ازدياد المخاوف من تداعيات رفع أسعار الفائدة عالمياً

«المركزي» الأوروبي يستبعد ركوداً تضخمياً في منطقة اليورو

مع هياج التضخم تبدأ البنوك المركزية برفع الفائدة لتزيد فرص حدوث ركود تضخمي (أ.ف.ب)
مع هياج التضخم تبدأ البنوك المركزية برفع الفائدة لتزيد فرص حدوث ركود تضخمي (أ.ف.ب)
TT

ازدياد المخاوف من تداعيات رفع أسعار الفائدة عالمياً

مع هياج التضخم تبدأ البنوك المركزية برفع الفائدة لتزيد فرص حدوث ركود تضخمي (أ.ف.ب)
مع هياج التضخم تبدأ البنوك المركزية برفع الفائدة لتزيد فرص حدوث ركود تضخمي (أ.ف.ب)

ازدادت المخاوف من تداعيات رفع أسعار الفائدة التي بدأها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي مارس (آذار) الماضي بربع نقطة أساس، واستكملها يوم الأربعاء الماضي بنصف نقطة أخرى، في أكبر رفع منذ 22 عاماً، ليعقبها رفع للفائدة في دول أوروبية وخليجية وعربية.
غير أن رفع أسعار الفائدة، الإجراء الذي لا بد منه لكبح جماح التضخم، والذي جاء نتيجة الأموال الرخيصة التي صرفت للشعوب والهيئات والمؤسسات أثناء تفشي وباء «كورونا» للحفاظ على دورة رأس المال عالمياً، قد يؤدي في النهاية إلى ركود تضخمي، والتي تقل فيها معدلات النمو الاقتصادي، وتزيد فيها معدلات البطالة، بالتزامن مع التضخم المرتفع.
ومع هياج معدلات التضخم، قال الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي)، إنه سيبدأ تقليص حيازاته من السندات الشهر القادم كخطوة إضافية في معركته لخفض التضخم، مع تحذيرات من وزارة الخزانة الأميركية من الركود الاقتصادي.

- التضخم بمنطقة اليورو
وذكرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أن التضخم المصحوب بركود ليس النتيجة الاقتصادية الأكثر ترجيحاً في منطقة اليورو، رغم أن الحرب في أوكرانيا تبطئ النمو وتسرع وتيرة التضخم، بحسب وكالة «بلومبرغ».
وقالت لاغارد لصحيفة «ديلو» السلوفينية، في مقابلة نشرت أمس، السبت: «التضخم المصحوب بركود ليس السيناريو الأساسي في الوقت الحالي. في حين أن الغموض الكبير الاستثنائي يمكن أن يسبب تباطؤاً في النمو الاقتصادي المصحوب بتضخم مرتفع، ولا يمكن مقارنة الوضع الحالي بنظيره في حقبة سبعينات القرن الماضي».
وتواجه البنوك المركزية قوى متناقضة، فبينما يدفع الغزو الروسي الأسعار لأعلى، فإنه يضعف الثقة بين الشركات والأسر. ولا يزال مسؤولو البنك المركزي الأوروبي عاقدين العزم على المضي قدماً في تطبيع السياسة النقدية، بينما يتوقع كثيرون احتمالية حدوث أول زيادة لمعدل الفائدة في يوليو (تموز) المقبل.
وقالت لاغارد مجدداً، إنه بناء على البيانات المتوفرة، فمن المتوقع أن ينتهي صافي مشتريات الأصول «عند بداية الربع الثالث». وعند سؤالها بشأن معدلات الفائدة، ذكرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي أن المسؤولين سوف يبقون على «كل الخيارات مفتوحة» والتقدم تدريجياً.
يوافقها في الرأي فرانك إيلدرسون، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، بقوله إن البيانات الاقتصادية الضعيفة الراهنة لا تشير إلى أن الحرب الروسية ضد أوكرانيا دفعت اقتصاد منطقة اليورو إلى دائرة الركود.
وأوضح إيلدرسون عبر موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، أن «البيانات الاقتصادية الأضعف المقبلة لا تشير حتى الآن إلى أننا دخلنا حالة ركود، ونحن نتوقع تراجع معدل التضخم. كل ذلك يعتمد على كيفية تطور الحرب وتأثير العقوبات (المفروضة على روسيا). سنقرر الخطوة التالية بالنسبة لتطبيق سياستنا النقدية في يونيو (حزيران) المقبل».
وأضاف إيلدرسون أن «الحرب تؤثر بشدة على النشاط الاقتصادي؛ لكنها أيضاً ترفع معدل التضخم، نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة بشكل أساسي. على البنك المركزي الأوروبي التأكد من أن التضخم لن يؤثر على توقعات المستهلكين... نحن بالفعل نستخدم مجموعة واسعة من الأدوات لمعالجة الموقف، بما في ذلك المرونة المحتملة في إطار إعادة استثمار برنامج مشتريات السندات العاجل لمواجهة تداعيات الجائحة».
ارتفع التضخم في منطقة اليورو إلى 5.‏7 في المائة في شهر أبريل (نيسان) الماضي، مقارنة بمعدل تضخم بلغ 4.‏7 في المائة خلال شهر مارس الماضي.
وأوضحت وكالة الإحصاء الأوروبية (يوروستات) أن الزيادة في أسعار المستهلكين تعود بالأساس إلى ارتفاع تكاليف الطاقة الذي وصل إلى 38 في المائة خلال شهر أبريل الماضي، مقارنة بالشهر المماثل من العام الماضي.
ومن المتوقع أن تظل أسعار الطاقة مرتفعة في ظل التوترات بين الدول الأوروبية وروسيا بشأن الحرب في أوكرانيا، ورغبة الاتحاد الأوروبي في تقليل الاعتماد على النفط والغاز الروسي.
وأشارت «يوروستات» إلى أن أسعار المواد الغذائية والمشروبات الكحولية ومنتجات التبغ واصلت الارتفاع خلال شهر أبريل الماضي لتسجل 4.‏6 في المائة مقارنة بنسبة تضخم وصلت 5 في المائة في شهر مارس الماضي. وأضافت أن تكلفة السلع الصناعية غير المرتبطة بالطاقة سجلت ارتفاعاً بنسبة 8.‏3 في المائة، مقارنة بنسبة ارتفاع بلغت 4.‏3 في المائة خلال شهر مارس الماضي.

