المغرب يقرر الاحتفاظ بتجريم الإجهاض في القانون الجنائي

أباحه في حالة الخطر على الأم والاغتصاب والتشوهات الخلقية

الملك محمد السادس لدى استقباله مساء أول من أمس مصطفى الرميد وأحمد التوفيق وإدريس اليزمي في حضور المستشارين فؤاد عالي الهمة وعبد اللطيف المنوني في القصر الملكي بالدار البيضاء (ماب)
الملك محمد السادس لدى استقباله مساء أول من أمس مصطفى الرميد وأحمد التوفيق وإدريس اليزمي في حضور المستشارين فؤاد عالي الهمة وعبد اللطيف المنوني في القصر الملكي بالدار البيضاء (ماب)
TT

المغرب يقرر الاحتفاظ بتجريم الإجهاض في القانون الجنائي

الملك محمد السادس لدى استقباله مساء أول من أمس مصطفى الرميد وأحمد التوفيق وإدريس اليزمي في حضور المستشارين فؤاد عالي الهمة وعبد اللطيف المنوني في القصر الملكي بالدار البيضاء (ماب)
الملك محمد السادس لدى استقباله مساء أول من أمس مصطفى الرميد وأحمد التوفيق وإدريس اليزمي في حضور المستشارين فؤاد عالي الهمة وعبد اللطيف المنوني في القصر الملكي بالدار البيضاء (ماب)

قرر المغرب الاحتفاظ بتجريم الإجهاض في القانون الجنائي، وترخيصه في حالات محدودة فقط، وذلك بعد مشاورات موسعة أمر بها العاهل المغربي الملك محمد السادس لوضع حد للجدل الكبير الذي أثير حول هذا الموضوع.
وأكدت نتائج الاستشارات التي قدمت مساء أول من أمس إلى الملك محمد السادس من قبل كل من مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، وأحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وإدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن الأغلبية الساحقة من المواطنين تؤيد تجريم الإجهاض «مع استثناء حالات قاهرة من العقاب».
وأفاد بيان للديوان الملكي بأن «كل الفعاليات المعنية أجمعت على الإشادة بالمبادرة الملكية، وبالمقاربة التشاورية التي أمر بها الملك محمد السادس لبلورة رأي موضوعي وحكيم، ويعطي الأولوية لخدمة المصلحة العليا للأسرة والمواطنين».
وأكدت هذه الاستشارات على اختلافها، يضيف البيان، أن «الأغلبية الساحقة تتجه إلى تجريم الإجهاض غير الشرعي، مع استثناء بعض حالاته من العقاب، لوجود مبررات قاهرة، وذلك لما تسببه من معاناة، ولما لها من آثار صحية ونفسية واجتماعية سيئة على المرأة والأسرة والجنين، بل والمجتمع».
أما الحالات المستثناة من العقاب فحددت في ثلاث حالات هي «عندما يشكل الحمل خطرا على حياة الأم أو على صحتها»، وفي «حالات الحمل الناتج عن اغتصاب أو زنا المحارم»، و«في حالات التشوهات الخلقية الخطيرة، والأمراض الصعبة التي قد يصاب بها الجنين».
وأصدر الملك محمد السادس تعليماته إلى كل من وزير العدل والحريات ووزير الصحة الحسين الوردي «قصد التنسيق بينهما، وإشراك الأطباء المختصين، من أجل بلورة خلاصات هذه المشاورات في مشروع مقتضيات قانونية، قصد إدراجها في القانون الجنائي، وعرضها على مسطرة المصادقة، وذلك في إطار احترام تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والتحلي بفضائل الاجتهاد، وبما يتماشى مع التطورات التي يعرفها المجتمع المغربي، وقيمه القائمة على الاعتدال والانفتاح، وبما يراعي وحدته وتماسكه وخصوصياته».
وحث الملك محمد السادس على «ضرورة التوعية والوقاية ونشر وتبسيط المعرفة العلمية والأخلاقية، التي لها علاقة بهذا الموضوع، لتحصين المجتمع من الأسباب التي قد تؤدي إلى الإجهاض»، نظرا لكون القانون وحده لا يكفي للحد من هذه الظاهرة، بحسب المصدر ذاته.
في السياق ذاته، قال إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط»، إنه بعد صدور بيان الديوان الملكي بشأن نتائج المشاورات التي أجريت حول الإجهاض، ستجري بلورة مشروع قانون بهذا الشأن من طرف الحكومة. ودعا اليزمي إلى «سياسات متكاملة مواكبة للقانون»، مشددا على أن «محاربة الإجهاض السري لا تكون عن طريق القوانين فقط، بل كذلك عن طريق سياسات محددة، كتطوير التربية الجنسية والإنجابية، وإرساء سياسة عمومية للتوعية وللتخطيط العائلي»، مشيرا إلى أن «المحطة القريبة، بخصوص الموضوع، تتمثل في مشروع القانون الجنائي، والترجمة القانونية التي ستضعها الحكومة».
وبخصوص الحساسية التي يثيرها موضوع الإجهاض، والجدل القائم حول الحدود الفاصلة بين حق الفرد وحق المجتمع في المغرب، قال اليزمي إن «الإجهاض واقع عالمي، والمقارنة التي قمنا بها بين مختلف المجتمعات أكدت أنه ليست هناك خصوصية مغربية في هذا الموضوع. وهنا نمثل للحالة الأميركية، والنقاش الحاد والمتواصل الذي يعرفه موضوع الإجهاض بين مختلف الأطراف داخل المجتمع الأميركي».
وشدد اليزمي على «الحاجة إلى الخروج من الجانب الآيديولوجي، وقراءة الواقع»، وزاد موضحا: «إننا بصدد إشكالية طبية ومجتمعية، وبالتالي يجب أن ننطلق من الواقع وأن ندير النقاش بشكل ديمقراطي على أساس أن الاختلاف شيء صحي، وأن الديمقراطية في العمق هي التدبير السلمي للحق في الاختلاف، والوصول عبر النقاش العمومي إلى توافق».
وعن مسار الاستشارات التي جرت حول الموضوع، والتي أشرفت عليها لجنة مشكلة من وزير العدل والحريات ووزير الشؤون الإسلامية، ورئاسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قال اليزمي إن «الأمر جرى التعامل معه بأريحية»، وإنه «جرى التوصل بنحو 75 مذكرة في ظرف 4 أسابيع من طرف كل تلوينات المجتمع المغربي، بشكل أكد أننا بصدد مجتمع حي يتفاعل وله قدرة على التعبئة والعطاء». كما أبرز اليزمي أن اللجنة التي جرى تعيينها بأمر ملكي، اطلعت على تجارب وقوانين عدد من الدول الإسلامية كتونس وتركيا والبحرين وأذربيجان.
وتشير إحصائيات لمنظمات غير حكومية إلى أن عدد عمليات الإجهاض السري أو غير القانوني التي تجرى في المغرب، تتراوح ما بين 600 و800 حالة يوميا، فيما تشكل مضاعفات الإجهاض نسبة 4.2 في المائة من مجموع وفيات الأمهات. ويجرم القانون المغربي الإجهاض، ويعاقب بالسجن من سنة إلى 5 سنوات كل من قام بهذه العملية من الأطباء وغيرهم، ويشدد العقوبة في حال وفاة الحامل، لتصل إلى السجن مدة تتراوح بين 10 سنوات و20 سنة، كما يعاقب بالسجن من 6 أشهر إلى سنتين وغرامة مالية كل امرأة أجهضت نفسها عمدا، أو حاولت ذلك، أو قبلت أن يجهضها غيرها. بيد أن القانون أباح إجهاض الأم في حال وجود خطر على صحتها، لكن مع ضرورة الحصول على إذن الزوج.



تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
TT

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)

كشف فريق الخبراء الأُمميّين المعنيين باليمن أن الحوثيين متورّطون بتحالفات وثيقة مع تنظيمات إرهابية، وجماعات مسلحة في المنطقة، متهِماً الجماعة بابتزاز وكالات الشحن البحري مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية؛ للحصول على مبالغ قُدّر بأنها تصل إلى 180 مليون دولار شهرياً.

وذكر الخبراء الأُمميّون في تقريرهم السنوي الذي رفعوه إلى مجلس الأمن، أن الجماعة الحوثية تنسّق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه، مؤكداً استخدامه الطائرات المسيّرة، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، لتنفيذ هجماته على القوات الحكومية في محافظتي أبين وشبوة جنوب البلاد.

التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرّية، عَدّ هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

وحذّر التقرير من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدّداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يُدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدّم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنّها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

مصادر فريق الخبراء الدوليين أبلغت أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادُل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب؛ سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في العام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون مُتنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وخليج عدن من الساحل الصومالي، لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.

تعاون مع الإرهاب

أورد الفريق الأممي معلومات حصل عليها من الحكومة اليمنية عن أنشطة تهريب متزايدة بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية، يتعلق معظمها بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، مشيراً إلى امتلاك الجماعتين أسلحة من نفس الطرازات، وبأرقام تسلسلية من نفس الدفعات، ما يرجّح توريدها ونقلها بصورة غير مشروعة بينهما، إلى جانب وجود مورّد مشترك إلى كلتيهما.

