مثقفون أميركيون يثيرون جدلاً ويتحدثون عن «عنصرية أدبية»

البيض يسيطرون على الرواية مؤلفين وأبطالاً ويظهرون استعلاء على العالم الثالث

مثقفون أميركيون يثيرون جدلاً ويتحدثون عن «عنصرية أدبية»
TT

مثقفون أميركيون يثيرون جدلاً ويتحدثون عن «عنصرية أدبية»

مثقفون أميركيون يثيرون جدلاً ويتحدثون عن «عنصرية أدبية»

وسط جدل بين مثقفين أميركيين، هو واحد من نقاشات فرعية للاضطرابات العنصرية الأخيرة في مدن أميركية، بسبب قتل رجال شرطة بيض أميركيين سودا، قال كثير من المثقفين إن شركات نشر الروايات الأميركية تهمل (أحيانا، عمدا)، نشر روايات لروائيين أميركيين أو أجانب ليسوا بيضا، وإن هذه الشركات نادرا ما تنشر روايات أبطالها من غير البيض.
هذا النقاش ليس عنصريا، لكنه يدور حول تهميش «أدب العالم الثالث»، سواء أدب شعوب العالم الثالث، أو أدب الأميركيين من أصول من العالم الثالث (أفارقة، لاتينيين، آسيويين).
لا أحد ينكر ذلك بالطبع، لكن البعض دافع عن شعار «التعددية»، شرط أن يكون في نطاق السوق الحرة. يعنى هذا أن حرية النشر والقراءة متوفرة، لكن توجد عوامل تؤثر على أنواع النشر ونمط القراء، مثل التقسيمات العرقية، والإثنية، والإقليمية، والوطنية.

* سونيل غوفلننغدج:
* تقول سونيل غوفلننغدج، وهي محامية ناشطة في مجال حقوق الإنسان، وهاجرت إلى الولايات المتحدة من أستراليا، إنها قررت، في العام الماضي، ألا تقرأ أي رواية كتبها روائيون بيض أو روائيات بيضاوات. وقررت أن تقرأ فقط «روايات العالم الثالث». وفسرت قرارها بأنه بسبب «عدم وجود أي رواية أسترالية غير بيضاء». وأشارت إلى روايات وأشعار قرأتها في المدارس المتوسطة والثانوية في أستراليا، كتبها أمثال: برنارد شو، وويليام شكسبير، وتي إس إليوت.. وغيرهم. ثم جاءت إلى الولايات المتحدة، وقرأت ما كتب أمثال: جون غريشام، هيلاري مانتيل، وغيرهما. وقالت إنها قرأت من الروايات العالمثالثية: «أسئلة عن السفر» التي كتبتها ميشيل دي كريستر، روائية سريلانكية. و«أميركاناها»، و«حلم مانهاتن» التي كتبتها أنيتا هايس، وهي أسترالية سوداء، من قبيلة ابوريجنز (عن حلم أسترالية سوداء بأن تزور نيويورك، خصوصا حي مانهاتن). وقرأت أيضا، «سيوبر نوفا: الفارس، والأميرة، والنجوم المتساقطة» من تأليف دوي ليستاري، روائية إندونيسية. وهي عن شابين إندونيسيين تقابلا في واشنطن، وتبادلا قصص علاقات الرجال والنساء.
وقالت غوفلننغدج (الأميركية الأسترالية): «خلال العقد الماضي، فتح الإنترنت آفاقا جديدة وواسعة لنشر الروايات. ووفر للناس عشرات الآلاف من الروايات المشهورة التي لا يمكن أن تجمعها مكتبة واحدة في مكان واحد. لكن، إذا واصلت شركات النشر السير على العادات والتقاليد السابقة، فستظل روايات غير البيض محدودة، أو، على الأقل، لا تجد حملات الدعاية التي تقدر شركات النشر العملاقة على القيام بها».

