بنيت يرفض أي تدخل خارجي حيال الأقصى... و«الرئاسة» الفلسطينية ترد بأن «السيادة لنا»

المستوطنون ينفذون اقتحاماً جديداً على المسجد

الشرطة الإسرائيلية خلال اشتباكات مع الفلسطينيين بعد زيارة مجموعة من اليهود لمجمع الأقصى في البلدة القديمة بالقدس (أ.ف.ب)
الشرطة الإسرائيلية خلال اشتباكات مع الفلسطينيين بعد زيارة مجموعة من اليهود لمجمع الأقصى في البلدة القديمة بالقدس (أ.ف.ب)
TT

بنيت يرفض أي تدخل خارجي حيال الأقصى... و«الرئاسة» الفلسطينية ترد بأن «السيادة لنا»

الشرطة الإسرائيلية خلال اشتباكات مع الفلسطينيين بعد زيارة مجموعة من اليهود لمجمع الأقصى في البلدة القديمة بالقدس (أ.ف.ب)
الشرطة الإسرائيلية خلال اشتباكات مع الفلسطينيين بعد زيارة مجموعة من اليهود لمجمع الأقصى في البلدة القديمة بالقدس (أ.ف.ب)

تصاعدت حرب كلامية إسرائيلية - فلسطينية، حول السيادة على القدس والمسجد الأقصى في خضمّ تصاعد التوترات على الأرض. وخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، أمس، ليعلن في مستهل جلسة الحكومة الإسرائيلية، أنه «سيتم اتخاذ جميع القرارات بالنسبة لجبل الهيكل (الأقصى) ولأورشليم (القدس) من حكومة إسرائيل فقط، التي هي الجهة التي تملك السيادة على هذه المدينة، دون الاكتراث للاعتبارات الخارجية بتاتاً»، مضيفاً: «نرفض رفضاً قاطعاً أي تدخل خارجي في قرارات حكومة إسرائيل».
ويعد كلام بنيت ضرباً لاتفاق قديم مع الأردن ينص على رعايتها للمقدسات يُعرف باسم «الوضع القائم في المسجد» الذي لطالما قالت إسرائيل إنها لا تريد تغييره. وردّت الرئاسة الفلسطينية، بقولها: «إن قرار عصبة الأمم لعام 1930 حسب لجنة (شو) ينص على أن ملكية المسجد الأقصى المبارك وحائط البراق والساحة المقابلة له، تعود للمسلمين وحدهم».
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن «القدس الشرقية بمقدساتها الإسلامية والمسيحية هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين حسب قرارات الشرعية الدولية، والتي كان آخرها القرار رقم (2334) الذي أكد أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن جميع أشكال الاستيطان غير شرعية في جميع الأراضي الفلسطينية». وتابع أن «أي محاولات إسرائيلية لإضفاء شرعية على احتلالها لأراضي دولة فلسطين، بما فيها القدس الشرقية محاولات فاشلة». ورداً على تصريحات بنيت التي قال فيها إن إسرائيل تحترم جميع الأديان، قال أبو ردينة: «إن هذه التصريحات مضلِّلة وغير صحيحة، بدليل الاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى المبارك، والتضييق على المصلين في كنيسة القيامة خلال احتفالات الأعياد الأخيرة».
كما هاجم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حسين الشيخ، تصريحات بنيت، وعدّها ضرباً للشرعية الدولية بعرض الحائط وعدم اعتراف باليستاتسكو التاريخي وتجاوزاً للرعاية الهاشمية الأردنية للمقدسات في القدس. وجاءت تصريحات بنيت بعدما سمحت الشرطة الإسرائيلية لمستوطنين باقتحام المسجد، أمس، في الوقت الذي قيّدت فيه دخول الفلسطينيين إلى المسجد، في خطوة أخرى من شأنها إبقاء الأجواء المشحونة على حالها ورفع مستوى التوتر في المنطقة.
ودخل المستوطنون على شكل مجموعات إلى الأقصى من جهة باب المغاربة، تحت حماية مشددة من قبل الشرطة الإسرائيلية ونفّذوا جولات في باحاته تضمنت شروحات حول إعادة بناء «الهيكل»، ثم أدوا طقوساً يهودية وغادروا. وقبل ذلك منعت الشرطة الإسرائيلية مجموعة من الشبان والشابات من الوصول إلى الأقصى ما عزز مخاوف فلسطينية وأردنية من مسعى إسرائيلي لتقسيم زماني ومكاني في المسجد. وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، إن شرطة الاحتلال أبلغت مَن منعتهم من الدخول أن يعودوا عصراً للمسجد الأقصى، وكأنها تُحاول إبعاد الفلسطينيين عنه خلال فترات اقتحام المستوطنين الصباحية والمسائية. وأضافت: «من مُنعوا من دخول الأقصى اليوم، لم يصدر بحقهم أي أمر إبعاد ولم تفحص عناصر الشرطة ذلك، وكانت تسعى فقط لإبعاد الشبان والسيدات كي لا يتصدوا لأي اقتحام». ورداً على هذه الإجراءات انطلقت دعوات مقدسية من أجل شد الرحال للمسجد الأقصى والرباط فيه.
وكان الأقصى عنوان التوتر في الأسابيع القليلة الماضية، وبسببه شن الفلسطينيون هجمات أدت إلى مقتل 18 إسرائيلياً منذ نهاية مارس (آذار) الماضي، آخرها عملية قتل ثلاثة منهم في بلدة «إلعاد» قرب تل أبيب (الخميس)، والتي قادت كل التحقيقات إلى أن الأقصى هو المحرك الوحيد لمنفذيها. وكشفت الشرطة الإسرائيلية عن عثورها على وصية تركها أحد منفذي العملية، تلقي الضوء على المحرك وراء انخراط شباب فلسطينيين لا ينتمون إلى أي فصيل سياسي ولا تربطهم علاقة بنشاطات ما. وقال منفذ عملية إلعاد بوضوح، إنه خرج هو وصديقه إلى تنفيذ هذه العملية على خلفية المس بالحرم القدسي. وأضاف أنه مستعد للقتل والموت من أجل هذه القضية.
وأكدت الشرطة الإسرائيلية أن التحقيق مع منفذ عملية قتل حارس أمن مستوطنة أرئيل شمال الضفة الغربية التي نفّذت الأسبوع الماضي، كشفت عن صورة مشابهة تماماً، حيث كان دافعه الأساسي ما يحدث في القدس. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، إنه تبيّن أن التحريض الذي تمارسه حركة «حماس» قد نجح، وهو لا يقل خطورة عن أي هجوم مباشر. ويخشى الجيش من أن يؤدي ذلك إلى تأجيج الأوضاع في المنطقة.
لكنّ الخارجية الفلسطينية اتهمت إسرائيل بتصعيد الأوضاع. وقالت في بيان أمس (الأحد)، إن الحكومة الإسرائيلية تواصل تصعيد الأوضاع في ساحة الصراع للاختباء خلفه، هروباً من استحقاقات السلام ولكسب المزيد من الوقت لتنفيذ خريطة مصالحها الاستعمارية التوسعية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وكجزء لا يتجزأ من لعبة إدارة الصراع وإطالة أمده وليس حله. وحذرت الخارجية من أن تصعيد حكومة بنيت «يهدد بتفجير الأوضاع برمّتها، في تخريب متعمّد للجهود المبذولة لتهدئة الأوضاع».
ورأت أن بيانات الإدانة الشكلية الأممية أصبحت تشكّل غطاءً لتمادي دولة الاحتلال في استفرادها العنيف بالفلسطينيين، دون خوف من مساءلة أو محاسبة أو عقاب.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).