تحذيرات أممية من أزمة مالية «ثلاثية الأبعاد» في أفريقيا

250 مليون إنسان معرضون للفقر جراء الحرب

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس السنغالي ماكي سال في مؤتمر صحافي في داكار (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس السنغالي ماكي سال في مؤتمر صحافي في داكار (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات أممية من أزمة مالية «ثلاثية الأبعاد» في أفريقيا

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس السنغالي ماكي سال في مؤتمر صحافي في داكار (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس السنغالي ماكي سال في مؤتمر صحافي في داكار (أ.ف.ب)

حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من أن غزو روسيا لأوكرانيا سيؤدي إلى تفاقم «أزمة ثلاثية» تتعلق بالغذاء والطاقة والأوضاع المالية في كل أنحاء أفريقيا، محذراً من أن هذا النزاع يمكن أن يدفع ربع مليار إنسان إلى «براثن الفقر» هذا العام.
وكان كبير الموظفين بالمؤسسة الدولية يزور السنغال في مستهل جولة تشمل عدداً من الدول الأفريقية، مستعيداً تقليداً اعتمده منذ كان مفوضاً سامياً للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالذهاب إلى دول ذات غالبية مسلمة في شهر رمضان للصوم مع أبنائها، ولكنه انقطع عنه في السنتين الماضيتين بسبب جائحة «كوفيد - 19».
وعبر غوتيريش عن امتنانه للاستقبال الذي حظي به من الشعب السنغالي عشية عيد الفطر. وبعد اجتماعه مع الرئيس السنغالي ماكي سال في دكار، قال إن الحرب في أوكرانيا كانت «مأساة إنسانية» يمكن أن يكون لها «تأثير كبير على الاقتصادات، ولا سيما اقتصادات البلدان النامية»، مشيراً إلى أن غزو روسيا لأوكرانيا أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء والوقود العالمية. وشدد على أنه «عند مناقشة الوضع الاجتماعي والاقتصادي، من المستحيل عدم ذكر الحرب في أوكرانيا وتأثيرها على أفريقيا».
ويشعر كبار المسؤولين في الأمم المتحدة بالقلق من أن يدفع ارتفاع التكاليف المزيد من الناس إلى الجوع. كما أنه يمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الاجتماعية في بعض أجزاء من أفريقيا، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمقدار الثلث منذ العام الماضي. وقبل بدء الحرب في فبراير (شباط) من هذا العام، كان مزيج تغير المناخ والصراع وجائحة «كورونا» يؤثر بالفعل على الوضع الاجتماعي والاقتصادي في أفريقيا، لا سيما في منطقة الساحل التي تشمل السنغال.
وجال «سال» و«غوتيريش» في مرفق جديد لإنتاج اللقاحات عالية التقنية يبنيه حالياً معهد باستور الفرنسي في داكار. وعند اكتماله سيكون قادراً على إنتاج مجموعة من اللقاحات بما في ذلك من «فايزر - بايونتيك»، أحد أكثر التطعيمات استخداماً ضد «كوفيد - 19»، كما سيكون قادراً على تصنيع لقاحات تجريبية ضد الملاريا والسل.
وقال غوتيريش إنه كان من الضروري «بناء عدالة حقيقية للقاحات في جميع أنحاء العالم»، وإنه «من غير المقبول» ألا يتم تطعيم ما يقرب من 80 في المائة من الأفارقة ضد «كورونا»، وهو الوضع الذي وصفه بأنه «فشل أخلاقي». وأضاف أن «الدول الأكثر ثراءً وشركات الأدوية في العالم يجب أن تسرع التبرع باللقاحات والاستثمار في الإنتاج المحلي»، مثل الاستثمار في مرفق معهد باستور. وذكر أن زيادة الاستثمار جزء من استراتيجية عالمية لدعم البلدان النامية في مواجهة ما أطلقت عليه الأمم المتحدة «الأزمات المتتالية». وهو كان أنشأ في مارس (آذار) 2022 مجموعة الاستجابة للأزمات العالمية بشأن الغذاء والطاقة والتمويل كرد على الأزمة التي أثارها الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، مؤكداً أن للغزو «آثارا مقلقة على الاقتصاد العالمي المنهك بالفعل جراء (كوفيد - 19) وتغير المناخ».
والرئيس السنغالي ماكي سال هو واحد من ستة من قادة العالم البارزين الذين جرى اختيارهم كأبطال للمجموعة، والذين يدعمون دعوة الأمين العام لاتخاذ إجراءات فورية لمنع الأزمة والتخفيف من حدتها والاستجابة لها. وهو أيضا رئيس الاتحاد الأفريقي لعام 2022.
ودعا سال «للسيادة الصيدلانية» من خلال دعم صناعة أدوية أفريقية قادرة على تلبية الحاجات الأساسية والتعامل مع الأوبئة. وأوضح أنه كجزء من خطة التعافي من مرض «كوفيد - 19» تعمل السنغال على تعزيز قطاع الأدوية. من المتوقع أن ينتج مرفق التطعيم ما لا يقل عن 50 في المائة من حاجات اللقاح في البلاد.
وفي حديثه مع وسائل الإعلام في دكار، قال غوتيريش إنه «يجب علينا ضمان التدفق المستمر للغذاء والطاقة في الأسواق المفتوحة، وإزالة جميع قيود التصدير غير الضرورية»، مضيفا أنه «يجب على الدول مقاومة إغراء التخزين وإطلاق مخزون استراتيجي من الطاقة بدلاً من ذلك». ونبه إلى أن الأمم المتحدة تقدر أن ربع مليار شخص يمكن أن يُدفعوا نحو براثن الفقر المدقع هذا العام، بسبب عواقب الصراع في أوكرانيا. قال الأمين العام للأمم المتحدة إن المؤسسات المالية الدولية لها دور رئيسي يجب أن تلعبه و«يجب أن توفر بشكل عاجل تخفيف عبء الديون من خلال زيادة السيولة والحيز المالي حتى تتمكن الحكومات من تجنب التخلف عن السداد والاستثمار في شبكات الأمان الاجتماعي والتنمية المستدامة لشعوبها».


مقالات ذات صلة

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد لافتة إلكترونية وملصق يعرضان الدين القومي الأميركي الحالي للفرد بالدولار في واشنطن (رويترز)

غوتيريش يعيّن مجموعة من الخبراء لوضع حلول لأزمة الديون

عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجموعة من الخبراء البارزين لإيجاد حلول لأزمة الديون المتفاقمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الاجتماع السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

المنتدى الاقتصادي العالمي: قادة الأعمال يخشون من الركود وارتفاع التضخم

أظهر استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الخميس أن قادة الأعمال على مستوى العالم يشعرون بالقلق من مخاطر الركود ونقص العمالة وارتفاع التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.