* كريستوفر مايارز
* وأشار كريستوفر مايارز، وهو روائي أسود يكتب روايات للأطفال، منها رواية «هارلم» (حي الزنوج في نيويورك) إلى إحصاءات، منها الآتي:
أولا: حسب موقع «أمازون»، في العام الماضي، كتب فقط عشرة في المائة من الروايات روائيون غير بيض. ووصل فقط ثلاثة غير بيض إلى قائمة مؤلفي أشهر عشرين رواية.
ثانيا: حسب مركز «بوك غلدرين كووباريتيف» (تعاونية كتب الأطفال)، كانت فقط سبعة في المائة من روايات الأطفال التي نشرت في العام الماضي، في الولايات المتحدة، عن أطفال سود. وألف فقط 14 في المائة من كتب الأطفال مؤلفون غير بيض.
وقال مايارز: «تقول شركات النشر التي تعاونت معها، والتي لم أتعاون معها، إنهم حريصون على شعار (دايفيرستي) (التعددية). لهذا، لا أقدر على أن ألوم شركة نشر معينة. لكن، تشير الإحصاءات التي جمعتها إلى عكس هذا الشعار، إلى (تفرقة عنصرية أدبية)».
وأضاف: «أسميها (ليتيرال أبارتهايد)»، (تفرقة أدبية استعلائية)، إشارة إلى حكم الأقلية البيضاء السابق في جنوب أفريقيا. وقال إنه لا توجد شخصيات سوداء في أغلبية الروايات التي تنشرها شركات النشر الأميركية، غير في روايات حفلات الأغنياء (الخدم والخادمات السود)، وروايات السياحة في البحر الكاريبي وأفريقيا (مرشدون سود)، وروايات السياسيين (سياسيون سود)».
وقال إنه زار، أخيرا، مكتبة كبيرة في نيويورك، ووجد كتب الروايات مقسمة «أقساما إثنية» غير بيضاء (أفريقية، لاتينية، آسيوية.. إلخ). وزار قسم روايات الأطفال في المكتبة، ووجد التقسيمات نفسها. وسمع أن «الأطفال البيض لا يقرأون روايات السود»، وسأل: «كيف يشتري البيض ملايين الأسطوانات والفيديوهات لأغاني السود؟».

* غريس لين
* وقالت غريس لين (أميركية من أصل صيني)، عضو مجلس إدارة مركز «دايفيرس بوكس» (كتب تعددية)، ومؤلفة روايات أطفال عن المجتمعات الآسيوية في الولايات المتحدة: «أركز على روايات أطفال أميركيين آسيويين بسبب انحياز شركات النشر الكبرى. أكتب روايات لأن الروايات لا تنحاز.. تحول الخاص إلى عام، وتحول الغريب إلى عادي، وتحول الأجنبي إلى أميركي».
غير أنها قالت إن الحملة التي تشترك فيها في «دايفيرس بوكس» تحقق «نجاحات بطيئة، لكن مستمرة». وأشارت إلى أن الحملة تتابع ملاحق الكتب في صحيفة «نيويورك تايمز». وفي العام الماضي، وجدت أن 47 في المائة من الروايات النسائية التي نشرت تعليقات عليها، كتبتها نساء غير بيضاوات، بالمقارنة مع 38 في المائة قبل خمسة أعوام. وأضافت: «مثلما يحدث هذا التقدم البطيء، لكن المستمر، بالنسبة للروائيات غير البيضاوات، يمكن أن يحدث بالنسبة لروايات غير البيض، وبالنسبة للروايات عن غير البيض». ورفضت أن تقول إن الموضوع عنصري، لكنها قالت إن الحقائق شيء والمبادئ شيء آخر، وإن الحقائق توضح إهمالا واضحا في الولايات المتحدة للروائيات العالمثالثية.

* آندرو لوسوسكي:
* أما آندرو لوسوكي، محرر شؤون الكتب في صحيفة «هفنغتون بوست»، فلم يدافع عن شركات النشر الكبرى، لكنه أشار إلى «حقائق» ما يحدث، وهو أن هذه الشركات «عملاقة»، وأنه، في الماضي، كانت هناك شركات نشر صغيرة كثيرة، وكان بعضها يهتم بنشر الكتب العالمثالثية، لكن، بسبب الإنترنت، وبسبب قانون السوق، اكتسحت الشركات الكبرى المجال.
وأشار إلى قضية رفعتها شركات نشر صغيرة ضد «مجموعة 6+1»، (أمازون، زائدا: «راندوم هاوس»، «بنغوين»، «هاشيت»، «هاربر كولنز»، «سايمون آند شوستر»، «ماكميلان»). وقال إن «عوائق كثيرة تقف أمام تحدي هؤلاء العمالقة»، ليس فقط في الولايات المتحدة، ولكن في كل العالم، وذلك لأن العمالقة يسيطرون على أكثر من 60 في المائة من نشر الكتب الإنجليزية في كل العالم.
وأشار إلى أملين: الأول، هو اعتماد النشر الذاتي (سيلف ببليشنغ). والثاني، هو النشر الإلكتروني (إلكترونيك ببليشنغ).
وقال إنه، في عصر الإنترنت، تقدر روايات العالم الثالث على الازدهار (في الولايات المتحدة، وخارجها) على الرغم من أنف الشركات العملاقة، لكنه حذر: «ليس تنفيذ هذا سهلا مثل قوله».



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.