مئات يتجمعون في دمشق بانتظار وصول سجناء يشملهم العفو الرئاسي

أرقام خجولة حتى الآن للمفرج عنهم

سوريون يتجمعون الثلاثاء عند «جسر الرئيس» في دمشق في انتظار وصول سجناء أُفرج عنهم بموجب العفو الرئاسي (أ.ب)
سوريون يتجمعون الثلاثاء عند «جسر الرئيس» في دمشق في انتظار وصول سجناء أُفرج عنهم بموجب العفو الرئاسي (أ.ب)
TT
20

مئات يتجمعون في دمشق بانتظار وصول سجناء يشملهم العفو الرئاسي

سوريون يتجمعون الثلاثاء عند «جسر الرئيس» في دمشق في انتظار وصول سجناء أُفرج عنهم بموجب العفو الرئاسي (أ.ب)
سوريون يتجمعون الثلاثاء عند «جسر الرئيس» في دمشق في انتظار وصول سجناء أُفرج عنهم بموجب العفو الرئاسي (أ.ب)

يتابع مئات من أهالي معتقلين في السجون السورية باهتمام شديد عملية تنفيذ مرسوم العفو عن «الجرائم الإرهابية» الذي أصدرته الرئاسة، وسط مخاوف من أن يكون بعض السجناء تعرض لـ«التصفية»؛ كون المرسوم استثنى «الجرائم» التي «أفضت إلى موت إنسان»، وهي عبارة يخشى معارضون أنها ربما تشير إلى «إعدام» سجناء وُجّهت لهم هذه التهمة.
ومنذ بدء تنفيذ مرسوم العفو، الأحد الماضي، تشهد منطقة «جسر الرئيس» وسط العاصمة دمشق وساحة مدينة صيدنايا وضاحية عدرا بريف دمشق الشمالي، تجمعات كبيرة لذوي المعتقلين على أمل أن يكونوا ما زالوا على قيد الحياة بعد تغييبهم في السجون والمعتقلات منذ سنوات. إذ يتم نقل المفرَج عنهم في حافلات إلى تلك المناطق وتركهم هناك دون مال يمكّنهم من العودة إلى مناطق سكنهم الأصلية.
وتحدثت مصادر أهلية لـ«الشرق الأوسط» عن قيام سائقي سيارات عامة (تاكسي) وخاصة سيارات السرفيس الصغيرة (14 راكباً) بنقل بعض المفرَج عنهم إلى أحيائهم دون مقابل. وتساءلت «أين سيذهب المفرَج عنهم ممن لم يبق أحد من ذويهم في مناطق سيطرة النظام؟».
كما نشرت صفحات على موقع «فيسبوك» صوراً لحشود من أهالي المعتقلين وهي متجمعة تحت «جسر الرئيس» بانتظار ذويهم المفرج عنهم. وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن قسماً كبيراً ممن تم الإفراج عنهم خرجوا فاقدين ذاكرتهم.
وفي الوقت ذاته، يواصل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي نشر قوائم بأسماء معتقلين تم الإفراج عنهم من السجون بما في ذلك سجن صيدنايا سيئ السمعة، في حين وثّق «المرصد السوري» إفراج الأجهزة الأمنية، حتى يوم الاثنين الماضي، عن 240 معتقلاً من مختلف المحافظات السورية، مشيراً إلى أن عمليات الإفراج ستستمر حتى يونيو (حزيران) المقبل. من جهتها، ذكرت وزارة العدل السورية التي تتولى تنفيذ المرسوم، أنه تم خلال اليومين الماضيين إطلاق سراح مئات السجناء، وأكدت أن جميع السجناء المشمولين بالعفو سيتم إطلاقهم تباعاً خلال الأيام المقبلة.
ووصف نشطاء حقوقيون أعداد من تم الإفراج عنهم حتى الآن بأنها «قليلة جداً»، وقال أحدهم لـ«الشرق الأوسط»، «منذ اندلاع الثورة قبل أكثر من 11 عاماً، تم اعتقال عشرات الآلاف وهم قابعون في السجون، وبالتالي فإن من تم الإفراج عنه يكاد يكون رقما لا يُذكر».
وفي هذا الإطار، ذكر «المرصد السوري»، أن الأجهزة الأمنية أخبرت «أعضاء الفرق الحزبية» التابعة لحزب «البعث» الحاكم ضمن مناطق سيطرتها، أنه سيتم الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين خلال الساعات المقبلة. ولفت إلى أنه بموجب مرسوم العفو «من المفترض أن نشهد الإفراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين القابعين في سجون النظام».

