دريان يحذّر من خطورة مقاطعة الانتخابات

شنّ هجوماً على من «حولوا لبنان إلى دولة فاشلة»

دريان يؤم صلاة العيد ويبدو ميقاتي والسنيورة (الوكالة الوطنية)
دريان يؤم صلاة العيد ويبدو ميقاتي والسنيورة (الوكالة الوطنية)
TT

دريان يحذّر من خطورة مقاطعة الانتخابات

دريان يؤم صلاة العيد ويبدو ميقاتي والسنيورة (الوكالة الوطنية)
دريان يؤم صلاة العيد ويبدو ميقاتي والسنيورة (الوكالة الوطنية)

حذّر مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان من «خطورة الامتناع عن المشاركة في الانتخابات كما انتخاب الفاسدين السيئين»، داعياً إلى «المشاركة الفعلية الكثيفة، وقول الحق في ورقة التصويت». وفيما شدد على «أهمية الفرصة المتوفرة أمامنا لتحقيق هذا التغيير عبر الانتخابات النيابية المقبلة»، شنّ هجوماً على من «حولوا لبنان إلى دولة فاشلة»، وقال: «لا أحد من هؤلاء الفاشلين يملك الجرأة على الاعتراف بما اقترفته يداه الملوثتان بوحول الفساد والمال الحرام. بل إنهم يصنفون أنفسهم ملائكة وقديسين، ليعودوا إلى مسرح الجريمة من جديد، يعيثون في الوطن اللبناني فساداً وإفساداً، فحذارِ من أقوالهم المخادعة والمضللة».
وجاء كلام المفتي في خطبة عيد الفطر، حيث أمّ المصلين في حضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، وكثير من السفراء، في مقدمهم سفير دولة الكويت عبد العال القناعي. وبعد الصلاة، توجه ميقاتي والسنيورة إلى ضريح الرئيس رفيق الحريري حيث قرأوا الفاتحة على روحه ورفاقه الأبرار.
وقال دريان: «ننتقل من سعادة الصيام إلى شقاء الحرمان، إلى الدعوة للتخلص من سيطرة الفاسدين وهيمنتهم على مقدرات الشعب الواحد. فالجوع لا يميز بين الطوائف والمذاهب والمناطق. تجمعنا المعاناة من الأزمات المتفاقمة، وتوحدنا الإرادة الوطنية لتغيير ما نحن فيه من شقاء ومرارة وآلام، وتخرجنا من هوة الانهيار والفشل، إلى ما نطمح أن نكون عليه، دولة رسالة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، تربطها الأخوة الصادقة مع الأشقاء العرب الذين وقفوا إلى جانب لبنان واللبنانيين في أصعب الظروف، فلهم منا جميعاً أصدق معاني الأخوة والامتنان والوفاء الكبير».
وأضاف: «من هنا أهمية الفرصة المتوفرة أمامنا، لتحقيق هذا التغيير عبر الانتخابات النيابية المقبلة. ولذلك أحذر وأنبه من خطورة الامتناع عن المشاركة في الانتخابات، ومن خطورة انتخاب الفاسدين السيئين، لأن الامتناع عن المشاركة في الانتخابات هو الوصفة السحرية لوصول الفاسدين السيئين إلى السلطة. وإن تكرار الأخطاء جريمة. وأسوأ الجرائم تلك التي ترتكب بحق الوطن، وبحجة الدفاع عنه».
ورأى أن «الوضع بلغ من الخطورة ومن السوء درجة يحاولون معها تحويل المسيء إلى محسن، والمجرم إلى بطل، ويرفعون الفاشل إلى أعلى درجات الإشادة والتكريم. وهم الذين حولوا لبنان إلى دولة فاشلة، تستجدي الماء والكهرباء، ورغيف الخبز. لا أحد من هؤلاء الفاشلين يملك الجرأة على الاعتراف بما اقترفته يداه الملوثتان بوحول الفساد والمال الحرام. بل إنهم يصنفون أنفسهم ملائكة وقديسين، ليعودوا إلى مسرح الجريمة من جديد، يعيثون في الوطن اللبناني فساداً وإفساداً، فحذار من أقوالهم المخادعة والمضللة».
