ميقاتي يطالب بالعمل لتجنب الفراغ في السلطة التنفيذية

TT

ميقاتي يطالب بالعمل لتجنب الفراغ في السلطة التنفيذية

طالب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي جميع القوى السياسية، بعد طي صفحة الإنتخابات النيابية، بـ»العمل لتجنب الوقوع في مطبات الفراغ القاتل على مستوى السلطة التنفيذية، التي ستلقى على عاتقها مسؤولية البدء بمسيرة إنهاض لبنان من كبوته»، في اشارة الى تشكيل الحكومة. وحالت الخلافات السياسية في السنوات الاخيرة، دون تشكيل الحكومات اللبنانية بالسرعة المطلوبة، وبقي لبنان لأشهر من دون حكومة ما أثر على إنجاز استحقاقات دستورية في مواعيدها، وفي مقدمها إقرار مشاريع قوانين موازنة المالية العامة، والتأخير في إنجاز تعيينات في مفاصل أساسية في الادارات اللبنانية. وأمل ميقاتي في لقاء مع المدراء العامين دعت إليه وزيرة التنمية الإدارية نجلا رياشي عساكر للاطلاع على التقرير الأول لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، في أن «تترجم الانتخابات النيابية إرادة الناس الذين سيقولون كلمة الفصل في صناديق الاقتراع». وقال عشية بدء إجراء الانتخابات النيابية: «لا بدّ من مصارحة اللبنانيين ببعض المسائل المرتبطة بعملنا الحكومي. حاولنا معالجة القضايا التي واجهتنا منذ اليوم الأول بكل واقعية وبأقل أضرار ممكنة. نجحنا في مكان ما بقدر ما سمحت به الظروف والمعطيات. ولم ننجح حيث وُضعت العصي في دواليب الحكومة». وأضاف: «راهنّا على حصول الانتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية على رغم تشكيك المشككين بحصولها، على أمل أن تترجم إرادة الناس الذين سيقولون كلمة الفصل في صناديق الاقتراع». وتمنى ميقاتي أن يكون يوم 16 مايو (أيار)، الذي يلي الانتخابات النيابية العامة «يوماً جديداً لمرحلة تحمل الخير للبنان واللبنانيين، وأن ترى الخطط التي وضعتها حكومتنا النور». وأعرب عن ثقته في أن الأيام الآتية ستحمل معها بشائر خير. وقال: «نحن وضعنا القطار على السكة الصحيحة. يبقى أن يقود هذا القطار إلى محطات آمنة، وأن نكون مستعدين وجاهزين عندما يحين أوان الحلول الإقليمية المنتظرة».ورأى ميقاتي أن «ما وصلت إليه البلاد عموماً، والإدارة العامة خصوصاً، هو نتيجة عقود من السياسات التي، للأسف، لم تضع بناء دولة القانون والمؤسسات على رأس سلم أولوياتها، ما جعل مقدرات بلادنا عرضة للهدر والفساد، وشؤوننا الداخلية عرضة للتدخل والتداخل، وأدى إلى تراجع اعتبارات المصلحة العامة أمام المصالح الفردية والفئوية، وأَدخل لبنان في الأزمة العميقة التي نعاني منها اليوم».
وأكد رئيس الحكومة اللبنانية أن تحقيق الإنجاز «يبقى ممكناً، عبر تضافر الجهود والعمل الدؤوب»، معتبراً أن «تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي أرحب برئيسها وأعضائها في هذا الاجتماع المهم، دليل على إمكانية التقدُّم، بعد أن وقعنا قبل أيام قليلة اتفاق إطار التعاون مع منظمة الأمم المتحدة لدعم التنمية المستدامة، وأقررنا ولأول مرة في تاريخ الدولة اللبنانية استراتيجية وطنية شاملة للتحول الرقمي».
وأوضحت الوزيرة رياشي أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد «تشكل خارطة طريق وطنية وعملانية مفصلة للفترة الممتدة بين عامي 2020 و2025»، لافتة إلى أنها «الاستراتيجية الأولى من نوعها التي تعبر عن إرادة سياسية غير مسبوقة ورغبة مجتمعية ملحة لحماية اقتصاد لبنان وأمنه واستقراره من خطر الفساد، وتشكل أداة عملية لدعم جميع الجهود المبذولة في هذا المجال، إضافة إلى أنها تتواءم مع التزامات لبنان الدولية في إطار تنفيذ (اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد) والخطط الإصلاحية، الأمر الذي من شأنه أن يعزز ثقة ودعم المواطن والمجتمع الدولي بلبنان».
وقالت إن «الإرادة السياسية الحازمة والعازمة على اجتثاث الفساد وتطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحته والوقاية منه موجودة وبقوّة لدى أصحاب المسؤولية الكبرى. بالتالي، تسعى الحكومة وتعمل ومنذ تشكيلها على ضمان تنفيذ جميع القوانين الإصلاحية، التي تشكل دعائم استراتيجية مكافحة الفساد، والتي يؤدي تطبيقها إلى سد الثغرة بين إرادة وقف الفساد والوقاية منه، والعمل الميداني لذلك».



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.