ينتظرون وصول سجناء مفرج عنهم في العاصمة السورية أول من أمس (أ.ف.ب)

وقال والد أحد المعتقلين لـ«الشرق الأوسط»، إن ابنه لم يتم الإفراج عنه بعد. وأوضح «اعتقلوه في 2012 لأنه شارك في مظاهرات، وكل ما نعرف أنه في سجن صيدنايا وآخر معلومة تلقيناها كانت في 2015 أنه كان ما زال حيّاً حينها». وتابع «أعيش أنا وأمه على أمل أن نراه حياً، ولكن سألنا عدداً ممن خرجوا حالياً، لكن لم يعرف أحد عنه شيئاً... الخوف أنهم قتلوه».
وقالت أم ماهر لوكالة الصحافة الفرنسية بينما كانت في عداد الحشد قرب «جسر الرئيس»، «أنتظر أولادي الخمسة وزوجي منذ العام 2014. لقد سلمتهم إلى ربي». وأضافت بحرقة «ستة أشخاص لا ناقة لهم ولا جمل. نحن لا علاقة لنا بالإرهاب، عمر أكبرهم 25 سنة وأصغرهم 15».
وعلى غرار أم ماهر، تتلهّف «أم عبدو» لرؤية ابنيها اللذين لا تعلم شيئاً عن مصيرهما منذ اختفائهما في العام 2013 إثر توجههما إلى عملهما. وأوضحت للوكالة الفرنسية بينما كانت تنتظر مع جارتها «آمل أن يعودا، لم نتسبب بأذية لأحد طيلة حياتنا».
وتابعت مع ابتسامة تعلو ثغرها «قلت لجارتي: أمسكيني إذا رأيتِهما، قد أفقد الوعي. لا أعرف إذا ما كنت سأتعرّف إليهما أم لا».
وكان الرئيس بشار الأسد قد أصدر في 30 أبريل (نيسان) الماضي المرسوم التشريعي الرقم 7 «بمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة قبل تاريخ إصدار المرسوم عدا التي أفضت إلى موت إنسان والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012 وقانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1949 وتعديلاته».
وقال خبراء بالمصطلحات التي يوردها النظام في مثل هذه المراسيم، لـ«الشرق الأوسط»، إن بعض من وجهت لهم تهمة «جريمة إرهابية أفضت إلى موت إنسان»، والتي استثناهم المرسوم من العفو، «ربما جرى إعدامهم».
وقال مدير «المركز السوري للعدالة والمساءلة» محمد العبد الله لوكالة الصحافة الفرنسية «هذه المرة الأولى منذ سنوات التي يخرج فيها سجناء من سجن صيدنايا». وبحسب منظمة العفو الدولية، فإن سجن صيدنايا كان «جزاراً بشرياً»، حيث أعدمت السلطات ما يقدر بنحو 13 ألف شخص شنقاً خلال أربع سنوات.
ولفتت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن العفو الرئاسي صدر بعد نشر صحيفة «الغارديان» البريطانية ومعهد «نيولاينز» الأسبوع الماضي مقاطع فيديو مروعة تعود لعام 2013 تظهر تصفية عشرات الأشخاص على أيدي عناصر من القوات الحكومية في حي التضامن في دمشق.
وتعد قضية المعتقلين والمفقودين من أكثر ملفات النزاع السوري تعقيداً. وقد تسبب النزاع منذ اندلاعه عام 2011 بمقتل نحو نصف مليون شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية وأدى إلى تهجير ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.



الحكومة اليمنية تتعهد بتوفير الوقود لمناطق سيطرة الحوثيين

تطمينات يمنية للأمم المتحدة بتجنيب السكان آثار العقوبات الأميركية (سبأ)
تطمينات يمنية للأمم المتحدة بتجنيب السكان آثار العقوبات الأميركية (سبأ)
TT
20

الحكومة اليمنية تتعهد بتوفير الوقود لمناطق سيطرة الحوثيين

تطمينات يمنية للأمم المتحدة بتجنيب السكان آثار العقوبات الأميركية (سبأ)
تطمينات يمنية للأمم المتحدة بتجنيب السكان آثار العقوبات الأميركية (سبأ)

تعهَّدت الحكومة اليمنية للأمم المتحدة بتوفير المشتقات النفطية وغاز الطهي لمناطق سيطرة الحوثيين عند سريان العقوبات الأميركية على الجماعة، التي من ضمنها حظر استيراد الوقود عبر المواني الخاضعة لسيطرتها.

