السلطات الإسرائيلية تهدم مبنى سكنياً لعائلة فلسطينية في القدس الشرقية

خلال عملية هدم مبنى سكني لعائلة فلسطينية في بلدة سلوان جنوب القدس الشرقية (أ.ف.ب)
خلال عملية هدم مبنى سكني لعائلة فلسطينية في بلدة سلوان جنوب القدس الشرقية (أ.ف.ب)
TT

السلطات الإسرائيلية تهدم مبنى سكنياً لعائلة فلسطينية في القدس الشرقية

خلال عملية هدم مبنى سكني لعائلة فلسطينية في بلدة سلوان جنوب القدس الشرقية (أ.ف.ب)
خلال عملية هدم مبنى سكني لعائلة فلسطينية في بلدة سلوان جنوب القدس الشرقية (أ.ف.ب)

هدمت السلطات الإسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، عمارة سكنية لعائلة فلسطينية في بلدة سلوان جنوب القدس الشرقية المحتلة بدعوى البناء دون ترخيص؛ ما تسبب في تشريد 35 فرداً على ما أكدت العائلة.
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية هدم بناية عائلة الرجبي، وعدّت عملية الهدم «جريمة بشعة ونكراء... وجريمة حرب وضد الإنسانية» محملة الحكومة الاسرائيلية «المسؤولية الكاملة والمباشرة»، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال أحد سكان العمارة، ويدعى فارس الرجبي، إن «35 فرداً أصبحوا بلا مأوى، معظمهم من الأطفال».
وبحسب الرجبي؛ وصلت «طواقم البلدية الإسرائيلية الساعة التاسعة صباحاً. كسروا الأبواب وطردونا دون السماح لنا بأخذ حاجياتنا» من المبنى المكون من 3 طبقات تحتوي 5 شقق سكنية. وتابع أن العائلة وصل إليها «إنذار نهائي بالهدم خلال عيد الفطر، وحاولنا بكل الطرق الحؤول دون تنفيذه، ودفعنا 50 ألف شيقل (نحو 14.400 دولار أميركي) لكن دون جدوى» وتابع «المحكمة الأخيرة كانت صورية».
يضم المبنى أيضاً عدداً من المحال التجارية التي تعود للعائلة.
وأكد الرجبي الذي تحدث إلى وكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف بينما كانت تسمع أصوات آليات الهدم في الخلفية، أن المبنى قائم منذ عام 2000... «دفعنا نحو 300 ألف شيقل (نحو 87 ألف دولار أميركي) مخالفات للبلدية، بالإضافة إلى أتعاب المحامين والمهندسين وغيرها من التكاليف».
ورأى الرجبي (35 عاماً)؛ وهو أب لثلاثة أبناء وزوجته حامل، أن عملية الهدم جاءت بقرار «سياسي أكثر منه قانونياً. هم بالأصل لا يمنحوننا تصاريح، هذه سياسة تهجير وتطهير». وتساءل: «لماذا ألغت إسرائيل قرار هدم أحد المنازل الذي كان مملوكاً لفلسطينيين بعد أن تم نقل ملكيته للمستوطنين؟». وقال إن «الاحتلال يكيل بمكيالين»، مؤكداً أن «جميع أفراد العائلة أصبحوا بلا مأوى. أنا عامل، وحتى إن فكرت في استئجار منزل؛ فلن أتمكن من دفع الإيجار».
وذكرت «جمعية إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني» أن طواقمها تعاملت مع «5 إصابات بالاعتداء على أيدي قبل قوات الاحتلال؛ بينها إصابة لصحافية» خلال عملية الهدم التي شهدت صدامات.
وهدمت إسرائيل منذ بداية هذا العام نحو 40 منشأة تعود لفلسطينيين في القدس الشرقية؛ مما إدى إلى في تشرد نحو 100 شخص؛ وذلك وفقاً لـ«مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)».
ويلجأ عدد كبير من الفلسطينيين إلى بناء منازل أو محال تجارية وغيرها من المنشآت على أراضيهم في القدس الشرقية من دون الحصول على ترخيص من البلدية الإسرائيلية التي يتهمونها بالمماطلة في إعطاء التراخيص أو رفض إعطائها مطلقاً بحجج مختلفة. بينما تقول البلدية إن هذه الأبنية تفتقر الى معايير البناء القانونية.
ويقوم العديد منهم بهدم تلك المنازل إذا حال حصلوا على أمر بذلك من السلطات تجنباً لدفع تكاليف الهدم إذا ما نفذته البلدية.
ورغم خطر الهدم الماثل أمامهم باستمرار، فإن الفلسطينيين يتمسكون بالبناء على أمل أن يكونوا من بين القلائل الذين يحصلون على ترخيص.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.