مقاتلو حزب الله يصطحبون صحافيين في «جولة محاكاة» وهمية بالقلمون السورية

الرحلة نافذة على الممر الهام للحزب والمعارضة السورية بين سوريا ووادي البقاع

مقاتلو حزب الله يصطحبون صحافيين في «جولة محاكاة» وهمية بالقلمون السورية
TT

مقاتلو حزب الله يصطحبون صحافيين في «جولة محاكاة» وهمية بالقلمون السورية

مقاتلو حزب الله يصطحبون صحافيين في «جولة محاكاة» وهمية بالقلمون السورية

من خلف نظارته الشمسية وببزّته العسكرية المموّهة قدم الضابط شرحا تفصيليا، مستعينا بخريطة مثبتة على جذع شجرة العرعر، مشيرًا إلى دوائر حمراء قال إنها آخر ما تبقى من «معاقل الإرهابيين». وجرت جولة المحاكاة فوق هضبة من الحجر الجيري بسوريا يوم الجمعة الماضي ضمت كل العناصر التي توجد عادة في جبهة القتال في صفوف القوات الأميركية في العراق: الضباط يرفضون الحديث في السياسة، والتحذير من التقاط صور تضرّ بالأمن.
قدم الشرح قائد ميداني من حزب الله وقام مسؤولو العلاقات العامة لديه باستقبال دزينة السيارات التي حملت الصحافيين للمكان. وكان حزب الله، موضع اهتمام إعلامي الأسبوع الماضي، لذا يسعى لتغير انطباع أن حملته الشرسة في سوريا موضع انتقاد.
وتصدر قنوات حزب الله الإخبارية نشرات عاجلة عن معارك جديدة تجرى بمنطقة القلمون الحدودية الجبلية، حيث استعر القتال بعدما انتهى فصل الشتاء وانحسر الجليد ليترك خلفه بقعا رمادية. إلا أن حزب الله يبدو أكثر قبولا وانفتاحًا على الصحافيين عن ذي قبل. وكان يوم الجمعة من الأيام النادرة التي قدم فيها حزب الله مثل تلك الجولات الإخبارية، حيث كانت الرحلة بمثابة نافذة تطل على الأميال القليلة من الممر الهام بين سوريا ووادي البقاع في لبنان ويطل كذلك على جبهة في الحرب السورية نادرًا ما يقترب منها الصحافيون. وتعد القلمون حائط صدّ في مواجهة المعارضة السورية، بما في ذلك جبهة النصرة الموالية لـ«القاعدة»، وهي أيضا ممر لحزب الله لتلقي الأسلحة من إيران عبر سوريا.
كانت الجولة كذلك بمثابة عرض لحزب الله نفسه لإظهار استمرار احتفاظه بنظامه وانضباطه رغم الضغوط المتصاعدة، وكذلك سيطرته المنفردة على أجزاء من الأراضي السورية (يؤكد حزب الله أن عمله في سوريا يتم بإذن من الحكومة السورية).
أولا: قام مسؤولو الإعلام بحزب الله بجمع عدد من الصحافيين، أغلبهم من لبنان وسوريا، وكذلك مراسلون من «نيويورك تايمز» ووكالة «رويترز». وفي بعلبك، في وادي البقاع، وحيث ولد حزب الله في ظلال معبد بعل التاريخي، تحركت السيارات إلى أعلى الجبل حتى انتهى الطريق الإسفلتي وتوقفت السيارات عند الصخور.
وعند نقطة تفتيش قام ضباط حزب الله بجمع الهواتف الجوالة، متذرعين بدواعٍ أمنية، ورحب أحد المقاتلين بالضيوف قائلا: «لدينا برنامج رائع لكم اليوم»، وكانت القواعد التي حددها هي أنه «غير مسموح بالصور الفوتوغرافية للطريق أو لوجوه المقاتلين».
إن الجماعة التي تتخوف في كثير من الأحيان من وسائل الإعلام الغربية، يبدو أنها في سبيلها لتكون أكثر انفتاحا، مع سعي راعيتها، إيران، إلى الوصول لاتفاق نووي مع الولايات المتحدة وغيرها من القوى الدولية.
وقد خلقت التغييرات الفوضوية في المنطقة مصلحة مشتركة جديدة، وإن كانت محدودة، بين حزب الله والولايات المتحدة، التي تعتبره منظمة إرهابية. يدين كلا الجانبين «داعش»، وهي الجماعة التي استحوذت على أراضٍ في سوريا والعراق وقتلت آلاف المدنيين، باعتبارها تهديدا وجوديا ونسخة منحرفة عن الإسلام.
أما على الصعيد الداخلي، أيضا، فيسعى حزب الله جاهدا للتصدي للدعاية على وسائل التواصل الاجتماعي، من جانب الجماعات المسلحة التي هاجمت حزب الله في مقاطع فيديو تم تصويرها في القلمون. وبحسب تعبير موظف في أحد المنافذ الإعلامية التابعة لحزب الله «إنهم بحاجة إلى مواجهة هذه البروباغندا».
ينسل الطريق عبر تلال لم يكن يغطيها إلا أشجار الخشخاش ونباتات الزعتر ذات الأزهار الأرجوانية، والتي لم يكن يقطعها في السابق سوى مدقات ضيقة للمهربين والرعاة. أما الآن، فتمر الشاحنات المحملة بالسلاح والمقاتلين الواحدة تلو الأخرى في طرق يبدو أنها اتسعت مؤخرا، لتشمل مواقع لمقطورات وخياما بدائية الصنع.
وتعلو الحدود الواصلة إلى داخل الأراضي السورية هضبة تكسوها أشجار العرعر التي يصل عمرها لقرون. وعلى نقطة مرتفعة، تتمركز وحدة قتالية مسلحة بمدفع إلى ثقيل وراجمة صواريخ، تخفق فوقها رايات تحمل وجه عماد مغنية، أحد قادة حزب الله الذي تقول الجماعة إن إسرائيل اغتالته في 2008.
قال القائد، وهو يشير لخريطة طوبوغرافية تفصيلية، إن مقاتلي حزب الله دمروا 40 مجموعة قتالية، وأعطبوا ثلاث «غرف عمليات»، واستولوا على أكثر من 300 كيلومتر مربع من الأرض (نحو 116 ميلا مربعا) كان المسلحون يستخدمونها لإطلاق القذائف على القرى اللبنانية وتجهيز سيارات مفخخة لاستخدامها في هجمات في بيروت.
وقال القائد الذي رفض ذكر اسمه بمقتضى القواعد البروتوكولية، إن «ذلك أحبط تهديدا للبنان.. ما من سبيل أمامهم ليتمكنوا من العودة».
ولكن من غير الواضح مدى أهمية هذا التقدم وقدرته على الصمود، في مناطق غير مأهولة يستخدم فيها المسلحون تكتيكات «اضرب واهرب». قال القائد، إن الكثير من المسلحين كانوا قد فروا إلى معقلهم في عرسال، وهي بلدة قريبة في لبنان. وقال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، في خطاب متلفز يوم السبت، إن 13 من مقاتلي حزب الله قتلوا في معارك القلمون، كما وبخ بشدة وسائل الإعلام التي قللت من شأن هذه المعارك.
أصر القائد الميداني على معايير مهنية بعينها؛ حيث قال إنه يمكنه التعليق فقط على الاستراتيجيات، وليس السياسات، كما وبخ الصحافيين التلفزيونيين الذين كانوا يتوسلون إليه ليطلق صواريخ وهمية ليقوموا بتصويرها.
قال: «هذا مستحيل»، ورد مراسل لبناني «أنت مستحيل».
ووافق مسؤولو العلاقات العامة على أن تتحرك الوحدة فوق التلة من أجل عمل بصري مؤثر. وقام أعضاء الوحدة بذلك في صفوف متراصة ومرتبة، كأي وحدة مشاة مدربة. هرول الصحافيون التلفزيونيون إلى التقاط لقطات حية، وضعوا السترات الواقية، رغم أنهم بعيدون عن أي قتال. قال أحدهم، إن «الإرهابيين خلفنا مباشرة». ولكن مع تحرك الصحافيين بعيدا، شوهد المقاتلون وهم يغطون المدافع الثقيلة بقطع من القماش.

* خدمة «نيويورك تايمز»



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.