الرئيس الجزائري يطلق مشاورات سياسية حول التعديل الحكومي

بحث مع رؤساء الأحزاب الأزمة مع إسبانيا و«مسعى لم الشمل»

الرئيس تبون خلال استقباله سفيان جيلالي مساء أول من أمس (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس تبون خلال استقباله سفيان جيلالي مساء أول من أمس (الرئاسة الجزائرية)
TT

الرئيس الجزائري يطلق مشاورات سياسية حول التعديل الحكومي

الرئيس تبون خلال استقباله سفيان جيلالي مساء أول من أمس (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس تبون خلال استقباله سفيان جيلالي مساء أول من أمس (الرئاسة الجزائرية)

دعت الرئاسة الجزائرية الأحزاب التي لها تمثيل في البرلمان إلى عرض رؤيتها بخصوص ملفين سياسيين: تعديل حكومي يعتقد بأنه وشيك، ومسعى «لم الشمل والمصالحة»، كانت وكالة الأنباء الحكومية روجت له، القصد من ورائه إطلاق سراح معتقلي الحراك، ووقف المتابعات القضائية ضد نشطاء معارضين مقيمين بالخارج.
وفي هذا السياق، استقبل الرئيس تبون أول من أمس بمقر الرئاسة رئيس «حركة البناء الوطني» الإسلامية، عبد القادر بن قرينة، الذي وصف اللقاء بأنه «كان صادقا طرحنا خلاله العديد من الانشغالات، التي تحظى باهتمام الرئيس»، من دون تقديم تفاصيل. وكان يقصد، حسب مصادر مطلعة على المشاورات، عزم تبون على إحداث تغيير جزئي على حكومته، إضافة إلى «مسألة لم الشمل» التي تعني الأوضاع السياسية الداخلية في البلاد.
وأكد بن قرينة أن لقاءه بالرئيس «يندرج ضمن مسعى الحوار مع مختلف التشكيلات السياسية لتبادل وجهات النظر». مبرزا أنه «شكل فرصة لرئيس الجمهورية للتطرق لكل ما يدور في الجزائر ومحيطها الإقليمي، حيث تم التأكيد على ضرورة تمتين الجبهة الداخلية بوضع اليد في اليد لمواجهة التحديات». مشيرا إلى «العديد من الانشغالات التي تعتبر أساسية، لاسيما ما يتعلق بالاقتصاد وقطاع الزراعة، بالإضافة إلى أداء بعض القطاعات الحكومية». في إشارة، ضمنا، إلى ما سبق أن عبر عنه تبون بشأن «ضعف بعض الوزراء»، الذين يرتقب تنحيتهم، بذريعة أنهم «فشلوا في أداء مهامهم، ولم يتقيدوا بالتوجيهات في اجتماعات مجلس الوزراء».
ونقل بن قرينة عن الرئيس أنه يعتزم إطلاق «لجنة لدراسة ملف توجيه الدعم مباشرة لمستحقيه من المواطنين، يشمل أيضا الطبقة المتوسطة». ويقصد بذلك تدابير أعلن عنها تبون في وقت سابق لتخفيف وطأة ارتفاع أسعار السلع والخدمات، منها ما يشكل أساسا لغذاء العائلات محدودة الدخل. وتابع بن قرينة، وهو وزير سابق، موضحا أن حزبه «يقف مع كل ما من شأنه دعم استقرار وأمن الوطن، ودعم مؤسسات الدولة، ومواجهة كل من تسول له نفسه المساس بوحدة الشعب واستقرار وسيادة الوطن».
كما استقبل تبون في اليوم نفسه رئيس «جيل جديد» (نيو ليبرالي) سفيان جيلالي، الذي صرح بأن اللقاء «بحث عددا كبيرا من القضايا»، من دون توضيح ما هي. مبرزا أن الرئيس «شرح مواقف الدولة الجزائرية في كل الميادين، على غرار تسيير الشأن العام الاقتصادي، ووضع الإعلام ومحاربة الفساد». وقال إنه «حان الوقت لتبادل الرأي والدفاع عن وحدة الوطن، والمساهمة في بناء مجتمع ودولة وقوية». وحضر اللقاءين مدير ديوان برئاسة الجمهورية عبد العزيز خلف.
في سياق ذلك، أفادت مصادر مطلعة على الاستشارة السياسية بأن تبون تبادل مع بن قرينة وجيلالي مواقف الدولة من أزمة الغاز مع إسبانيا، وذلك على خلفية تغيير موقفها من نزاع الصحراء، والحرب في أوكرانيا والقمة العربية المرتقبة بداية نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل، وكذا الأوضاع في ليبيا ومالي وتونس.
وبحسب المصادر نفسها، فقد تم التطرق أيضا إلى «مسعى لم الشمل والمصالحة»، الذي نسبته وكالة الأنباء الرسمية للرئيس الأسبوع الماضي، من دون أن يعلن عنه بنفسه. ويتعلق الأمر، حسب توقعات الملاحظين، الإفراج عن عشرات المعتقلين المتابعين بتهم «المس بالوحدة الوطنية»، و«الضرر بالمصلحة والوطنية»، و«الإساءة لرموز الدولة». كما يتعلق بوقف المتابعات بحق ناشطين معارضين، يقيمون بدول أوروبية. ويعتقد أن «إجراءات التهدئة» سيتم اتخاذها عشية الاحتفالات بستينية الاستقلال (05 يوليو/تموز).
ويتوقع متتبعون أن تشمل الاستشارة الحزب الأول في البلاد «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي» (مواليان للرئيس)، و«حركة مجتمع السلم» الإسلامية المعارضة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.