الجيش اللبناني يقصف تحركات المسلحين في جرود عرسال لمنع محاولات التسلل

تقديرات بانتشار 1500 مسلح من المعارضة السورية في التلال الحدودية

الجيش اللبناني يقصف تحركات المسلحين في جرود عرسال لمنع محاولات التسلل
TT

الجيش اللبناني يقصف تحركات المسلحين في جرود عرسال لمنع محاولات التسلل

الجيش اللبناني يقصف تحركات المسلحين في جرود عرسال لمنع محاولات التسلل

قصف الجيش اللبناني، أمس، مواقع وتحركات المسلحين بالأسلحة الصاروخية والمدفعية الثقيلة في جرود بلدة عرسال في وادي البقاع شرق لبنان، وأوقع قتلى وجرحى في صفوفهم، بينما تشير التقديرات إلى أن 1500 مقاتل من مقاتلي المعارضة السورية، أعادوا انتشارهم في المنطقة الممتدة من فليطا وجرودها، إلى جرود عرسال اللبنانية ومرطبيا وجرودها المتصلة بجرود بلدة قارة السورية في شمال ريف دمشق المحاذي لريف حمص.
وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية أن الجيش اللبناني قصف منطقتي المصيدة وضهر الجبل في جرود بلدة عرسال بالأسلحة الصاروخية والمدفعية الثقيلة، بهدف منع التسلسل إلى الأراضي اللبنانية، مشيرة إلى أن القصف «أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المسلحين، نقلوا إثرها إلى المستشفيات الميدانية في منطقة الملاهي في جرود البلدة». ويعمل الجيش على استهداف تحركات المسلحين في جرود عرسال وجرود البقاع الشمالي، عبر مرابض مدفعية من عيار 130 و155 ملليمترا، خشية تقدمهم إلى عمق الأراضي اللبنانية، ومنعًا لأي محاولات تسلل مشتبهة في تلك المنطقة الحدودية.
ويأتي هذا النشاط العسكري للجيش اللبناني الذي عزز مواقعه في المنطقة الحدودية مع سوريا، بالتزامن مع معارك القلمون بين مقاتلي حزب الله اللبناني والقوات النظامية السورية من جهة، ومقاتلي المعارضة السورية، وأبرزهم «جيش الفتح» و«جبهة النصرة». وإثر تلك المعارك، تحرك المقاتلون السوريون باتجاه التلال الحدودية مع لبنان، بعد إحراز حزب الله تقدمًا في المنطقة.
وتشير تقديرات مصادر لبنانية مطلعة، إلى أن 1500 مقاتل من المعارضة، إضافة إلى نحو 200 مقاتل من تنظيم داعش، ينتشرون في الجرود الممتدة من جرود عرسال اللبنانية، وصولاً إلى ريف حمص الجنوبي، على مساحة تتخطى الـ40 كيلومترًا مربعًا، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن المقاتلين «انسحبوا من جرود نحلة ويونين اللبنانية بفعل المعارك، ويتركز وجودهم في المنطقة الجردية اللبنانية التابعة لعرسال ورأس بعلبك، وتتصل من عرسال إلى جرود فليطا السورية، فيما تتصل من رأس بعلبك في البقاع الشمالي بجرود النعيمات والقاع وحسيا السورية، حتى ريف القصير المتصل بجرود قارة السورية الواقعة في أقصى شمال ريف دمشق».
في غضون ذلك، أعلنت قيادة الجيش - مديرية التوجيه، أن دورية من مديرية المخابرات أوقفت، يوم أمس، في محلة بر الياس، السوري يعرب عبد العزيز الفرج (الملقب بـ«يعرب أبو جبل»)، والمطلوب لانتمائه إلى مجموعات إرهابية، ولمشاركته بالقتال في صفوفها. وكان الموقوف قد انتقل من عرسال إلى أحد المخيمات في البقاع، مستعملاً هوية مزوّرة باسم أحد السوريين الموجودين حاليًا في عرسال.
وقد اعترف المدعو الفرج بانتمائه إلى كتائب الفاروق ومجموعة أحمد زكريا سيف الدين، واشتراكه مع آخرين بتشكيل مجموعة مسلّحة قامت بعمليات عسكرية على الأراضي اللبنانية. كما اعترف بقيامه بتهريب كميات كبيرة من الأسلحة لصالح المسلحين في جرود عرسال، وبتعاطي الحبوب المخدّرة وتجارتها، وبأنه يحظى بحماية أحد رجال الدين الذي أمّن له مسكنًا وعملاً في إحدى الجمعيات في محلة بر الياس وقدّم له الرعاية والمساعدة اللوجيستية.
وأشارت قيادة الجيش إلى أن التحقيقات مع الموقوف تستمر بإشراف القضاء المختص لكشف العمليات التي كان يخطط لها في الداخل اللبناني، كما تجري ملاحقة المتورّطين معه.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم