أرقام تظهر أغلبية ضئيلة للعرب على اليهود بين النهر والبحر

التفوق الديمغرافي للفلسطينيين أحد أهم التحديات التي تواجهها إسرائيل

التقرير الإسرائيلي يتوقع تصعيداً مستمراً في الضفة المحتلة بين المستوطنين والفلسطينيين (وفا)
التقرير الإسرائيلي يتوقع تصعيداً مستمراً في الضفة المحتلة بين المستوطنين والفلسطينيين (وفا)
TT
20

أرقام تظهر أغلبية ضئيلة للعرب على اليهود بين النهر والبحر

التقرير الإسرائيلي يتوقع تصعيداً مستمراً في الضفة المحتلة بين المستوطنين والفلسطينيين (وفا)
التقرير الإسرائيلي يتوقع تصعيداً مستمراً في الضفة المحتلة بين المستوطنين والفلسطينيين (وفا)

أظهرت أرقام إسرائيلية أن عدد الفلسطينيين واليهود بين النهر والبحر متساوٍ تقريباً، مع أغلبية ضئيلة لصالح الفلسطينيين لأول مرة منذ عقود طويلة.
وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الأربعاء، إن «نقطة التحول» حدثت خلال عام 2020. وأفادت الصحيفة بأن هيئتين أمنيتين إسرائيليتين على الأقل، عملتا في العامين الماضيين على تقارير حول الديمغرافيا الإسرائيلية - الفلسطينية. واستند تقريران منفصلان إلى جمع وتحليل معطيات من مؤسسات إحصائية متنوعة، وتوصلا إلى نتائج متشابهة، مفادها بأنه «في توقيت ما خلال عام 2020 حدثت نقطة التحول، ولأول مرة منذ عقود كثيرة يوجد عرب أكثر بقليل من اليهود بين البحر المتوسط ونهر الأردن».
واستناداً إلى معطيات «دائرة الإحصاء الإسرائيلية»، فإنه في نهاية عام 2020 بلغ عدد سكان إسرائيل 9.2 مليون نسمة؛ بينهم 6.9 مليون يهودي، و1.9 مليون عربي، إضافة إلى 466 ألفاً؛ أي 5 في المائة من السكان، يوصفون رسمياً بأنهم «آخرون». وفي الأراضي الفلسطينية، كان عدد السكان نهاية 2020 في الضفة الغربية؛ بما فيها القدس، 3.1 مليون نسمة، ونحو 2.1 مليون نسمة في قطاع غزة. ولفتت «هآرتس» إلى أن هذا التحول جاء في ظل استطلاعات أجريت مؤخراً بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة أظهرت تأييداً متزايداً لفكرة الدولة الواحدة؛ خصوصاً بين الجيل الشاب، الذي بدأ يتخلى عن تأييد فكرة حل الدولتين لصالح فرضية أن الأمور ستُحل من تلقاء نفسها في نهاية الأمر، لصالح الفلسطينيين.
وتقوم الفكرة على أن الأغلبية الديمغرافية كفيلة في نهاية الأمر بجعل إسرائيل تتنازل. وفي المدى الأبعد، سيزداد الإدراك لهذه الحقيقة في المجتمع الدولي أيضاً. «في هذه الظروف، ستواجه إسرائيل صعوبة أكبر لإبقاء احتلال أبدي في مناطق واسعة في الضفة، يكون فيها قسم من الفلسطينيين خاضعين للسيطرة الكاملة، وقسم منهم لسيطرة جزئية، وجميعهم مسلوبي حقوق التصويت للمؤسسات المنتخبة في إسرائيل». وقالت الصحيفة إن رئيسين سابقين لـ«الإدارة المدنية» التابعة للجيش الإسرائيلي، المسؤولة عن تنظيم العلاقة مع الفلسطينيين، أجريا جولة شاملة في الضفة الغربية، وخلصا إلى أن «البناء المنهجي للمستوطنين في السنوات الأخيرة، في المستوطنات والبؤر العشوائية، والمزارع وتوسيع مستوطنات قائمة، أنشأت واقعاً جديداً يجعل فكرة الانفصال بين المجموعتين السكانيتين، تكاد تكون غير قابلة للتطبيق».
وقال المحلل العسكري لـ«هآرتس»، عاموس هرئيل، إن هذا الوضع مستمر منذ سنين، ولا أحد يوجه بدقة قادة الجيش الميدانيين لكيفية التصرف، والتوقعات منهم أن يدركوا من دون كلمات، وطبعاً من دون وثائق، إلى أين يتجه المستوى السياسي الذي بدا واضحاً أثناء ولايات رؤساء الحكومات الإسرائيلية، آرييل شارون وبنيامين نتنياهو ونفتالي بنيت، أنه يسعى إلى الإبقاء على الجمود السياسي كما هو.
وخلصت التقارير الأمنية الإسرائيلية إلى أن هناك 4 تهديدات مصيرية تواجهها إسرائيل: أولها المسألة الديمغرافية وتبعاتها. والثاني تراجع الدولة المتواصل عن أي نشاط في البلدات العربية، وهو ما ظهرت تبعاته في مستويين؛ العنف القومي الشديد في المدن المختلطة أثناء الحرب على غزة في مايو (أيار) الماضي، والعنف الداخلي المتمثل في جرائم القتل على خلفية جنائية داخل المجتمع العربي. وأشارت إلى أن التقاعس الحكومي يجري التعبير عنه في جميع مجالات الحياة تقريباً؛ من التربية والتعليم وحتى الوظائف وجباية الضرائب.
والتهديد الثالث متعلق بالجيش، والانهيار التدريجي في نموذج التجنيد القائم والحرج، والمتعلق بالمفاهيم حول ممارسة القوة البرية التي ستجري بمعظمها في مناطق مأهولة بكثافة.
وعدّ التقرير أن «أزمة القوى البشرية هي التهديد الأساسي للجيش الإسرائيلي»؛ لأن نصف الشباب في سن 18 عاماً يجندون للجيش. وهذه الأزمة ليست نابعة من عدم تجنيد الحريديين المتدينين؛ فقط، وإنما نابعة بالأساس من التغيرات في المجتمع الإسرائيلي وطبيعة المجندين. أما التهديد الرابع، «الذي لا يكاد يحظى بانتباه»؛ فهو تعرض إسرائيل المتزايد لهجمات سيبرانية. ورغم أن إسرائيل تتباهى بقوتها السيبرانية، فإنها في الوقت نفسه «تواجه هجمات مضادة بحجم هائل؛ بعضها من دول، وبعضها الآخر من قراصنة إنترنت مرتبطين بشكل غير مباشر مع دول، وقسم آخر هم قراصنة مستقلون».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.