وشدد دريان على أن «الانتخابات النيابية فرصة أمامنا للتغيير. فليكن تغييراً نحو الأفضل، باختيار الأصلح والمشاركة الفعلية الكثيفة، وبقول الحق في ورقة التصويت. إن الشكوى من الفساد، ومن الفشل في الإدارة، لا يكون بالكلام فقط. إنه يحتاج إلى عمل. والعمل يبدأ بالمشاركة في الانتخابات باختيار الصالحين من أبنائنا، وليس بالامتناع عن المشاركة في الانتخابات، لإفساح المجال أمام السيئين منهم. إن الخطأ المتكرر يهبط إلى مستوى الجريمة الكبرى بحق الوطن».
وأكد دريان أن اللبنانيين «قادرون على إعادة بناء وطنهم من جديد، وعلى إعادة ترميم مؤسسات دولتهم المتداعية، وذلك انطلاقاً من اختيار أعضاء المجلس النيابي الذي يشكل المدخل إلى الإصلاح المنشود. في العمل الوطني، اليأس ممنوع، واللبنانيون جميعاً مؤتمنون على العمل معاً، من أجل إنقاذ لبنان من بين براثن الفاسدين، الذين يدمرون الوطن، وهم يعتقدون أنهم يحسنون صنعاً... الانتخابات النيابية هي طريقنا الشرعي إلى هذا الخلاص. فلنبادر إلى تحمل مسؤولياتنا الوطنية والأخلاقية، باختيار الصالحين من أبنائنا».
ورأى دريان أن «الوطن معرض للأخطار والمخاطر... نحن نفتقر إلى أدنى متطلبات العيش الكريم... لا نفتقر إلى الحكومة الساهرة، بل نفتقر إلى القيادات العاملة والمتبصرة، التي تسعى لوضع الأمور في نصابها الصحيح، لقد تعود الناس على أن يجدوا القيادة السياسية المتصدية للمشكلات، فإن لم توجد، فأين هي القيادات الشعبية أو الطائفية أو المحلية؟ لا يسأل أحد عن أحد، ولا يصغي أحد لشكوى أحد. وكل هذا يحصل، ونحن على مشارف انتخابات المفروض خلالها أن يتوجه المرشحون إلى الناس وقضاياهم واحتياجاتهم».
وسأل: «لماذا يظن بعض المرشحين أن الناس أغنام تخضع للعصا ولاستحثاث الراعي والسائق، حتى لو كانت جائعة أو خائفة. لقد دأبت في عشرات المناسبات على دعوة الناس للاقتراع، من أجل التغيير، عسانا نرتاح من فلان وعلان. ولكنني بعد مآسي طرابلس وعكار، وغير طرابلس وعكار، وحرمان وشقاء وجوع كل المناطق اللبنانية، أقول: ليكن هم الناس منصباً على التغيير الوطني، والإنقاذ الوطني، بدل أن يكون همهم الاندفاع نحو الهجرة، حتى لو كان الثمن أن تطويهم أمواج البحر الهائجة».
وتطرق دريان إلى مأساة غرق زورق المهاجرين غير الشرعيين، قائلاً: «لا يجوز أن تبقى سمسرة الزوارق. ولا يجوز أن يبقى الاتجار بعيش المواطنين. ولا ينبغي أن تسرق أموال الناس وجني أعمارهم تحت أي ذريعة، ولا يجوز أن تبقى الجريمة المنظمة وغير المنظمة». وأضاف: «اليوم يحاول الجوعى في طرابلس وغيرها الهجرة، وإذا تركوا لظلمات البحر؛ فإن الآمنين على مواقعهم وثرواتهم سينتشر بينهم الخوف اليوم وغداً. الاضطراب المعيشي يهدد الجميع، وإن بدا كأنما الذين يهلكون وحدهم هم الذين يقذفهم السماسرة إلى الزوارق، إنها لحظة الحقيقة التي يتفكك فيها المجتمع، ويتجه فيها الجميع إلى النجاة بأنفسهم. والهلاك في النهاية واقع بالجميع، وعلى الجميع».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.