الاقتراع للمجالس المحلية في المملكة المتحدة هو أول اختبار انتخابي لرئيس الوزراء بوريس جونسون منذ أن أصبح أول زعيم بريطاني في الذاكرة الحية يدان قانونيا أثناء وجوده في منصبه، بعد أن تم التحقيق معه من قبل جهاز الشرطة وتغريمه الشهر الماضي بسبب حضوره حفل عيد ميلاد في مكتبه في عام 2020، بما يخالف قواعد التباعد الاجتماعي المعمول بها آنذاك للحد من انتشار كوفيد-19. وأظهرت نتائج مبكرة أمس الجمعة أن حزب المحافظين الذي يتزعمه جونسون فقد الهيمنة على معاقله التقليدية في لندن وتكبد خسائر في أماكن أخرى في الانتخابات المحلية، إذ عاقب الناخبون حكومته بسبب سلسلة من الفضائح. ففي لندن، فازت المعارضة العمالية بمجلس ويستمنستر الذي هيمن عليه المحافظون منذ إنشائه في 1964، وبمجلس بارنيت في شمال لندن ومجلس واندزوورث في جنوب العاصمة و«المفضل» لرئيسة الوزراء الراحلة مارغريت تاتشر. ورحب رئيس بلدية لندن العمالي صادق خان بالنتائج معتبرا أنها نصر «تاريخي». كما فاز حزب العمال بساوثامبتون في جنوب إنجلترا. لكن خارج العاصمة حقق الحزب كما يبدو من النتائج حتى الآن، مكاسب محدودة بينما يبدو جيداً أداء أحزاب أصغر مثل الليبراليين الديموقراطيين ودعاة حماية البيئة (الخضر).
وقال دانيال توماس، رئيس مجلس بارنت من حزب المحافظين، كما جاء في تقرير رويترز: «هذه إشارة تحذير من الناخبين المحافظين». وستقدم النتيجة النهائية المقرر أن تتضح معالمها اليوم أهم صورة للرأي العام منذ فوز جونسون بأكبر أغلبية لحزب المحافظين في أكثر من 30 عاما في الانتخابات العامة عام 2019. وقلب جونسون السياسة البريطانية التقليدية بفوزه في الانتخابات العامة لعام 2019 وتعهد بعدها بتحسين مستويات المعيشة في المناطق الصناعية السابقة في وسط وشمال إنجلترا. لكن خسارة واندزوورث وبارنت ووستمنستر دلالة على الطريقة التي فقد بها جونسون شعبيته في العاصمة بعدما فاز بولايتين كرئيس لبلدية لندن. وأفقده تأييده لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الدعم في لندن، حيث أيد غالبية الناخبين البقاء في التكتل في استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016. وقد نجا جونسون (57 عاما) حتى الآن من العاصفة، مشددا على دوره الرائد في تقديم دعم غربي لأوكرانيا. وهو يؤكد أنه مصمم على البقاء في السلطة وقيادة المعركة للانتخابات التشريعية المقبلة في 2024.
ويأمل حزب العمال المعارض الاستفادة من نقاط ضعفه وإن كان زعيم الحزب المعارض نفسه كير ستارمر (59 عاما) متهما بمخالفة القواعد الصحية بسبب تناوله المأكولات والمشروبات مع فريق عمله العام الماضي.
وفي باقي الدوائر المحلية خارج العاصمة، خسر المحافظون السيطرة الكاملة على عدة مجالس. لكن أداء الحزب لم يكن بالسوء الذي توقعته بعض استطلاعات الرأي. وتوقع أحدها في الفترة التي سبقت الانتخابات أن يخسر المحافظون حوالي 800 مقعد في المجالس المحلية. وقال جون كيرتس أستاذ العلوم السياسية في جامعة ستراثكلايد إن الاتجاهات المبكرة تشير إلى أن المحافظين في طريقهم لخسارة نحو 250 مقعدا. وأضاف أن النتائج لا تشير إلى أن حزب العمال سيكون أكبر حزب في الانتخابات المقبلة. ومع هذا، دعا بعض المحافظين من رؤساء المجالس المحلية جونسون إلى الاستقالة بعد الأداء السيئ وألقوا باللوم عليه في ذلك بعد فرض غرامات عليه ولطريقة إدارته لأزمة غلاء المعيشة.