وقال الفريق إنه يواصل تحقيقاته بشأن أوجه التعاون المتزايدة بين الجماعة الحوثية و«حركة الشباب» في تهريب الأسلحة، لزعزعة السلام والأمن في اليمن والمنطقة.

ووصف التقرير هذا التعاون بـ«ثمرة تصاعد وتيرة العنف بعد حرب غزة، والتأثير السلبي في جهود السلام اليمنية».

وسبق للحكومة اليمنية الكشف عن إطلاق الجماعة الحوثية سراح 252 من عناصر تنظيم «القاعدة» كانوا محتجَزين في سجون جهازَي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) اللذَين سيطرت عليهما الجماعة الحوثية عقب انقلابها، بما في ذلك إطلاق سراح 20 عنصراً إرهابياً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

الحكومة اليمنية حذّرت أكثر من مرة من تعاون الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة» (غيتي)

وأعادت الحكومة اليمنية، في تصريحات لوزير الإعلام معمر الإرياني، التذكير بخطر تعاون الجماعتين، واستهدافهما الدولة اليمنية، وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحرَّرة، وتوسيع نطاق الفوضى، مما يهدّد دول الجوار، ويشكّل خطراً على التجارة الدولية وخطوط الملاحة البحرية.

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم وفوري لمواجهة هذه التحركات، وضمان السلام والأمان للشعب اليمني والمنطقة والعالم بأسره، «عبر تصنيف الجماعة الحوثية تنظيماً إرهابياً عالمياً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، ودعم استعادة سيطرة الدولة على كامل الأراضي اليمنية».

تقرير الخبراء لفت إلى تزايُد التعاون بين الجماعة الحوثية وجماعات مسلحة عراقية ولبنانية، واستغلالها التصعيد في المنطقة لتعزيز تعاونها مع «محور المقاومة» التابع لإيران، وتَلقّي مساعدات تقنية ومالية وتدريبات من إيران والجماعات المسلحة العراقية و«حزب الله» اللبناني، و«إنشاء مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلاً حوثياً».

جبايات في البحر

يجري تمويل الجماعة الحوثية من خلال شحنات النفط التي تُرسَل من العراق إلى اليمن وفقاً للتقرير الأممي، ويتلقى المقاتلون الحوثيون تدريبات عسكرية تحت إشراف خبراء من «الحشد الشعبي» في معسكرات خاصة، مثل مركز بهبهان التدريبي بمنطقة جرف الصخر.

الناطق باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام يعمل على تنسيق التعاون بينها وبين محور إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وتنظم جماعات مسلحة عراقية حملات تبرعات لدعم الجماعة الحوثية، بإشراف قيادات محلية بارزة، مثل أمير الموسوي؛ المتحدث باسم «تجمّع شباب الشريعة»، الخاضع لسيطرة «كتائب حزب الله»، ويتم تدريب المقاتلين الحوثيين على استهداف السفن، ويجري نقلهم باستخدام جوازات سفر مزوّرة منذ إعادة فتح مطار صنعاء خلال العام قبل الماضي.

ومما كشف عنه تقرير الخبراء أن الجماعة الحوثية تجني مبالغ كبيرة من القرصنة البحرية، وابتزاز وكالات وشركات الشحن الدولية التي تمرّ سفنها عبر البحر الأحمر، وفرض جبايات عليها، مقدِّراً ما تحصل عليه من خلال هذه الأعمال بنحو 180 مليون دولار شهرياً.

ووصف سلوك الجماعة ضد وكالات وشركات الشحن البحرية بالابتزاز الممنهج، حيث تفرض الجماعة رسوماً وجبايات على جميع وكالات الشحن البحري للسماح بمرور سفنها التجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل عدم استهداف سفنها أو التعرض لها.

ما يقارب 180 مليون دولار تجنيها الجماعة الحوثية شهرياً من ابتزاز وكالات النقل البحري مقابل عدم استهداف سفنها (أ.ب)

وأضاف التقرير أن هذه المبالغ «الضخمة» تسهم بشكل كبير في تمويل الأنشطة الحوثية «الإرهابية»، حسب وصفه، كشراء الأسلحة والذخيرة وتدريب المقاتلين.

ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، فياض النعمان، أن «الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تُغرق اليمن والمنطقة في المزيد من الفوضى والاضطرابات، من خلال ممارساتها وأعمالها العدائية، وتُسهم في إذكاء الصراع الخطير بالمنطقة».

وأضاف النعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «التقرير الأممي يكشف عن أكاذيب الميليشيات الحوثية التي تدّعي نصرة القضية الفلسطينية، بينما تستغل هذا الصراع لتوسيع نفوذها وزيادة ثرواتها، من خلال الجبايات على المواطنين، وابتزاز وكالات الشحن الدولية».