لبنانيو فرنسا بين الأمل بالتغيير والخوف من المراوحة

لبنانيون أمام مركز اقتراع في باريس أمس (الشرق الأوسط)
لبنانيون أمام مركز اقتراع في باريس أمس (الشرق الأوسط)
TT
20

لبنانيو فرنسا بين الأمل بالتغيير والخوف من المراوحة

لبنانيون أمام مركز اقتراع في باريس أمس (الشرق الأوسط)
لبنانيون أمام مركز اقتراع في باريس أمس (الشرق الأوسط)

بكَّر الناخبون من لبنانيي فرنسا في التوجه صباح أمس (الأحد) إلى مراكز الاقتراع التي نشطت السفارة اللبنانية بالتعاون مع السلطات الفرنسية، منذ أسابيع، لتوفيرها لغرض الاستحقاق الديمقراطي، وهو الثاني للبنانيي الانتشار بعد انتخابات عام 2018. ويشكل اللبنانيون أكبر كتلة ناخبة في أوروبا والثانية في العالم؛ حيث يبلغ عديدهم 27813 ناخباً مسجلاً، ما يجعلهم يحلون في الموقع الثاني عالمياً بعد الولايات المتحدة الأميركية (27982).
وأفادت مصادر السفارة اللبنانية بأن نسبة التصويت وصلت إلى 50 في المائة حتى الخامسة بتوقيت باريس، ورجحت أن تتخطى نسبة 60 في المائة، علماً بأن المراكز لم تقفل حتى الساعة العاشرة.
وكانت لافتة لدى الفرنسيين رؤية اللبنانيين في باريس والمدن الأخرى يقفون في الصف، كما أمام مقر بلدية الدائرة الـ15، ويحترمون شيئاً من النظام، وهم الذين اعتادوا الفوضى والاستذكاء. وأبدى فرنسوا -وهو مواطن فرنسي يقيم في الدائرة المذكورة؛ حيث أكبر تجمع للبنانيين في العاصمة- «انبهاره» بحرص اللبنانيين على الاقتراع، وهو ما رأى فيه -ربما- «رغبة جامحة» في المشاركة في تحديد مصير لبنان؛ لكنه اعترف في الوقت نفسه بأنه لا يعرف الكثير عن النظام السياسي اللبناني، ولا عن التغيرات التي ستفضي إليها انتخابات المقيمين والمغتربين على السواء.
وبالمقابل، فإن نادين -وهي مسؤولة مبيعات في إحدى العلامات التجارية وتقيم في مدينة فرساي؛ حيث وجود مركز للاقتراع- أبدت إعجابها بتدفق اللبنانيين على حيها للمشاركة في الانتخابات. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تعرف لبنان والمآسي التي تضربه، واهتراء الطبقة السياسية، ومع ذلك فإن اللبنانيين «لم يفقدوا الأمل باستعادة حياتهم السابقة»؛ لكنها سارعت لطرح السؤال العصي على الإجابة: «هل تعتقد أن شيئاً ما سيتغير بعد حصول الانتخابات؟».
منذ أن فُتحت مراكز الاقتراع الأربعين التي تضم 70 قلماً، بدأ توافد اللبنانيين. وما لاحظته «الشرق الأوسط» التي زارت ظهر أمس مركز الاقتراع في فرساي المعروفة بقصرها الشهير، أن هؤلاء توجهوا إليها مع عائلاتهم وليسوا فرادى. وقال سامي -وهو ناخب من قضاء الشوف- إنه أراد أن ترى كل عائلته (خمسة أفراد) «أن اللبنانيين ليسوا أقل إحساساً بالمسؤولية من الفرنسيين، لذا فقد اصطحبت معي زوجتي وكل أبنائي، ليروا ذلك بأنفسهم». وأضاف سامي -وهو مهندس إلكتروني في شركة فرنسية كبرى- أنه يأمل أن تكون هذه الجولة «بداية التغيير حتى لا يذهب هباء نزول مئات الآلاف من اللبنانيين إلى الشوارع، منذ خريف عام 2019 وانهيار البلاد وافتقار العباد» ولأن الجرح في لبنان ما زال نازفاً، حرص على أن تنقل «الشرق الأوسط» عن لسانه حرفياً: «اكتب أنني كنت من مؤيدي الحراك، وناشطاً في المجتمع المدني؛ لكن خيبتي كبيرة أن مرشحي هذا المجتمع أثبتوا عجزهم عن التفاهم فيما بينهم، وقد أضاعوا فرصة تاريخية، وبالتالي فإنهم يمكِّنون الطبقة السياسية التي أرادوا إزاحتها من البقاء في مكانها».
