تحذير من مخطط إسرائيلي لترحيل جسر الزرقاء الساحلية

TT

تحذير من مخطط إسرائيلي لترحيل جسر الزرقاء الساحلية

قامت مجموعة متطرفين يهود من العصابة التي تطلق على نفسها اسم «تدفيع الثمن» بأعمال تخريب في عشرات السيارات في بلدة جسر الزرقاء (البلدة الساحلية الوحيدة للعرب)، فجر أمس الاثنين، فيما أطلقت «اللجنة الشعبية في قرية جسر الزرقاء» نداء تستصرخ فيه المجتمع العربي للتحرك لمواجهة خطر ترحيل سكانها وتدمير بيوتها.
وقال شهود عيان إن «عدداً من أعضاء عصابات (تدفيع الثمن) اقتحموا الليلة (قبل) الماضية حارة آل نجار في المنطقة الجنوبية الغربية للبلدة، وثقبوا إطارات 40 مركبة في 3 مواقع في الحارة الجنوبية المتاخمة لقيساريا، وخطوا عبارة عنصرية على الجدران وهي: (استيقظوا أيها اليهود)».
وقال رئيس «اللجنة الشعبية في جسر الزرقاء»، سامي العلي، لوكالة الأنباء الفلسطنية الرسمية: «استيقظنا على عملية إرهابية تخريبية نفذتها عصابات (تدفيع الثمن) الاستيطانية المتطرفة، وقامت بثقب إطارات 40 مركبة، وخط عبارات عنصرية معادية للعرب». وأضاف: «هؤلاء المتطرفون هم والجمعيات الاستيطانية والحركات السياسية الدينية وأمثال بن غفير، يحاولون إشعال الشارع بتحريضهم ضد العرب ليلاً ونهاراً». وكانت كاميرات في الشوارع وبعض البيوت قد وثقت الاعتداء الذي قام به شباب اليمين المتطرف من عصابات «تدفيع الثمن»، في ساعات الفجر الأولى. ويظهر منها أن المعتدين قدموا إلى حارة آل نجار في المنطقة الجنوبية الغربية للبلدة، وثقبوا إطارات 40 سيارة وحطموا زجاج بعضها وكتبوا عبارات عنصرية على الجدران، مثل: (استيقظوا أيها اليهود) و(العرب قتلة ولا مكان لكم هنا). ووقعوا بختمهم المعروف (تدفيع الثمن) إلى جانب رسم لنجمة داود السداسية». وقال العلي إن «جسر الزرقاء شهد قبل سنتين اعتداءً غاشماً مماثلاً من قبل العصابات اليهودية المتطرفة والاستيطانية، واعتداءً قبل 3 سنوات. ونحن نشعر أن هذا الاعتداء تم بالارتباط بالأحداث في المسجد الأقصى والقدس والعمليات التي تنفذ في المدن الإسرائيلية؛ إذ إن هناك من يستغل الأحداث وما يرافقها من توتر، لكي ينفذ الأجندة المرسومة سلفاً للتخلص من جسر الزرقاء، التي تعدّ البلدة العربية الوحيدة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في إسرائيل».
المعروف أن عصابات «تدفيع الثمن» هذه تعمل منذ نحو 20 سنة ضد العرب؛ ففي كل مرة يتعرض فيها عرب بعمليات ضد يهود، يتحرك هؤلاء وينفذون أعمالاً انتقامية. وفي بعض الأحيان تكون اعتداءاتهم رداً على قيام الشرطة بلجمهم أو منع نشاطاتهم، فينتقمون أيضاً من العرب. وفي السنة الأخيرة نفذوا اعتداءاتهم واستهدفوا بها البيوت والممتلكات وكذلك أماكن العبادة؛ المساجد والكنائس، والمقابر الإسلامية والمسيحية. لكن «اللجنة الشعبية في جسر الزرقاء» تربط هذه الاعتداءات أيضاً بالمخطط الذي يؤكدون أن السلطات الإسرائيلية تعدّه لهم، وهو التخلص تماماً من القرية.
ويقول سامي العلي إن هذه البلدة «تعاني من إهمال طيلة 75 عاماً، منذ قيام إسرائيل، فكانت آخر بلدة عربية ترتبط بشبكة الكهرباء والمياه والمجاري، وما زالت تفتقر إلى المرافق الثقافية والشبابية، وتعاني من بطالة كبيرة، ونسبة فقر عالية، وانتشار آفة المخدرات. ومع أنها تعتمد في اقتصادها الداخلي على صيد الأسماك، فإن الصيادين فيها يتعرضون للتضييق الشديد، مما يجعل كثيرين منهم يفلسون. وقد بنت السلطات الإسرائيلية جداراً عازلاً بينها وبين مدينة قيسارية الثرية (التي يسكن فيها رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو)، ومنعوا تطورها من الشمال والشرق. ولا يعدّ هناك مجال لتوسعها وتطورها. لذلك يرى الأهالي في هذا الاعتداء الجديد جزءاً من مخطط الترحيل، ويناشدون الأهل التضامن معهم وصد مخطط التخلص منهم».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.