقاعد، ويهبط حزب «يسرائيل بيتينو» بقيادة وزير المالية أفيغدور ليبرمان من 6 إلى 5 مقاعد، ويهبط حزب «ميرتس» بقيادة وزير الصحة نتسان هوروفتش، من 6 إلى 5 مقاعد، ويسقط كل من حزب «يش تكفاه» بقيادة وزير القضاء غدعون ساعر (له اليوم 6 مقاعد)، والقائمة الموحدة بقيادة عباس (لها اليوم 4 مقاعد) ولا يتجاوز أي منهما نسبة الحسم.
ويشير الاستطلاع نفسه إلى أن نتنياهو ما زال أكثر شخصية سياسية ملائمة لمنصب رئيس الحكومة في نظر الإسرائيليين، إذ يحظى بتأييد 46%، يليه عن بُعد شديد كل بقية المرشحين: لبيد 15%، وبنيت وغانتس 9% لكل منهما. وقال 50% من المستطلعين إن وجود القائمة العربية الموحدة في الائتلاف، كان له تأثير سيئ على السياسة الأمنية للحكومة (فقط 8% عدّوها ذات تأثير إيجابي و27% قالوا إنه لم يكن لها تأثير). وقال 665 إن أداء الحكومة في مواجهة التدهور الأمني كان سيئاً. وقال 59% إنه كان على الحكومة أن تغتال يحيى السنوار.
وفي هذه الحالة، تزداد الضغوط على بنيت ليُرضي الحركة الإسلامية حتى تعود للائتلاف، ويحاول «الليكود» الضغط لإسقاط الحكومة برلمانياً أو عن طريق تبكير موعد الانتخابات. ويدور نقاش في صفوفه إن كان الأفضل أن يطرح قانوناً لتبكير الانتخابات، اليوم (الأربعاء)، أو ينتظر أسبوعاً آخر أو أكثر. وقال النائب يوآف كيش المقرب من نتنياهو، إن حزبه لن يطرح هذا القانون إلا إذا أيقن أن الحركة الإسلامية ستنسحب من الائتلاف ولن تتراجع عن قرارها، لأنه في حال فشل الاقتراح لن يستطيع التقدم به مجدداً إلا بعد 6 أشهر.
الجدير ذكره، أن «القائمة المشتركة للأحزاب العربية»، التي كانت قد صوتت ضد مشروع نزع الثقة عن الحكومة في الليلة قبل الماضية، حتى لا يسجل عليها أنها توجت نتنياهو رئيساً للحكومة، قررت أن تصوّت إلى جانب تبكير موعد الانتخابات في حال طرح مشروع قانون. وحسب تصريحات النائب عايدة توما سليمان، فإن نواب «القائمة» يرفضون أن يكونوا «أسرى بين اليمين الاستيطاني واليمين الفاشي، لأن هذه ليست الخيارات التي نريد العيش معها». وأكدت أن «حكومة بنيت فشلت في توفير البدائل وواصلت الاحتلال والاستيطان، وعمقت الفقر داخل الطبقات الضعيفة».



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.