- دعوة أوروبية لبدء زيادة الفائدة
وقال بوستيان فاسيل، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، إنه سيكون من المناسب بدء زيادة سعر الفائدة الرئيسية لمنطقة اليورو عن مستوياته القياسية المنخفضة الحالية «قبل الصيف» المقبل.
وأضاف فاسيل، محافظ البنك المركزي السلوفيني: «نحن في مرحلة مختلفة من ديناميكيات التضخم. التضخم الآن ذو قاعدة واسعة... الوسيلة الوحيدة لمواجهته هي البدء في زيادة أسعار الفائدة».
يأتي ذلك بعد تصريحات أولي رين، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، والذي قال فيها إنه يتعين على البنك زيادة سعر الفائدة الأوروبية الأقل من صفر في المائة حالياً، خلال اجتماعه المقرر في يوليو المقبل.
وأضاف رين، محافظ البنك المركزي الفنلندي: «أعتقد أنها ستكون مبررة زيادة الفائدة على الإيداع بمقدار 25.‏0 نقطة مئوية، لتصل إلى صفر في المائة عندما يحل الخريف... بعد ذلك يمكن أن يستمر تطبيع السياسة النقدية تدريجياً وبطريقة استباقية».
كانت إيزابيل شنابل، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي قد قالت يوم الثلاثاء الماضي، إنها تتوقع موافقة مجلس محافظي البنك على زيادة سعر الفائدة في منطقة اليورو لكبح جماح التضخم خلال يوليو المقبل. وأضافت: «لا يكفي الكلام الآن، علينا أن نتحرك... من منظور اليوم أعتقد أن زيادة سعر الفائدة في يوليو المقبل ممكنة».


مقالات ذات صلة

بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

الاقتصاد بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)

بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

حذر بنك إنجلترا يوم الجمعة من أن زيادة الحواجز التجارية قد تؤثر سلباً على النمو العالمي وتزيد من حالة عدم اليقين بشأن التضخم مما قد يتسبب في تقلبات في الأسواق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ناقلة نفط يتم تحميلها في مصفاة رأس تنورة النفطية التابعة لـ«أرامكو السعودية» (رويترز)

شركات الطاقة السعودية تحقق 27.45 مليار دولار أرباحاً في الربع الثالث

حققت شركات الطاقة المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) أرباحاً بلغت نحو 102.94 مليار ريال سعودي (27.45 مليار دولار) خلال الربع الثالث من عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد فتاة تتفاعل مع تجمع الفلسطينيين لتلقي الطعام الذي تعده جمعية خيرية وسط أزمة الجوع (رويترز)

القضاء على الجوع هدف مؤجل إلى 2050 بسبب الحروب والصراعات والتغير المناخي

سيطرت السياسة على نقاشات قمة توفير الغذاء ومحاربة الجوع في أسبوع الغذاء العالمي الذي أقيم في العاصمة الإماراتية أبو ظبي.

هبة القدسي (أبوظبي)
الاقتصاد لاغارد تتحدث إلى الصحافيين عقب اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

لاغارد للقادة الأوروبيين: اشتروا المنتجات الأميركية لتجنب حرب تجارية مع ترمب

حثَّت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد القادة في أوروبا على التعاون مع ترمب بشأن التعريفات الجمركية وشراء المزيد من المنتجات المصنوعة في أميركا.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)

تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مع اقتراب اليورو من أسوأ شهر له منذ أوائل 2022، يحذر المحللون من أن التقلبات الحادة في العملة قد تصبح المصدر القادم لعدم الاستقرار بالأسواق العالمية.

