تفاصيل جديدة عن عملية مقتل «أبو سياف».. واعتقال زوجته ونقلها للعراق

قوة دولية من 100 عنصر من قوات «دلتا» اقتحمت موقع «داعش».. والتنظيم يصيب طائرة «بلاك هوك»

عناصر «داعش» في سوريا («الشرق الأوسط»)
عناصر «داعش» في سوريا («الشرق الأوسط»)
TT

تفاصيل جديدة عن عملية مقتل «أبو سياف».. واعتقال زوجته ونقلها للعراق

عناصر «داعش» في سوريا («الشرق الأوسط»)
عناصر «داعش» في سوريا («الشرق الأوسط»)

كشفت مصادر عسكرية أميركية تفاصيل عملية قتل القيادي في «داعش»، أبو سياف، بعد اقتحام مقره في حقل العمر السوري النفطي، واعتقال زوجته «أم سياف» مشيرة إلى مشاركة قوات دولية من 100 عنصر من قوات «دلتا»، ووقوع مواجهة نارية قاسية مع العناصر المسلحة. وأوضح مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أن مروحيات «بلاك هوك» وطائرة «أوسبري» ذات المراوح الدوارة، قامت بإنزال وحدة من قوة «دلتا» في مجمع أبو سياف. وقال المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه في إفادة لـ«سي إن إن» إن عناصر «داعش» في المجمع المكون من عدة طبقات، حاولوا استخدام نساء وأطفال كدروع بشرية، غير أن قوات الكوماندوز الأميركية تمكنت من «فصل الأبرياء».
وتابع أن القوات الأميركية قتلت «نحو 12» مسلحًا، خلال تبادل إطلاق النار، غير أنها لم تتمكن من تفادي إصابة مدنيين. ووصف المسؤول أبو سياف بأنه ينشط في مجال «تمويل» التنظيم، غير أنه لعب أخيرا دورًا متزايدًا في الجانب العسكري للأنشطة المتطرفة، مرجحًا أن تحد العملية من قدرات التنظيم التمويلية. وفي عملية نوعية مفاجئة، وُصفت بأنها «صفعة قوية» لتنظيم داعش، أعلنت الإدارة الأميركية، أول من أمس، عن مقتل أحد كبار القياديين في التنظيم، في عملية عسكرية برية، قامت بتنفيذها وحدة خاصة من الجيش الأميركي، الليلة الماضية. وبحسب المعلومات التي أتيحت من مصادرها في البيت الأبيض ووزارة الدفاع (البنتاغون)، فإن العملية كانت تستهدف اعتقال القيادي في داعش «أبو سياف»، أحد أبرز المسؤولين عن إدارة الموارد المالية للتنظيم، إلا أنها انتهت بمقتله ونحو 10 مسلحين آخرين، وأصيبت واحدة على الأقل من مروحيات «بلاك هوك» التي نفذت العملية بالرصاص، بنيران مقاتلي «داعش»، لكنها تمكنت مع ذلك من التحليق والعودة بسلام إلى قاعدتها، ورافق أحد المترجمين العرب القوة المهاجمة التي قامت بمصادرة معدات اتصال استخدمها «أبو سياف» قبل مقتله، كما صادرت مجموعة من الآثار والعملات التاريخية التي كانت بالموقع، وهي تخضع للفحص الآن.
وليست هذه أول مرة يقر فيها مسؤولون أميركيون صراحة بتنفيذ عملية كوماندوز داخل سوريا، فقد قامت وحدات كوماندوز، العام الماضي، بعملية لمحاولة إنقاذ الصحافي الأميركي جيمس فولي الذي كان تنظيم داعش يحتجزه رهينة، غير أن العملية فشلت، وكان المتطرفون نقلوا فولي وغيره من الرهائن عند تنفيذ العملية الأميركية، ولاحقًا أعدموا فولي. وفي السياق، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إن عدد قتلى «داعش» نتيجة عملية الإنزال التي نفذتها الولايات المتحدة في دير الزور ارتفع إلى 32 على الأقل بينهم 4 قادة. وأوضح المرصد أن ما لا يقل عن 32 عنصرًا، بينهم 4 قادة، 3 منهم من جنسيات مغاربية، أحدهم مساعد أبو عمر الشيشاني المسؤول العسكري في تنظيم داعش، لاقوا مصرعهم في قصف لطائرات التحالف العربي الدولي، وفي عملية إنزال نفذتها قوات التحالف في حقل العمر النفطي القريب من بلدة البصيرة بريف دير الزور الشرقي.
وأكدت مصادر مطلعة وجود عناصر في التنظيم من جنسيات عربية وشمال أفريقية، متهمة بتزويد التحالف بالمعلومات لتنفيذ عملية الإنزال.
والعملية التي أمر بها وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، بناءً على تعليمات من الرئيس باراك أوباما، تمت قيادتها من قبل مجموعة تابعة لقوات «دلتا»، تضم ما يزيد على 20 عنصرًا، وشارك في تنفيذها أكثر من 100 فرد من مختلف الوحدات القتالية، بمن فيهم الطيارون الذين تولوا عملية الإنزال.
وقال كارتر، خلال كلمة مقتضبة له في البنتاغون: «إن أبو سياف كان أحد المشاركين في قيادة العمليات العسكرية لتنظيم داعش، كما كان له دور في إدارة العمليات المالية للتنظيم، كما أن زوجته، التي تُلقب بأم سياف، والتي اعتقلت خلال العملية وتم نقلها إلى العراق، كان لها دور هي الأخرى ضمن قيادة التنظيم».