على الرغم من أن هذه الانتخابات التي نظمت الخميس تطغى عليها تقليديا قضايا محلية وتشهد نسبة مشاركة ضئيلة، يفترض أن تسمح بتحديد حجم الضرر الناجم عن فضيحة الحفلات خلال فترة الحجر (بارتي غيت) التي فرضت غرامة على جونسون بسببها. ويواجه المحافظون وهم في السلطة منذ 12 عاما انتقادات بسبب عدم توفير دعم كافٍ للأسر التي يخنقها التضخم الذي سيتجاوز هذا العام 10 بالمئة حسب البنك المركزي. وفي تغريدة على تويتر، وصف غافين بارويل، كبير الموظفين في عهد رئيسة الوزراء المحافظة السابقة تيريزا ماي، بـ«الكارثية» خسارة واندزوورث وويستمنستر واعتبر أنها «إنذار». وحاول رئيس حزب المحافظين أوليفر داودن التخفيف من خطورة هذه «النتائج الصعبة» مشيرا إلى أنها جاءت كما يتوقع عادة في انتخابات منتصف الولاية. ويمكن أن تدفع هذه النتيجة السيئة بعض نواب الأغلبية المحافظة في البرلمان إلى سحب ثقتهم في بوريس جونسون. لكن زعيم الحزب قال لشبكة سكاي نيوز إن على المحافظين إبقاءه في السلطة.
وستقرر الانتخابات، التي ستعلن نتائجها كاملة اليوم، مصير ما يقرب من 7000 مقعد في المجالس المحلية، بما في ذلك جميع المقاعد في لندن واسكتلندا وويلز، وثلث المقاعد في معظم بقية أنحاء إنجلترا. وستؤدي خسارة المجالس الرئيسية في لندن، حيث تم القضاء على المحافظين تقريبا، إلى زيادة الضغط على جونسون الذي يواجه احتمال فرض الشرطة لمزيد من الغرامات عليه بسبب حضوره تجمعات أخرى في مخالفة لقواعد الإغلاق. حتى الآن، أعلنت نتائج الاقتراع لثلث المجالس المحلية البالغ عددها مائتين.
ويبدأ لاحقاً فرز الأصوات في اسكتلندا وويلز، فيما بدأ في إيرلندا الشمالية حيث تهدف الانتخابات إلى تجديد البرلمان المحلي (ستورمونت) الذي يضم تسعين نائبا. ويتوقع احتساب الأصوات وفق النظام المعقد في المقاطعة ويفترض أن يتواصل اليوم السبت وربما بعد ذلك. ويلوح في الأفق زلزال سياسي، إذ إن استطلاعات الرأي ترجح تقدم حزب الشين فين في البرلمان المحلي للمرة الأولى منذ مائة عام من تاريخ المقاطعة البريطانية التي تشهد توترا منذ خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي (بريكست). وسيدفع انتصار الشين فين، الواجهة السياسية السابقة للمنظمة شبه العسكرية الجيش الجمهوري الأيرلندي، نائبة رئيس هذا الحزب ميشيل أونيل إلى رئاسة الحكومة المحلية التي سيشترك القوميون والنقابيون في قيادتها بموجب اتفاق السلام لعام 1998. وقد يؤدي انتصار الشين فين الذي يدعو إلى إعادة الوحدة مع جمهورية أيرلندا، إلى إطلاق عملية إعادة تعريف للمملكة المتحدة. ويمكن أن يؤدي أيضا إلى شلل سياسي. بعد التصويت في بلفاست الخميس، كرر زعيم الحزب الديموقراطي الوحدوي جيفري دونالدسون أن حزبه سيرفض المشاركة في أي منصب جديد في السلطة التنفيذية ما لم تعلق الحكومة البريطانية الوضع الخاص للمقاطعة منذ بريكست الذي يقول الموالون للعرش البريطاني إنه يقوض الروابط مع بقية المملكة المتحدة.
هزيمة انتخابية لحزب رئيس الوزراء البريطاني وسط فضائح أضعفت موقعه
تتزامن مع انتخابات تشريعية «تاريخية» في آيرلندا الشمالية قد تعيد تعريف المملكة المتحدة
هزيمة انتخابية لحزب رئيس الوزراء البريطاني وسط فضائح أضعفت موقعه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة