انتخابات لبنان: البقاع الغربي بين انقسام «14 آذار» واشتباك يحاصر «8 آذار»

TT

انتخابات لبنان: البقاع الغربي بين انقسام «14 آذار» واشتباك يحاصر «8 آذار»

تشهد دائرة البقاع الغربي - راشيا واحدة من أعنف المعارك الانتخابية، كون المبارزة تدور داخل اللائحة الواحدة، وهذا ينسحب على لائحة تحالف قوى «8 آذار» وحركة «أمل» و«التيار الوطني الحر»، تحديداً بين نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي المحسوب على رئيس البرلمان نبيه بري، وبين المرشح الماروني المدعوم من النائب جبران باسيل، ما يشكل إحراجاً لـ«حزب الله» الذي يتموضع في منتصف الطريق بين حليفه بري وشريكه في ورقة التفاهم باسيل، الذي ينظر إلى تحالفاته الانتخابية على أنها تبقى في حدود دمج الأصوات.
وينسحب الاشتباك الانتخابي في البقاع الغربي على قوى «14 آذار» سابقاً، مع فارق يعود إلى توزعهم على لائحتين؛ الأولى تضم النائب محمد القرعاوي الذي يدور في فلك الحريرية السياسية والنائب في الحزب «التقدمي الاشتراكي» وائل أبو فاعور، ومرشحين مستقلين هم الأرثوذكسي غسان سكاف، والماروني جهاد الزرزور، والشيعي عباس عيدي، والسني مرشح «الجماعة الإسلامية» علي أبو ياسين، فيما تضم اللائحة المدعومة من حزب «القوات اللبنانية»، وهي غير مكتملة الماروني داني خاطر، والأرثوذكسي جورج عبود، والشيعية غنوة أسعد، بعد انسحاب المرشح السني خالد عسكر منها.
ولم تنجح محاولات رأب الصدع الانتخابي بين هاتين اللائحتين اللتين تضمان مرشحين من رحم قوى «14 آذار» سابقاً، وانتهت المفاوضات التي جرت في جولات عدة إلى توزعهما على لائحتين؛ الأولى مكتملة برئاسة القرعاوي والثانية ناقصة بغياب المرشح الدرزي والسني الثاني عنها، وقررتا الدخول في مبارزة انتخابية، والجديد فيها أنها تسجل علامة فارقة بافتراق «التقدمي» من التحالف مع «القوات»، بخلاف تحالفهما في الدوائر الأخرى، تحديداً في جبل لبنان.
ويتبادل الفريقان اللوم بلجوء فريق إلى رمي المسؤولية على الآخر، ما أدى إلى تعذر تموضع قوى «14 آذار» سابقاً في لائحة موحدة في مواجهة لائحة قوى «8 آذار» وحركة «أمل» و«التيار الوطني» وآخرين، التي تضم إضافة إلى مراد والفرزلي ومارون، قبلان قبلان والوريث لشقيقه النائب السابق فيصل الداود المرشح الدرزي طارق الداود، ويُترك المقعد السني الثاني شاغراً استجابة لرغبة مراد، إضافة إلى اللوائح المدعومة من الحراك المدني، أبرزها لائحة «سهلنا والجبل».
ويصر حزب «القوات» على خوض المعركة ليس بهدف إثبات وجوده في البقاع الغربي، كما تقول مصادره، وإنما لأن لديه حظوظاً في إيصال مرشحه الماروني خاطر إلى الندوة البرلمانية بتأمين الحاصل الانتخابي له الذي يؤمن فوزه بخلاف رأي حلفائه في اللائحة المنافسة الذين يؤكدون، حسب مصادرهم، أن هناك مبالغة في تقدير حليفهم، أي حزب «القوات» لحجمه الانتخابي، ويجزمون بأن استبعاد خاطر من اللائحة يعود إلى ضرورة مراعاتهم للأجواء السائدة داخل جمهور الحريرية السياسية، الذي لا يحبذ التعاون مع «القوات» التي تحمل بدورها مسؤولية استبعادها للنائب القرعاوي.