فيما قال مصدر مطلع على تفاصيل العملية إنه تم نقل أفراد المجموعة إلى داخل عمق الأراضي السورية، على متن عدد من مروحيات «بلاك هوك»، ووصلوا إلى مبنى متعدد الطوابق، كان يتحصن فيه عدد من مسلحي «داعش»، حاولوا استخدام بعض النساء والأطفال كـ«دروع بشرية».
وأكد المصدر نفسه أن القوة المهاجمة تمكنت من اقتحام المبنى، وقامت بقتل المسلحين دون المساس بأي من الأطفال أو النساء الذين كانوا موجودين داخل المبنى، ولفت إلى أن «أبو سياف» قُتل أثناء مقاومته لمحاولة اعتقاله، وحاول الاقتراب من القوات، ولم يُعرف على الفور ما إذا كان يرتدي سترة ناسفة أم لا.
وفيما اعتبر وزير الدفاع الأميركي أن العملية المباغتة، التي جرت الليلة الماضية عند أحد المواقع النفطية قرب مدينة دير الزور، شرق سوريا، تمثل «صفعة قوية للتنظيم الإرهابي»، فقد أكد أن جميع أفراد القوة التي قامت بتنفيذ العملية عادوا إلى قواعدهم سالمين، دون أي إصابات.
وفي وقت لاحق من مساء أول من أمس، أكدت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، برناديت ميهان، أنه لم يكن هناك أي تنسيق مع نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، كما لم يتم إبلاغه بأي معلومات بشأن العملية، وقالت إن «نظام الأسد ليس ولن يكون شريكًا في الحرب على تنظيم داعش».
وتابعت ميهان بقولها: «لقد حذرنا نظام الأسد بعدم التدخل في عملياتنا التي نقوم بها ضد تنظيم داعش داخل سوريا»، وأضافت: «في واقع الأمر، فإن الأعمال الوحشية التي يقوم بها النظام، هي التي ساعدت وحرضت على ظهور تنظيم داعش، والجماعات المتشددة الأخرى في سوريا».
وذكر مسؤول أميركي مطلع أنه من المعتقد أن أبو سياف وزوجته، التي اعتقلت خلال العملية، وجرى نقلها إلى أحد مراكز الاحتجاز التابعة للجيش الأميركي بالعراق، ضالعان أو لديهما معلومات مفصلة بشأن عمليات اختطاف واحتجاز رهائن، قام بها مسلحو (داعش) أخيرا». من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه حصل على معلومات موثقة تؤكد وجود عناصر في تنظيم داعش من جنسيات عربية وشمال أفريقية متهمة بتزويد التحالف بالمعلومات لتنفيذ عملية الإنزال. وفيما، مثلت العملية التي شنت في دير الزور، التي أدت لمقتل القيادي الداعشي أبو سياف تحولا في استراتيجية واشنطن التي كانت تعتمد أساسا على الضربات الجوية لاستهداف متشددين في المنطقة»، يقول جيمس سبايدر ماركس الخبير العسكري الأميركي.
إن أبو سياف كان يدير علميات «داعش» من وراء الكواليس حيث خلق الإيرادات التي مكنتهم من إنشاء هذه العمليات والذراع التسويقية المدهشة التي تمكنوا من تحقيقها. وتقول مصادر إن القوات الأميركية دخلت منطقة حقل العمر النفطي بواسطة مروحيات، وخاضت قتالا عنيفا حيث قتل نحو عشرة من مقاتلي «داعش» في العملية.
وأما زوجة أبو سياف، الملقبة بأم سياف، فقد تم القبض عليها ونقلت إلى العراق لاستجوابها.
ووفقا لمسؤولين في البنتاغون، عادت القوات الأميركية بسلام.
من جانبه، يقول مايكل ويس، المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية ومؤلف كتاب «داعش: من داخل جيش الرعب» إن أبو سياف ليس شخصية معروفة على نطاق واسع، حتى بالنسبة للخبراء الذين يراقبون عمل التنظيم عن كثب، مما يثير التساؤلات حول دوره الحقيقي وسبب مجازفة الولايات المتحدة بتنفيذ العملية.
وتابع ويس، في مقابلة مع «سي إن إن»، بالتعبير عن شكه في إمكانية أن تجازف واشنطن فعلا بحياة مجموعة من أفراد قواتها الخاصة من أجل القبض على أبو سياف، إذا كان فعلا المسؤول عن العمليات النفطية الخاصة بـ«داعش»، إذ إن التقارير الأمنية تؤكد أن التنظيم بات محروما من العوائد المالية الناتجة عن النفط بعد الضربات الجوية الأميركية المواجهة لبنيته التحتية النفطية.
واستدل ويس بما سبق للناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن أكده في فبراير (شباط) الماضي، من أن النفط «لم يعد مصدرا رئيسيا للتمويل بالنسبة لـ(داعش)».
لكن ديريك هارفي العقيد السابق في الجيش والمخابرات العسكرية الأميركية والمدير الحالي لمبادرة «المجتمع المدني والنزاعات» بجامعة جنوب فلوريدا، اعتبر أن المجازفة الحاصلة «مبررة تماما» قائلا: «أهم ما في العملية ليس القبض على أبو سياف، وإنما الحصول على البيانات والوثائق التي يحتفظ بها». وأضاف هارفي أن أبو سياف كان أحد أبرز العاملين بمجال التمويل لدى «داعش»، ومن المؤكد أن لديه بيانات حول هوية المتبرعين للتنظيم.