إذن، ما بين الأمل في التغيير والخوف من قدرة الطبقة السياسية المتحكمة برقاب اللبنانيين على إعادة إنتاج نفسها وفق النظريات السوسيولوجية المعروفة، يتأرجح لبنانيو فرنسا.
وسجلت «الشرق الأوسط» نسبة عالية من الشباب في مراكز الاقتراع، علماً بأن عدد اللبنانيين المسجلين على القوائم الانتخابية قد تضاعف ما بين عامي 2018 و2022، إذ أظهرت إحصاءات في بيروت مساء أمس، أن نسبة الاقتراع في فرنسا وصلت إلى 52.3 في المائة.
وثمة عوامل كثيرة ساهمت في ذلك، أولها الرغبة في التغيير؛ خصوصاً لدى الشباب، وثانيها النمو السكاني الطبيعي، وثالثها -ولعله العامل الأهم- هجرة أعداد كبيرة من الشباب في العامين الأخيرين، وتوجه نسبة مرتفعة منهم إلى فرنسا التي درج اللبنانيون على ارتيادها؛ إما لمتابعة تحصيلهم العلمي وإما للعمل. وبحسب أوساط السفارة اللبنانية، فإن الرأي استقر على إنشاء ما يسمى «ميغا سنتر»، أي مراكز اقتراع جامعة لكل الدوائر اللبنانية، ما يساهم في خفض أعداد المراكز؛ لكن بعض الناخبين اشتكى من حاجته لقطع مسافات طويلة للقيام بواجبه الانتخابي.
ثمة ميزة يتمتع بها الناخب المغترب عن الناخب المقيم. وقال سيرج -وهو طالب علوم صيدلية في سنته الثالثة- إنه تابع مع أفراد أسرته الجدل الانتخابي الدائر في لبنان منذ شهور؛ إلا أنه «لا يشعر» بأنه خاضع للضغوط النفسية التي تمارس على الناخب المقيم، ويعتبر أنه «كامل الحرية» في اختيار اللائحة التي يريد. ورغم «تسيسه»، فقد اعترف بأنه «لا يعي تماماً» دقائق القانون الانتخابي، وطبيعة الصوت التفضيلي، علماً بأنه «ينتخب لائحة وليس مرشحاً منها». ويطول الحديث مع سيرج لإفهامه بعض خصوصيات القانون اللبناني. وفي المحصلة، فإن ما يهمه هو أنه قام بواجبه، ونقطة على السطر.
نظراً لأهمية صوت المغترب ولموقع فرنسا، فقد كانت باريس وجهة مفضلة لممثلي الأحزاب الرئيسية، مثل: «القوات اللبنانية»، و«الكتائب»، و«الكتلة الوطنية»، وغيرها؛ بيد أن التواصل لم يكن حضورياً فقط، فقد عمد بعض المرشحين إلى إرسال اللائحة التي يوجد عليها، مع وضع إشارة مقابل صورته، من أجل الصوت التفضيلي، وهذا ما وصل إلى كاتب هذه السطور. كذلك عمد مرشحون آخرون لاستخدام وسائل التطبيقات الجماعية.
ولم تخلُ بعض المراكز من شكوى لطول فترة الانتظار خارج المكاتب، أو لأشخاص لا يعثرون على اسمهم في اللوائح «رغم أنهم تسجلوا في المهل المهددة» أو حتى من التلاسن الحاد بين مؤيدي أحزاب متناحرة. وهذه عادة لبنانية لن يتخلوا عنها في وقت قريب.



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.