«الواقع الافتراضي» لتخفيف الآلام المزمنة

خبراء أميركيون يطورون بيئة افتراضية تساعد في علاج المرضى

«الواقع الافتراضي» لتخفيف الآلام المزمنة
TT

«الواقع الافتراضي» لتخفيف الآلام المزمنة

«الواقع الافتراضي» لتخفيف الآلام المزمنة

ربما سيكون للواقع الافتراضي القدرة على أن يصبح جزءاً منتظماً من خطتك العلاجية.
تخفيف آلام الظهر
أحدث أدوات المساعدة في تخفيف الألم المزمن، تبدو وكأنها لعبة من ألعاب الفيديو التي يلهو بها أحفادك. إنها أداة من أدوات الواقع الافتراضي (virtual reality). التي تتمتع ببيئة ثلاثية الأبعاد استحدثت من خلال الكومبيوتر يمكنك رؤيتها باستخدام نظارات خاصة، وتعتبر علاجا واعدا.
في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2021 اعتمدت «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» وصفة طبية لجهاز الواقع الافتراضي للاستخدام المنزلي للمساعدة في تخفيف آلام أسفل الظهر المزمنة. ودرس «مستشفى سبولدينغ لإعادة التأهيل» Spaulding Rehabilitation Hospital التابع لجامعة هارفارد الواقع الافتراضي لبضع سنوات حتى الآن لمعرفة ما إذا كان هذا النهج لديه القدرة على إدارة أي نوع من الألم المزمن.
في هذا السياق، قال الدكتور ديفيد بيندر، طبيب فيزيائي ومدير الابتكار في مستشفى سبولدينغ لإعادة التأهيل «في الماضي، كان الكثير من مقدمي الخدمة يستخدمون المواد التي تحتوي على أدوية من المواد الأفيونية كطريقة لعلاج الألم المزمن. وكما بات واضحا في السنوات الأخيرة، فإن المواد الأفيونية لها جوانبها السلبية، لذلك فإن مقدمي تلك الخدمات يتوقون لاستحداث علاجات بديلة. ولهذا السبب، هناك اهتمام متزايد بهذه التكنولوجيا، وهذا هو سبب دراستنا لها».
الواقع الافتراضي
* تقنية الواقع الافتراضي. تقنية غامرة تجعلك تشعر منغمسا كما لو كنت في عالم آخر. فأثناء الجلوس بشكل مريح، ما عليك سوى ارتداء سماعة رأس ونظارات خاصة VR تمنحك رؤية بزاوية 360 درجة، لبيئة افتراضية. يمكنك النظر في أي مكان في المساحة الافتراضية - أعلى أو أسفل أو يسار أو يمين أو للوراء - ويمكنك سماع الأصوات من مكبرات الصوت في سماعة الرأس أو سماعات الرأس.
في لعبة الفيديو، قد ترتدي سماعة رأس VR لكي تركب في قطار ملاهٍ أفعواني افتراضي. سترى المسار الذي أمامك، والمتنزه على الجانبين، والسماء في الأعلى. وستشعر بالإثارة عندما ترى مركبتك في القطار تنطلق إلى الأمام أو تلتف أو تنعطف - كل ذلك أثناء سماع قعقعة المركبة على المسار وصيحات الراكبين الآخرين.
* تخفيف الألم المزمن. لتقليل الألم المزمن، لا يُقصد بالواقع الافتراضي أن يثيرك، بل يهدئك نظرا لأن البيئات الافتراضية تعرض إعدادات طبيعية هادئة كأن ترى حولك حقلا عشبيا وفوقه سماء زرقاء لامعة، ونهرا يجري في مكان قريب. قد تسمع أصواتا مثل زقزقة الطيور والماء يتدفق برفق فوق الصخور. ولا يجري إنشاء البيئات دائما بواسطة الكومبيوتر، إذ يقوم خبراء «سبولدينغ» بدراسة استخدامات فيديو لأماكن حقيقية.
تتضمن أجهزة «الواقع الافتراضي لتخفيف الألم المزمن» ميزات أخرى أيضا، مثل صوت الراوي الذي يوجه مرتديه للاستمتاع بالمحيط الافتراضي أو القيام بتمارين التنفس أو إعادة توجيه الأفكار السلبية حول الألم أو التعرف على استجابات الألم. والجهاز الذي يتولى تطويره فريق الدكتور بيندر مصحوب بإرشادات إضافية حيث «يطلع المرضى على المحتوى في أربع جلسات ويستخدمون كتيب عمل. وحال كانت هناك أشياء في المحتوى التعليمي عن الألم لم يستوعبوها، فهناك طبيب موثوق به يمكنهم استشارته»، بحسب لورنا براون، معالجة فيزيائية وباحثة سريرية بفريق الابتكار بفريق «سبولدينغ».
نجاحات التقنية
* كيف يمكن للتقنية الجديدة أن تساعد المرضى؟ يمكن أن تشمل الاستراتيجيات المستخدمة في الواقع الافتراضي لتقليل الألم المزمن: اليقظة (التركيز على اللحظة الحالية)، والتأمل، والتخيل الموجه، أو العلاج السلوكي المعرفي (إعادة توجيه الأفكار السلبية وتحويلها إلى أفكار إيجابية)، وجميعها يستخدم للتحكم في التوتر والمزاج. ويقول الدكتور بيندر: «يساهم التوتر والقلق والاكتئاب والخوف في الشعور بالألم. تشير الكثير من الأدلة إلى أنه إذا كنت قادرا على علاج كل هذا، فيمكنك حينها المساعدة في تخفيف الألم».
