محامون سودانيون يحذرون من استخدام السلطات الأمنية «سلاحاً خطيراً» ضد المتظاهرين

محامون سودانيون يحذرون من استخدام السلطات الأمنية «سلاحاً خطيراً» ضد المتظاهرين
TT

محامون سودانيون يحذرون من استخدام السلطات الأمنية «سلاحاً خطيراً» ضد المتظاهرين

محامون سودانيون يحذرون من استخدام السلطات الأمنية «سلاحاً خطيراً» ضد المتظاهرين

اتهم «محامو الطوارئ» في السودان أجهزة الأمن باستخدام سلاح خطير في التصدي للاحتجاجات الشعبية المتواصلة منذ تولي الجيش السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
و«محامو الطوارئ» مجموعة من المحامين السودانيين المتطوعين يدافعون عن المعتقلين السياسيين ويراقبون حقوق الإنسان، وينشطون في الدفاع عن الحقوق القانونية والحريات العامة، منذ تولي الجيش السلطة في أكتوبر 2021.
وقالت المجموعة إن هذا السلاح يسبب كسوراً وتهشيماً للأعضاء الجسدية، كما اتهمت النيابة العامة بـ«التقصير في أداء القيام بسلطاتها، ويصل في بعض الأحيان إلى حد التستر على الانتهاكات الجسيمة، وأحداث القتل والاحتجاز غير المشروع الذي يتعرض له المتظاهرون السلميون».
وقالت المحامية رحاب مبارك، في مؤتمر صحافي بالخرطوم: محامو الطوارئ تقدموا بـ12 مذكرة للنائب العام «للاطلاع بمسؤولياته في البحث عن المعتقلين في السجون وحراسات الشرطة، لكن للأسف لم نجد استجابة منه».
وقالت مبارك: رصدنا في موكب 5 مايو (أيار) الحالي، استخدام سلاح معين لتكسير الأعضاء مثل الأيادي والأرجل، وهو نوع جديد يستخدم في مواجهة المتظاهرين في الخطوط الأمامية الذين يعملون على إرجاع عبوات الغاز المسيل للدموع في اتجاه القوات الأمنية، مضيفة قولها: «إننا نبحث لمعرفة نوع هذا السلاح واستخداماته».
وأوضحت أن أعداد المحتجزين في سجن «سوبا» بالخرطوم بلغ 27 معتقلاً، و29 في سجن «ربك» بولاية النيل الأبيض وسط السودان، و28 معتقلاً في سجن بورتسودان شرق البلاد، بالإضافة إلى معتقل واحد في سجن «دبك» شمال الخرطوم. وأضافت أن السلطات الأمنية أصبحت تلجأ إلى اختطاف المدنيين من الشوارع وحجزهم في أماكن غير معلومة، ويتعرضون فيها للضرب والتعذيب الشديد قبل ترحيلهم إلى أقسام الشرطة.
وأشارت المجموعة إلى أن أوامر التحفظ وتجديد الحبس للمعتقلين في السجون تتم دون محاكمة، وبتوجيه مباشر من حاكم ولاية الخرطوم، في انتهاك صريح للإجراءات القانونية. وأشارت إلى ممارسة الأجهزة الأمنية «الابتزاز العاطفي» مع الناشطين في قيادة الحراك الجماهيري ضد الحكم العسكري، بإلقاء القبض على أمهاتهم وآبائهم وإخوتهم، لإجبار النشطاء المختفين، على تسليم أنفسهم للسلطات.
ومن جانبها، كشفت «لجنة أطباء السودان المركزية»، وهي هيئة نقابية مستقلة، عن استخدام القوات الأمنية بندقية «الخرطوش» لتفريق الاحتجاجات السلمية، وهي سلاح آلي يطلق كميات من الحبيبات الحديدية الصلبة التي تؤدي إلى إصابات خطيرة، وتحتاج لجراحة معقدة لإزالتها من الجسم، وفي أغلب الأحيان تؤدي إلى الوفاة.
وعبرت المحامية سعاد عبد الكريم، في المؤتمر الصحافي، عن قلق المحامين للتحقيقات التي تجريها وحدة التحقيقات الفيدرالية مع المعتقلين، مشيرة إلى أن هذه الوحدة لا صلة لها بالنيابة العامة ولا بأي من أجهزة الدولة. وقالت: نواجه صعوبات كبيرة في تقديم الطلبات للفيدرالية لمعرفة أعداد المعتقلين ومباشرة الإجراءات القانونية.
وأوضحت أن بعض المعتقلين في مظاهرات 5 مايو الحالي «تعرضوا للتعذيب والضرب الشديد، ورأينا آثار الضرب والجروح على أجسادهم، وتم ترحيلهم للتحقيقات الجنائية دون تدوين أي بلاغات في مواجهتهم»، مشيرة إلى أن «الشرطة تتعنت في استخراج إجراءات الضمانة للمحتجزين، بجانب التعامل العنيف مع ذوي المعتقلين».
وقالت أيضاً المحامية نفيسة حجر، إن «الأجهزة العدلية تتستر علي مرتكبي الجرائم، إذ إن إطلاق الرصاص في المواكب مرهون بموافقة وكيل النيابة المصاحب للقوة الأمنية». وأضافت «أتهم النيابة العامة بالتستر على القتلة، وما يتم من قتل في المواكب يكون بعلم وكيل النيابة وهم شركاء في الجريمة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.