غروندبرغ يشدد على تنسيق دولي لخفض التوترات في اليمن

عناصر حوثيون يرفعون أسلحتهم خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون يرفعون أسلحتهم خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

غروندبرغ يشدد على تنسيق دولي لخفض التوترات في اليمن

عناصر حوثيون يرفعون أسلحتهم خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون يرفعون أسلحتهم خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)

في ظل المخاوف التي يعبر عنها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في كل مرة من عودة الحرب في اليمن بين القوات الحكومية والجماعة الحوثية، شدد في أحدث تصريحاته، الأربعاء، على تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لخفض التوترات والحوار البناء.

وجاءت تصريحات المبعوث الأممي غداة إعلان الجماعة الحوثية على لسان متحدثها العسكري العودة لمهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن تحت مزاعم فرض الحصار على إسرائيل لجهة عدم إدخال المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة.

وفي حين تواصل الجماعة المدعومة من إيران هجماتها على خطوط التماس مع القوات الحكومية، تتصاعد المخاوف من نسف التهدئة الهشة القائمة بخاصة مع شعور الجماعة بفائض من القوة إثر تمكنها من تعبئة آلاف المجندين الجدد تحت لافتة الاستعداد لمحاربة أميركا وإسرائيل.

وذكر مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، في بيان على منصة «إكس»، أنه اختتم زيارة إلى الرياض؛ حيث التقى السفير السعودي محمد آل جابر والسفير الإماراتي محمد الزعابي، وسفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لدى اليمن وكبار المسؤولين.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وإذ ركّزت المناقشات على التطورات في اليمن والمنطقة، بما في ذلك «الديناميكيات السياسية الرئيسية»، شدد غروندبرغ – بحسب البيان - على ضرورة تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لدعم الحوار البناء، وخفض التوترات، والمضي قدماً في عملية سياسية شاملة.

كما أكّد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، في بيانه، على أهمية الوحدة والتعاون المشترك للتوصل إلى حل مستدام وسلمي للنزاع في اليمن.

ومع عدم وجود يقين بشأن مسار السلام المتعثر لم يُخفِ غروندبرغ، في أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن، مخاوفه من انهيار التهدئة والعودة إلى مسار الحرب؛ خصوصاً مع أحداث التصعيد الميداني للجماعة الحوثية في جبهات مأرب والجوف وتعز.

وطبقاً لتقارير يمنية، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً حوثياً متسارعاً في جبهات مأرب، ومواجهات مع القوات الحكومية، بالتزامن مع دفع الجماعة بحشود إضافية من مجنديها إلى جبهات المحافظة الغنية بالنفط، إلى جانب هجمات أخرى في جبهات الجوف وتعز.

عودة للتصعيد

مع أمل المبعوث الأممي في أن يعيد إحياء المسار السياسي اليمني المتجمد، عادت الجماعة مجدداً للتهديد باستئناف الهجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن تحت مزاعم محاصرة إسرائيل، رداً على منع الأخيرة دخول المساعدات إلى غزة.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» قد توصلتا بوساطة قطرية ومصرية وأميركية إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، ومنذ ذلك الحين توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

ونقلت «رويترز» أن الجماعة أعلنت، في بيان، الأربعاء، عبر البريد الإلكتروني «استئناف حظر عبور جميع السفن الإسرائيلية في منطقة العمليات المحددة بالبحرين الأحمر والعربي، وكذلك باب المندب وخليج عدن.. ويبدأ سريان الحظر من ساعة إعلان هذا البيان».

ناقلة نفط يونانية تعرضت لهجمات حوثية في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

وأضافت الجماعة أن «أي سفينة إسرائيلية تحاول كسر هذا الحظر سوف تتعرض للاستهداف في منطقة العمليات المعلن عنها، وأنه سيستمر هذا الحظر حتى إعادة فتح المعابر إلى قطاع غزة ودخول المساعدات والاحتياجات من الغذاء والدواء».

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية وباتجاه إسرائيل تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام، ومقتل أربعة بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.