«الشرق الأوسط» (لندن )

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

قال البنك المركزي الروسي إن مستويات أسعار النفط الحالية لا تشكل تهديداً لاستقرار الاقتصاد الروسي، لكنها قد تتحول إلى تحدٍّ خطير إذا انخفضت الأسعار دون الهدف الذي حُدد في الموازنة والذي يبلغ 60 دولاراً للبرميل.

وتشكل عائدات النفط والغاز نحو ثلث إيرادات الموازنة الروسية، وعلى الرغم من التوقعات بتراجع هذه النسبة في السنوات المقبلة، فإن إيرادات السلع الأساسية تظل تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الروسي، كما أن سعر النفط بالروبل يعد عنصراً مهماً في الحسابات المالية للموازنة.

ووفقاً لحسابات «رويترز»، فإن سعر مزيج النفط الروسي «أورال» في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) قد تجاوز السعر المُستخدم في حسابات موازنة الدولة لعام 2024، وذلك بفضل الانخفاض الحاد في قيمة الروبل. وأكد البنك المركزي أن سعر النفط «أورال» بلغ 66.9 دولار للبرميل بداية من 15 نوفمبر.

وفي مراجعته السنوية، قال البنك المركزي: «لا تشكل مستويات أسعار النفط الحالية أي مخاطر على الاستقرار المالي لروسيا»، لكنه حذر من أنه «إذا انخفضت الأسعار دون المستوى المستهدف في الموازنة، البالغ 60 دولاراً للبرميل، فإن ذلك قد يشكل تحديات للاقتصاد والأسواق المالية، بالنظر إلى الحصة الكبيرة التي تمثلها إيرادات النفط في الصادرات الروسية».

كما أشار البنك إلى أن روسيا قد خفضت إنتاجها من النفط بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 9.01 مليون برميل يومياً في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في إطار التزامها باتفاقات مجموعة «أوبك بلس». وأضاف أن الخصم في سعر النفط الروسي مقارنة بسعر المؤشر العالمي قد تقلص إلى 14 في المائة في أكتوبر، مقارنة بـ 16-19 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى مايو (أيار).

الإجراءات لدعم الروبل فعّالة

من جانبه، قال نائب محافظ البنك المركزي الروسي، فيليب جابونيا، إن البنك سيواصل اتباع سياسة سعر صرف الروبل العائم، مؤكداً أن التدابير التي اتخذها لدعم قيمة الروبل كافية وفعالة.

ووصل الروبل إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2022، إثر فرض أحدث جولة من العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي. وفي خطوة لدعم العملة الوطنية، تدخل البنك المركزي، وأوقف شراء العملات الأجنبية بداية من 28 نوفمبر.

وفي مؤتمر صحافي، صرح جابونيا: «نعتقد أن التدابير المتبعة حالياً كافية، ونحن نلاحظ وجود مؤشرات على أن الوضع بدأ في الاستقرار». وأضاف: «إذا كانت التقلبات قصيرة الأجل الناجمة عن مشكلات الدفع تشكل تهديداً للاستقرار المالي، فنحن نمتلك مجموعة من الأدوات الفعّالة للتعامل مع هذا الوضع».

وأكد جابونيا أن سعر الفائدة القياسي المرتفع، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، يسهم في دعم الروبل، من خلال تعزيز جاذبية الأصول المقومة بالروبل، وتهدئة الطلب على الواردات.

وكانت أحدث العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي قد استهدفت «غازبروم بنك»، الذي يتولى مدفوعات التجارة الروسية مع أوروبا، ويعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في السوق المحلية. وقد أدت هذه العقوبات إلى نقص حاد في سوق العملات الأجنبية الروسية، ما تَسَبَّبَ في حالة من الهلع واندفاع المستثمرين نحو شراء العملات الأجنبية. ورغم هذه التحديات، أصر المسؤولون الروس على أنه لا توجد أسباب جوهرية وراء تراجع قيمة الروبل.

النظام المصرفي يتمتع بمرونة عالية

وفي مراجعة للاستقرار المالي، يوم الجمعة، قال المركزي الروسي إن الشركات الصغيرة فقط هي التي تواجه مشكلات في الديون في الوقت الحالي، في وقت يشكو فيه بعض الشركات من تكاليف الاقتراض المرتفعة للغاية مع بلوغ أسعار الفائدة 21 في المائة.

وأضاف أن نمو المخاطر الائتمانية قد أدى إلى انخفاض طفيف في نسبة كفاية رأس المال للبنوك الروسية في الربعين الثاني والثالث، لكنه وصف القطاع المصرفي بأنه يتمتع بمرونة عالية. كما نصح البنوك بإجراء اختبارات ضغط عند تطوير منتجات القروض، بما في ذلك سيناريوهات تتضمن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترات طويلة.