أما على صعيد الاشتباك الدائر بين بري وباسيل، مع أن مرشحيهما هما على لائحة واحدة بخلاف الحرب الدائرة بينهما على محور دائرة جزين - صيدا، بعد أن استعصى على «حزب الله» جمع حليفيه في لائحة واحدة، فإن باسيل هو من بادر إلى إطلاق النار على الفرزلي من دون أن يسميه، برغم أنه يدرك سلفاً تحالفه اللصيق برئيس المجلس النيابي.
فباسيل لم يتردد في شن هجوم غير مباشر على الفرزلي، واصفاً إياه بالمتزلف وبناكر الجميل، ما اضطر الفرزلي للرد عليه وإنما على طريقته، وكان باسيل في غنى عن فتح معركة جانبية في عقر دار الفرزلي في البقاع الغربي، برغم أن مصادر محسوبة على لائحة مراد كانت قد نصحته بتأجيل زيارته إلى المنطقة وعدم توقيت حصولها مع حلول عيد الفطر، لأن وجوده يشكل استفزازاً للسواد الأعظم في هذه الدائرة، بالأخص للشارع السني الذي يتمتع بثقل انتخابي فيها.
ويتردد أن باسيل يستقوي بمراد في هجومه غير المباشر على الفرزلي لانعدام الكيمياء السياسية بينهما، وإن كان رضخ لشروط «أمل» التي ربطت تحالفها مع مراد بضم الفرزلي إلى اللائحة، وكانت قد اعترضت على ضم مرشح باسيل للائحة، لكن الرئيس بري مراعاة منه لحليفه «حزب الله» وافق على إلحاقه بها استجابة لرغبة أمينه العام حسن نصر الله، بعد أن أوكل إليه باسيل أمره وتمنى عليه التدخل.
لذلك، فإن هجوم باسيل على الفرزلي هو الوجه الآخر لخلافه مع بري، وهذا ما يشكل إحراجاً لـ«حزب الله»، لأن عليه أن يختار بين حليفيه «اللدودين»، وكان يتمنى، حسب مصادره، على باسيل أن يلوذ بالصمت بدلاً من أن يدخل في معارك جانبية ستكون لها مفاعيلها السياسية السلبية داخل البيت الواحد.
فـ«حزب الله» انطلاقاً من تحالفه الاستراتيجي مع بري بات ملزماً بدعم مرشح «أمل» في الدوائر الانتخابية التي لا يوجد فيها مرشح للحزب، وهذا ما يُلزمه بعدم تهريب الأصوات لصالح مرشح «التيار الوطني»، خصوصاً أن المواجهة لم تعد تقتصر على اشتباك الفرزلي مع باسيل، بل تجاوزته إلى حرب مفتوحة بين باسيل وبين الرئيس بري.
ويسعى باسيل جاهداً لشن حرب إلغاء سياسية ضد الفرزلي، مع أنه يدرك عواقبها على خلفية تمرده على رئيس الجمهورية ميشال عون، وخروجه من كتلته النيابية، وهو يصوب منذ الآن للاقتصاص منه لعله يقطع عليه الطريق للعودة إلى البرلمان إفساحاً في المجال أمام انتخاب النائب إلياس بو صعب، في حال فوزه نائباً لرئيس البرلمان، على الرغم من أنه يدرك سلفاً أن مخططه لن يمر لأنه يعرف ماذا يعني الفرزلي لبري!
وتبدو اللوحة الانتخابية في البقاع الغربي غيرها في الدوائر الأخرى، وذلك لتعدد المنافسات ولانخراط أهل البيت الواحد في «حروب» ليست محصورة في الحصول على الصوت التفضيلي فحسب، وإنما في إلغاء حليف لآخر في اللائحة الواحدة، كحال محور «الممانعة» المتمثل بلائحة مراد، أو في توزع الحلفاء على لائحتين، ما يؤدي إلى استنزاف ما تبقى من قوى «14 آذار» سابقاً.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.