السفن المتهالكة تهدد البيئة وحركة الملاحة في ميناء عدن

TT

السفن المتهالكة تهدد البيئة وحركة الملاحة في ميناء عدن

تمكن العاملون في ميناء عدن من تلافي كارثة بيئية جديدة كانت ستقع بسبب تحرك سفينة متهالكة متوقفة فيه منذ سبعة أعوام، حيث دفعتها الرياح الشديدة وكادت تصطدم بسفينة تفرغ حمولتها من الوقود في الميناء.
وبحسب شهود، فوجئ عمال الميناء منذ أيام بتحرك الباخرة المتهالكة (بيرل أثينا)، والمتوقفة منذ سنوات قبالة ميناء الزيت بمنطقة المرسى الخارجي، إثر تمزق حبالها نتيجة الرياح القوية ما دفعها إلى الهرولة نحو أرصفة الميناء وكادت تصطدم بسفينة أخرى تقوم بإفراغ شحنة من المشتقات النفطية لولا تحرك أحد المراكب ونجاحه في تغيير مسارها وسحبها بعيداً عن رصيف الميناء، مانعاً بذلك حدوث كارثة كبيرة، في حين يوجد نحو سبع سفن أخرى في منطقة المخطاف باتت تهدد بتوقف حركة الملاحة في الميناء وبكارثة بيئية.
هذه الحادثة أعادت التذكير بالكارثة البيئية التي وقعت في الميناء قبل عام تقريباً، حين غرقت سفينة لنقل المشتقات النفطية في الميناء نتيجة بقائها في منطقة المخطاف نحو ستة أعوام دون صيانة، وتبين الآن أن حطامها لم ينتشل، كما أن وعود مؤسسة الموانئ بالتخلص من نحو سبع سفن أخرى متهالكة لم تنفذ.
وفي حين يهدد بقاء هذه السفن بوقف حركة الملاحة في ميناء عدن، دفع ذلك وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية توفيق الشرجبي، إلى تجديد تحذيره من مخاطر بقاء السفن المتهالكة في ميناء عدن، وشدد على ضرورة إخراجها من الميناء ومحيطه بشكل عاجل، والعمل على تفكيكها.
ووجه الشرجبي «الهيئة العامة لحماية البيئة بسرعة العمل مع الجهات ذات العلاقة في هيئة النقل البحري ومؤسسة موانئ خليج عدن، للتخلص العاجل من السفن المتهالكة في منطقة رمي المخطاف في الميناء».
ونبه الوزير اليمني، خلال ورشة عمل عقدت في عدن حول «دور الغاز الحيوي في التنمية والتكيف مع التغيرات المناخية للمزارعين وسكان الأرياف»، إلى أن «استمرار بقاء هذه السفن في الميناء منذ ما قبل عام 2015 دون أن تخضع لأي عمليات صيانة أو تفريغ للمواد النفطية المخزنة في صهاريجها ومحركاتها يشكل مصدر تهديد بيئي خطير قد يؤدي إلى تدمير الموائل البحرية في خليج عدن وإعاقة حركة الملاحة في حال غرق هذه السفن المتهالكة أو بعضها».
وذكّر الشرجبي بالكارثة البيئية التي أحدثها جنوح ناقلة النفط «شامبيون» في ميناء المكلا عام 2013، كما ذكّر بأن حطام السفينة (ضياء 1) لم ينتشل من منطقة رمي المخطاف بميناء عدن منذ غرقها العام الماضي، مشدداً على «أهمية رفع قدرات الهيئة العامة لحماية البيئة للتكيف مع التغيرات المناخية، بالتعاون مع صندوق المناخ الأخضر والشركاء الدوليين الفاعلين».
ووفق مصادر ملاحية في عدن، فإنه منذ عام 2018 غرقت أربع سفن في ميناء عدن أغلبها من السفن المتهالكة المتوقفة منذ بداية الحرب، وهي مملوكة لشركات ملاحة محلية، ففي مطلع فبراير (شباط) عام 2018، غرقت سفينة النقل اليمنية (سام اليمن)، في مدخل ميناء عدن، بعد أن ظلت راسية لسنوات قبالة شواطئ البريقة بعد تعرضها لأعطاب أخرجتها عن الخدمة، مع أنها مملوكة لشركة مصافي عدن، وقد تسبب الحادث في تعطيل حركة السفن الكبيرة في مدخل الميناء الرئيسي في البلاد.
وفي منتصف عام 2021، غرقت ناقلة النفط (ضياء1)، وأعلن مدير مؤسسة موانئ عدن محمد امزربة، في بيان، أن الإدارة شرعت منذ الوهلة الأولى لغرق الباخرة بمحاولات عديدة لتعويمها وإزاحتها من موقعها، وأن إدارة الميناء لن تألو جهداً في مواصلة جهودها لتعويم السفينة وإزاحتها من موقعها رغم الظروف الجوية السيئة والإمكانات المتواضعة.
وعقب ذلك، أعلنت سلطات موانئ عدن سحب أربع سفن متهالكة إلى خارج القناة الرئيسية للميناء، وقالت إنها تستعد لسحب مجموعة أخرى من السفن المتهالكة ترابط في هذه المنطقة منذ سنوات عديدة، وتشكل خطراً على القناة الملاحية للميناء.
وقالت إنه تم البدء بسحب السفن «بيرل أوف أثينا» و«دوكن – 1» و«سيمفوني» و«نفط اليمن – 6»، حيث أكدت مصادر وجود أكثر من سبع سفن معظمها تعمل في مجال نقل المشتقات النفطية متوقفة في قناة الميناء منذ نحو ستة أعوام، وأنها سفن متهالكة ولم يتم إجراء أي صيانة لها طوال هذه السنوات، وأنها تشكل تهديداً فعلياً لحركة الملاحة في ميناء الحاويات وميناء المعلا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.