أنباء عن نقل قوات روسية من سوريا إلى أوكرانيا

«الحرس الثوري» يعزز مواقعه... وإسرائيل «قلقة» وتستعد لمواجهة التطور

عسكريون روس خلال مسيرة في حلب شمال سوريا في الذكرى الـ77 للانتصار على ألمانيا النازية (أ.ف.ب)
عسكريون روس خلال مسيرة في حلب شمال سوريا في الذكرى الـ77 للانتصار على ألمانيا النازية (أ.ف.ب)
TT
20

أنباء عن نقل قوات روسية من سوريا إلى أوكرانيا

عسكريون روس خلال مسيرة في حلب شمال سوريا في الذكرى الـ77 للانتصار على ألمانيا النازية (أ.ف.ب)
عسكريون روس خلال مسيرة في حلب شمال سوريا في الذكرى الـ77 للانتصار على ألمانيا النازية (أ.ف.ب)

اتخذت أنباء تداولتها وسائل إعلام روسية وإسرائيلية بشأن شروع روسيا في نقل جزء من قواتها في سوريا إلى أوكرانيا، أبعاداً جديدة، بعد تسريب معطيات عن تركيز القوات في ثلاثة مطارات تمهيداً لنقلها. وأفادت مصادر بأن «الحرس الثوري الإيراني» وقوات تابعة لـ«حزب الله» اللبناني عززت حضورها في المناطق التي تم سحب القوات الروسية منها، ما أثار قلقاً لدى إسرائيل التي بدا أنها تستعد لمواجهة هذا التطور.
وبرزت المعطيات الأولى في هذا الشأن، في تقرير نشرته صحيفة «موسكو تايمز» الروسية التي تمارس نشاطها من هولندا حالياً، لتجنب القيود الروسية على نشر المعلومات. وكتبت الصحيفة في نسختها باللغتين الروسية والإنجليزية، تفاصيل عن سحب القوات الروسية من عدد من المواقع التي كانت تشغلها ونقلها إلى عدة مطارات تمهيداً لزجها في المعارك الدائرة بأوكرانيا.
وأكدت هذه المعطيات في وقت لاحق، معطيات سربتها وسائل إعلام في إسرائيل وأوكرانيا. ولفتت استناداً إلى مصادر محلية في البلدين، إلى أن القواعد الجوية العسكرية الروسية التي تم إخلاؤها أو تقليص الوجود الروسي فيها، تم تسليمها إلى التشكيل العسكري السياسي الإيراني «الحرس الثوري الإسلامي» ومنظمة «حزب الله». وزادت أن الحديث يدور عن تجميع القوات في قاعدة «حميميم» (غرب اللاذقية) وفي مطار القامشلي ومطار آخر في دير الزور، فضلاً عن تركيز بعض القوات التي سيتم نقلها في مطار تيفور قرب حمص.
ووفقاً للمعطيات، فقد تم توسيع حضور الحرس الثوري الإسلامي في بعض المطارات والقواعد بينها قاعدة «ماهين» شرق حمص. وتعد هذه القاعدة من كبرى القواعد في سوريا، حيث تحتوي على 25 منظومة أسلحة ومخزن ذخيرة. وإلى جانب مقاتلي الحرس الثوري الإيراني الذين شاركوا منذ فترة طويلة في معارك الجيش السوري مع تنظيم «داعش»، وصلت إلى القاعدة 40 شاحنة إضافية تابعة للحرس الثوري وحزب الله.
ولم يصدر عن الجانب الروسي ما ينفي أو يؤكد هذه المعطيات، لكن خبراء في موسكو، استبعدوا أن تكون موسكو مقبلة على تقليص جدي في حجم قواتها العاملة في سوريا، مع إشارة إلى أن القوات التي يتم نقلها «لا تمارس مهام قتالية أساسية في سوريا حالياً، وسحبها مؤقتاً لن يؤثر على الوجود الروسي الدائم في سوريا». في المقابل، أشارت أوساط إسرائيلية إلى أن الخطوة تثير قلقاً لدى تل أبيب التي ترصد تحركات الحرس الثوري وحزب الله واحتمالات تعزيز قدرات الطرفين في القواعد التي تخلت عنها موسكو.
ورأى مسؤولون أوكرانيون أن التحرك الروسي ستكون له تأثيرات بعيدة المدى على وضع القوات الروسية في سوريا. وقال مستشار الرئيس الأوكراني أليكسي أريستوفيتش، إن موسكو قررت نقل جزء من قوات الجيش الروسي من سوريا إلى أوكرانيا، من أجل تسريع وتيرة عملية السيطرة الكاملة على دونباس. وقلل أريستوفيتش من تقديرات أشارت إلى أن عديد القوات الروسية في سوريا حالياً قد يصل إلى 63 ألف عسكري، وقال إن العدد الحقيقي قد يصل إلى 11 ألفاً، يتم حالياً نقل جزء مهم منهم. ورأى المسؤول الأوكراني أن الخطوة الروسية سوف تترك تأثيرات مفيدة لدى الأطراف المنخرطة في الصراع بسوريا، خصوصاً الأتراك والإسرائيليين والإيرانيين.
وأضاف أنه مع تقليص قبضة موسكو وتوسيع حضور الإيرانيين، ستقف تركيا أمام واقع جديد، كما أنه يمكن للإسرائيليين ضرب القوات الإيرانية وقوات الرئيس السوري بشار الأسد «من دون عقاب»، ومن وجهة نظره، فإن «الأسد أيضاً سوف يشعر بهزة كبيرة للغاية». وتساءل: «من الذي سيعمل على استقرار نظامه... إيران؟».
وزاد أنه «من الواضح أن الطرفين التركي والإيراني سيحاولان توسيع نفوذهما على حساب جيش الأسد في غياب الطيران الروسي». في الوقت نفسه، أشار المستشار إلى أنه لا يرى أي احتمالات لعودة تلك القوات قريباً إلى سوريا، وأضاف: «الروس غارقون في مستنقع بأوكرانيا». ووفقاً له: «عندما يعودون، إذا عادوا، سيكون كل شيء هناك قد تغير، وسيكون هناك على الأقل نفوذ إيراني أقوى، وكحد أقصى، قد تقسم سوريا إلى ثلاث أو أربع دويلات، وسيغدو الأسد رئيساً لبلدية دمشق».
بدوره، أكد مستشار آخر للرئيس الأوكراني، هو ميخائيل بودلاك، تلك المعطيات، وقال إن روسيا «تسحب بشكل عاجل قواتها من سوريا، وتنقل القواعد العسكرية إلى الحرس الثوري الإيراني». وزاد: «موسكو تخسر جزءاً من نفوذها في المنطقة من أجل إلقاء بعض الحطب (الذي لن يحل أي شيء) في فوهة الحرب بأوكرانيا».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يعتذر مازحاً عن عدم ارتدائه «بزّة رسمية» خلال حفل في كييف