وتقول لورنا براون: «يمكن للواقع الافتراضي أن يأخذ هذه العلاجات الأخرى إلى مستوى جديد من خلال تجميعها معا وجعل شخص ما ينغمس في بيئة يسهل فيها التركيز».
يمكن أيضا أن يشتت الواقع الافتراضي ومحفزاته العديدة، عقلك عن تلقي إشارات الألم. ويقول الدكتور بيندر: «نحن بالفعل نستفيد من هذه الرسائل طوال الوقت. على سبيل المثال، إذا اصطدم مرفقك بشيء عن طريق الصدفة، وشعرت بألم، وفركت كوعك وشعرت بتحسن، فأنت بذلك تخدع الدماغ بإحداث رد فعل حسي عند لمس الكوع لتلغي بعض إشارات الألم».
* هل تنجح هذه التقنية؟ يتعامل الجزء الأكبر من أدلة الواقع الافتراضي للألم مع علاج الألم الحاد والمفاجئ - على سبيل المثال، استخدام الواقع الافتراضي لإلهاء الأشخاص الذين يخضعون لعلاج الحروق. يُستخدم الواقع الافتراضي بالفعل في العديد من المستشفيات لتخفيف الألم بعد الجراحة أو أثناء المخاض أو علاج السرطان.
رغم عدم توفر الكثير من الأدلة حتى الآن على أن الوجود في بيئة الواقع الافتراضي يقلل الألم المزمن، فقد بدت بعض الدراسات مشجعة. على سبيل المثال، كان الدليل الذي أثر على «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية ودفعها للموافقة على جهاز الواقع الافتراضي لآلام أسفل الظهر المزمنة (EaseVRx) نتاج تجربة عشوائية شملت 179 شخصا. استخدم نصف هؤلاء الأشخاص جهاز الواقع الافتراضي ثلاثي الأبعاد، فيما استخدم النصف الآخر جهازا وهميا (مع بيئة ثنائية الأبعاد فقط).
وبعد ثمانية أسابيع من العلاج، انخفضت مستويات الألم بأكثر من النصف في 46 في المائة من المشاركين الذين استخدموا جهاز الواقع الافتراضي مقارنة بـ26 في المائة في المجموعة الأخرى.
أما الجهاز الذي يقوم الدكتور بيندر وفريقه بتطويره فلم يتم اختباره بعد في تجربة عشوائية. وحتى الآن، قام الباحثون بتجربته في ثلاث عيادات بـ«مركز سبولدينغ» لمعرفة ما إذا كان واعدا بما يكفي لإجراء دراسة كبيرة. يقول براون: «نتعلم كيف يستجيب المرضى الذين يعانون من الألم المستمر للمحتوى. وبناء عليه، سنقوم بتعديله وتحسينه ومعرفة ما إذا كانت هناك أي عوائق تحول دون استخدام سماعة رأس الواقع الافتراضي».
استخدامات نادرة
* هل يمكنك تجربة التقنية؟ لم يتوافر جهاز الواقع الافتراضي لآلام الظهر الذي ابتكره فريق Spaulding بعد، ويتطلب هذا الجهاز طلبا مباشرا من الطبيب. والجهاز لا يغطيه التأمين في أميركا، ولا يتوقع الدكتور بيندر أن يتم تغطية أي جهاز واقع افتراضي للألم المزمن حتى تصبح تقنيات الواقع الافتراضي أمرا سائدا.
ورغم ذلك، هناك عدد من أجهزة الواقع الافتراضي المزودة ببرامج لتخفيف الآلام (غير معتمدة من إدارة الغذاء والدواء) متاحة للشراء إما عبر الإنترنت أو من خلال ممارسات العلاج الطبيعي الخاصة. وتستخدم بعض المستشفيات ومراكز إعادة التأهيل أيضا تقنية الواقع الافتراضي لتخفيف الألم المزمن.
وإذا كنت ترغب فقط في تجربة التكنولوجيا، فيمكنك شراء جهاز واقع افتراضي يبدأ من حوالي 300 دولار، ثم تقوم بتحميل برنامج تأمل له. لن يتضمن البرنامج نفس الإرشادات والتوجيهات الموجودة في البرنامج المصمم للحد من الألم المزمن والذي يشرف عليه معالج فيزيائي. لكن من المحتمل ألا يؤذي ذلك - ما دام لم يكن لديك أي ظروف تجعل استخدام الواقع الافتراضي مجازفة خطيرة، مثل الدوخة أو مشاكل التوازن.
* ما هو مستقبل تقنية الواقع الافتراضي لتقليل الألم؟ من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان الواقع الافتراضي سيصبح جزءا أساسيا من إدارة الألم المزمن. تعتمد الإجابة على ما يحدث مع البحث، ومدى القيمة التي يضيفها الواقع الافتراضي إلى علاج الألم المزمن. يقول الدكتور بيندر: «إذا أظهر محتوى الواقع الافتراضي تحسنا واضحا، وانخفاضا لدرجات الألم، وتعافيا أسرع، وإذا كان هناك دليل من مراكز أكاديمية مرموقة، فمن المحتمل أن تبدي شركات التكنولوجيا الكبرى اهتماما بهذا الأمر، نظرا لأنها تستثمر بالفعل بقوة في الواقع الافتراضي، وقد ترى الواقع الافتراضي يصل إلى مستويات لم تتخيلها مطلقا».
- رسالة هارفارد الصحية
ـ خدمات «تريبيون ميديا»



دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.