لبنان: التعرض لمفتي طرابلس يلقى استنكاراً واسعاً

بعد مهاجمة سيدة له خلال توجهه لأداء صلاة العيد

TT

لبنان: التعرض لمفتي طرابلس يلقى استنكاراً واسعاً

لاقى التعرض للقائم بمهام مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام خلال تأديته صلاة عيد الفطر المبارك، استنكاراً وتضامناً طرابلسياً واسعاً.
وكان الشيخ إمام قد تعرض للإهانة من قبل سيدة خلال توجهه للصلاة في الجامع في طرابلس صباح يوم العيد، مستنكرة قدومه للصلاة: «وأولادنا في قاع البحر»، في إشارة إلى المهاجرين الذين لا يزالون في البحر منذ نحو أسبوع إثر غرق الزورق الذي كانوا يستقلونه للهجرة بشكل غير شرعي.
ودان النائب سمير الجسر، ما حدث عقب صلاة العيد مع مفتي طرابلس، وقال في بيان: «ما حدث عقب صلاة العيد مع قائم مقام مفتي طرابلس لم يكن تعرضاً للمفتي الشيخ محمد إمام، بقدر ما كان تعرضاً لإقامة الشعائر الدينية صباح يوم العيد، وهذا شأن خطير وغير مسبوق في تاريخ المدينة، وإن السكوت عنه أخطر من حدوثه»، وتوجه للمعنيين من قضاء ورجال أمن ومسؤولين سياسيين «لمباشرة تحقيق شفاف وسريع واتخاذ التدابير القانونية اللازمة».
كذلك استنكر النائب محمد كبارة التعرض بالإساءة إلى القائم بمهام مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، وأكد أن «هذا الشيخ الجليل لا يستحق منا إلا كل احترام وتقدير واحتضان له ولهذا الموقع الذي حاول بعض المأجورين أمس التجرؤ عليه والإساءة إليه صبيحة يوم العيد من دون وجه حق». وقال كبارة: «لم يعد جائزاً هذا التفلت الحاصل، فللناس كراماتها وما نشهده غريب عن أخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا، لذلك لا بد من تدخل سريع أمني أو قضائي أو مجتمعي لوقف هذه الاعتداءات التي لن نسكت عنها».
بدوره استنكر النائب فيصل كرامي: «ما تعرض له الشيخ محمد إمام وهذا ما لا نقبل به بتاتاً، أياً تكن الحجج والادعاءات التي يسوقها الذين ارتكبوا هذا الفعل، وهم ليسوا سوى موتورين قاموا بما قاموا به لأسباب مجهولة معلومة»»، مضيفاً: «هذا التعرض لموقع دار الفتوى في طرابلس يأتي في سياق الحملات على الكثير من الشخصيات والمرجعيات والقامات الدينية والسياسية، وهو يؤدي إلى تداعيات قد نعرف بداياتها ولكن قد نجهل نتائجها».
وطالب الدولة وأجهزتها «التي قصرت في ردع هذا الفعل بحزم وبشكل فوري، بتوقيف ومحاسبة كل من قام بالاعتداء على مقام مفتي طرابلس والشمال وعلى العمامة التي تشكل رمزية دينية لدى كل المسلمين، وفي حال لم تتحرك الأجهزة ولم يتحرك القضاء، فإننا سنتخذ مضطرين صفة الادعاء الشخصي بحق كل من شارك في هذا الفعل المشين، كي يكون العقاب رادعاً قانونياً أمام كل من تسول له نفسه تكرار مثل هذه الأعمال».
كذلك، استهجن مجلس نقابة المحامين في طرابلس، في بيان «ما تعرض له القائم بمهام مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، نظراً لما يتمتع به سماحته من ورع ووداعة وإيمان، ولرمزية عمامته وموقعه الديني، ولقدسية المناسبة والمكان اللذين حصل فيهما الاعتداء».
وأضاف: «أياً يكن العنوان الذي تلطى خلفه الفاعلون، فإنه لا يحق لهم أن يعتدوا على الحقوق والكرامات تحت ستار المطالبة بحقوقهم وكراماتهم؛ فكل قضية مهما كانت سامية ينبغي ألا تكون الغوغائية سبيلاً لبلوغها، لأن الخير لا ينال أبداً بوسائل الشر».
وأعلن مجلس نقابة المحامين تضامنه «الكامل مع صاحب السماحة»، مهيباً بالسلطات القضائية المختصة أن تتخذ «التدابير القانونية اللازمة لملاحقة الفاعلين ومعاقبتهم، فيكونون عبرة لأنفسهم وللآخرين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».