مساع انقلابية للتغيير المذهبي تصطدم برفض سكان إب اليمنية

TT

مساع انقلابية للتغيير المذهبي تصطدم برفض سكان إب اليمنية

أظهرت مقاطع الفيديو التي تداولها ناشطون يمنيون في مدينة إب (192 كلم جنوب صنعاء) إصرار الميليشيات الحوثية على فرض التغيير المذهبي بشتى السبل، حيث عمَّت الفوضى ساحة أداء صلاة عيد الفطر، عندما قام المشرف الحوثي الذي يؤم المصلين، بأداء شعائر مذهبية تخالف ما يعرفه سكان المحافظة ذات الأغلبية السنية.
كما أظهرت المقاطع حالة الرفض الشعبي لمحاولة ميليشيات الحوثي التغيير المذهبي، إذ واصل جزء من المصلين أداء الصلاة وفقاً لمذهبهم، فيما فضَّل آخرون التوقف، وقام آخرون بمغادرة الصفوف.
ويعتقد سكان في المدينة في أحاديث مع «الشرق الأوسط» أن ما حدث هو جس نبض لفرض تغيير مذهبي، بعد أن فشلت حملات الحوثيين للتغيير عبر ما تسمى «الدورات الثقافية» أو من خلال استقدام مشرفين ومسؤولين من محافظة صعدة إلى جانب المحطات الإذاعية المحلية والأنشطة الطلابية في كليات الجامعة، حيث دخلت الجماعة في مواجهة مع العامة.
ولتحقيق التغيير المذهبي بشكل مباشر اختارت الميليشيات الحوثية مناسبة عيد الفطر للبدء بخطواتها الإجبارية، فدفعت بالمشرف على المحافظة والقادم من محافظة صعدة ليتولى إمامة المصلين، بعد أن قامت بتغيير مكان أداء صلاة العيد من موقعها المعتاد في عاصمة المحافظة إلى موقع آخر.
ووفق ما قاله ثلاثة من سكان المدينة لـ«الشرق الأوسط»، فقد اتبعت الميليشيات الحوثية خلال السنوات السبع الماضية أسلوب التغيير المذهبي، عبر تغيير المناهج الدراسية وتقديس المناسبات المذهبية وتوجيه الأنشطة في المدارس وكليات الجامعة الحكومية وفروع الجامعات الخاصة باتجاه التغيير المذهبي، واستقدمت مشرفين ومسؤولين عن هذه الفعاليات من محافظة صعدة، وعينت على رأس ما تسمى «هيئة الزكاة» وأيضاً «هيئة الأوقاف»، عناصر ينتمون إلى مذهبها نفسه، تم استقدامهم من خارج المحافظة على أمل أن تنجح في مسعاها، ولكن بعدما تأكدت من فشلها بدأت اتباع أسلوب الإكراه وهذا (وفق رؤيتهم) سيؤدي إلى انفجار مجتمعي.
وبحسب المصادر، فإن غالبية أراضي مدينة إب أوقفتها الملكة أروى الصليحي التي حكمت اليمن في العهد الأيوبي، ولهذا عينت الميليشيات أحد عناصرها المذهبية على رأس فرع هيئة الأوقاف، الذي قام برفع إيجار العقارات بنسبة كبيرة جداً، كما قام بالتلاعب بعقود الإيجارات للأراضي والمباني لصالح مَن يدعمون الميليشيات، كما عمل المسؤول الحوثي الآخر عن فرع «هيئة الزكاة» على تشكيل لوبي من المنتفعين بعضهم نشطاء وإعلاميون وآخرون سياسيون في المحافظة عبر منح جزء من الأموال التي يجمعها لهؤلاء ودعم مشاريع يديرونها بهدف مناصرة التوجهات المذهبية ومواجهة الأصوات المعارضة لهذا النهج.
ويقول الكاتب المعروف أحمد ناجي النبهاني إن «مدينة إب ذات أغلبية شافعية وإكراه الناس على نمط مذهبي محدد ومعين يعني أن الحوثيين لم يقتنعوا حتى هذه اللحظة بحق الناس في التنوع». ويرى في إكراه الناس على نمط مذهبي معين أنه ينذر «بمستقبل مظلم إذا لم يتم تدارك الأسباب المؤدية إليه من هذه اللحظة».
من جهته، خاطب الناشط المجتمعي ماجد ياسين الحوثيين، وقال في تعليق له على ما حدث: «(تغيرون أماكن صلاة العيد نمشيها، لكن تغيرون صلاة العيد نفسها ما بتمشيش)، دعوا الناس تمارس طقوسها وعبادتها بما تعرف ولا تجبروا الناس على الصلاة على مذهبكم حتى لا يتركوا الدين كله مثلما ترك البعض صلاة الجمعة في المساجد».
وقال: «بسبب ما يمارسه المشرف الحوثي في إب من خطب ومواعظ وصلوات بالإكراه سيجعل الناس ينفرون من المساجد ويكرهون الصلاة»، مذكراً الحوثيين بالآية القرآنية: «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي».
وذكر ياسين أن المصلين خلال صلاة العيد تحولوا من جسد واحد إلى أشتات؛ كل يصلى على هواه، بعد أن فُرضت عليهم صلاة لم يعتادوها.
هذا الأمر أكده الموظف أحمد، وقال إن «بلطجة» المشرف الحوثي في إب زادت عن حدها، حيث فوجئ المصلون في جامع «جرافة» بمنع صلاة العيد، إلا أنهم تحدوا المنع وأدوا الصلاة في الطريق المؤدي إلى الجامع. ورأى أن مشكلة الحوثي أنه يريد أن يفرض مذهبه على الناس في إب بالقوة، وأن هذا الأمر ينعكس عليه بالرفض الشعبي وستزداد العزلة الشعبية عليه يوماً وراء آخر.
الأمر لم يقتصر على ذلك، وفق ما يقوله عبد الله، وهو أحد سكان المدينة الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه لأول مرة منذ عقدين من الزمن يتم منع إقامة صلاة العيد في جامع معاذ بن جبل وسط مدينة إب من قبل الحوثيين.
ويقول إنه، وبعد أن اتبعت الميليشيات نهج التغيير المذهبي عبر ما تُسمّى «الدورات الثقافية»، لكل الموظفين في أجهزة الدولة، ومن خلال الأنشطة في الجامعات والمدارس، وفق فعالياتها، يبدو أنها قررت فرض التغيير المذهبي بالقوة، وهذا ستتم مقاومته وسيواجه برفض شعبي غير متوقع، وفق تقديره.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.