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال إلقائه كلمة في حفل توزيع جائزة «تاراس شيفتشينكو» الثقافية في كييف (قناته عبر تلغرام) play-circle

زيلينسكي يعتذر مازحاً عن عدم ارتدائه «بزّة رسمية» خلال حفل في كييف

اعتذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأسلوب ساخر عن عدم ارتدائه «بزة رسمية» خلال حفل أقيم في كييف، في إشارة إلى تعرُّضه لانتقادات خلال زيارته للبيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (رويترز)

روبيو يتوجه إلى السعودية هذا الأسبوع للقاء مسؤولين أوكرانيين

يزور وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو السعودية في الفترة من 10 إلى 12 مارس (آذار) الحالي لإجراء محادثات مع مسؤولين أوكرانيين، حسبما ذكرت «الخارجية» الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي يوم 28 فبراير 2025 (أ.ب) play-circle

صفقة المعادن لا تكفي... ترمب يريد من زيلينسكي تقديم تنازلات

قال مسؤولان أميركيان، الأحد، إن الرئيس دونالد ترمب يريد أن يرى استعداداً من جانب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتقديم تنازلات، مثل التنازل عن أراضٍ لروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا روبيو في الكونغرس قبيل خطاب ترمب، في 4 مارس (أ.ب)

خيارات كييف تضيق أمام ضغوط واشنطن

بدا أن خيارات كييف والرئيس فولوديمير زيلينسكي تضيق، على الرغم من محاولته إعادة إصلاح علاقته بإدارة الرئيس دونالد ترمب. وبعد قرار وقف المساعدات العسكرية

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في أثناء حضوره الاجتماع بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض (إ.ب.أ) play-circle

من الهجوم على بوتين إلى انتقاد زيلينسكي... رحلة تحوّل وزير الخارجية الأميركي

يبدو أن صعود روبيو إلى قمة وزارة الخارجية أجبره على تبني مواقف ترمب والتخلي عن دعمه الموثق منذ فترة طويلة لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.