وخلال لقاء جمع وزير النفط والمعادن سعيد الشماسي، في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، مع رئيس قسم الشؤون السياسية بمكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن روكسانا يلينا بازركان، والمستشار الاقتصادي للمكتب ديرك يان، أكد الشماسي اهتمام وحرص القيادة السياسية في بلاده على ضمان توفير المشتقات النفطية وغاز الطهي للمواطنين في جميع المحافظات «بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية».

وكان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية قد أكد أن التصاريح التي كانت تُمنَح لتفريغ المنتجات النفطية المكررة في اليمن ستنتهي في 4 أبريل (نيسان) المقبل، كما ينصُّ القرار على حظر إعادة بيع المشتقات النفطية أو تصديرها من اليمن، ومنع تحويل الأموال لصالح الكيانات المدرجة في قوائم العقوبات، مع استثناء المدفوعات الخاصة بالضرائب والرسوم والخدمات العامة.

وأشاد وزير النفط اليمني بقرار الإدارة الأميركية حظر استيراد الحوثيين المشتقات النفطية والغازية. وقال إن وزارته، وبدعم من القيادة السياسية، مستعدة للقيام بواجبها في تأمين احتياجات جميع المحافظات، سواء المُحرَّرة أو الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

اتهامات للحوثيين باستخدام ميناء الحديدة لأغراض عسكرية (إعلام محلي)
اتهامات للحوثيين باستخدام ميناء الحديدة لأغراض عسكرية (إعلام محلي)

واتهم الشماسي الحوثيين باستيراد مشتقات نفطية وغاز بجودة رديئة، والقيام ببيعها للمواطنين بأسعار مرتفعة لتمويل مجهودهم الحربي، دون اكتراث للأعباء التي يدفع ثمنها المواطنون، والوضع الاقتصادي الذي يعيشونه، كما اتهمهم باستخدام ميناء الحديدة لأغراض عسكرية، مما يُشكِّل تهديداً لأمن وسلامة وحرية الملاحة في المياه الإقليمية والدولية، ويقوِّض جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة.

ووفق المصادر الرسمية، طالب الوزير اليمني بدعم جهود استئناف تصدير النفط الخام، المتوقف منذ استهداف الحوثيين «المدعومين من النظام الإيراني» ميناءي التصدير بمحافظتَي حضرموت وشبوة، مشيراً إلى ما نجم عن ذلك من أضرار جمّة على الاقتصاد في البلاد.

واكتفى ممثلو مكتب المبعوث الأممي - بحسب الإعلام الرسمي- بتوجيه الشكر للحكومة اليمنية ووزارة النفط والمعادن على الجهود التي تبذلها رغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وأكدوا حرص الأمم المتحدة على دعم عملية السلام.

حرص إنساني

في سياق اللقاءات اليمنية مع المسؤولين الدوليين والأمميين، التقى نائب وزير الخارجية وشؤون المغتربين، مصطفى نعمان، في ديوان الوزارة بالعاصمة المؤقتة عدن، رئيسة قسم الشؤون السياسية في مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، روكسانا يلينا بازركان، حيث ناقشا مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية وتأثيراتها في التسوية السياسية، وتبعات القرار الأميركي تصنيف الحوثيين «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً».

الحكومة اليمنية متمسكة بتثبيت سلطتها في كل أنحاء البلاد (سبأ)
الحكومة اليمنية متمسكة بتثبيت سلطتها في كل أنحاء البلاد (سبأ)

ونقلت المصادر الرسمية عن نائب الوزير تأكيده حرص مجلس القيادة الرئاسي والحكومة على تجنيب المواطنين في كل أنحاء اليمن الآثار السلبية التي ستنجم عن تطبيق القرار الأميركي، الذي استدعته تصرفات ميليشيات الحوثي داخلياً وخارجياً.

وأعاد نائب وزير الخارجية اليمني التذكير بموقف الحكومة المتمسك ببذل كل الجهود لاستعادة الدولة وتثبيت سلطتها في كل أنحاء البلاد. وأكد أن العقبة الحقيقية أمام السلام، «الحوثيون، الذين يواصلون إجبار المواطنين من كل الأعمار على خوض معارك عبثية تدمر كل ما بناه اليمنيون على مدى عقود طويلة».