بوروندي تحاكم 17 شخصا بتهمة التورط في الانقلاب الفاشل
تجدد الاحتجاجات والأمن يهدد باستخدام الرصاص الحي
بورونديون يتظاهرون ضد ترشح الرئيس نكورونزيزا لولاية ثالثة في العاصمة بوجمبورا أمس (أ.ف.ب)
بوجمبورا :«الشرق الأوسط»
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
بوجمبورا :«الشرق الأوسط»
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
بوروندي تحاكم 17 شخصا بتهمة التورط في الانقلاب الفاشل
بورونديون يتظاهرون ضد ترشح الرئيس نكورونزيزا لولاية ثالثة في العاصمة بوجمبورا أمس (أ.ف.ب)
أحالت السلطات في بوروندي، أمس، 17 شخصًا إلى المحكمة العليا بتهمة التورط في ضلوعهم في محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة ضد الرئيس بيار نكورونزيزا. ونقلت وكالة «رويترز» عن أقارب اثنين من المتهمين، تحدثوا شرط عدم الكشف هويتهم خشية عمليات انتقامية، قولهم إن المشتبه بهم مصابون بجروح واضحة وإن أحدهم فقد السمع في إحدى أذنيه نتيجة التعرض للضرب في الزنزانات. لكن، رغم فشل المحاولة الانقلابية التي انطلقت الأربعاء، تجددت الاحتجاجات في العاصمة بوجمبورا، أمس، ضد ترشح الرئيس لفترة جديدة، وسارعت قوات الأمن لإخمادها. وأفاد شهود بأن عشرات المتظاهرين خرجوا إلى الشوارع في منطقتي موساغا ونيابيكاغا في العاصمة احتجاجًا على ترشح الرئيس نكورونزيزا لولاية ثالثة في الانتخابات المرتقبة الشهر المقبل، «لكن عندما هدد ضباط الجيش باستخدام الرصاص الحي، تفرقت المظاهرات سريعًا». لكن، رغم تفريق هذا الاحتجاج، أبدى البعض عزمه على الاستمرار في التظاهر. وقالت آرميل كيمونيو: «سنظل نحتج إلى أن يتم احترام الدستور، وسنخرج إلى الشوارع بأعداد كبيرة (غدًا) الاثنين». وقال محتج آخر يدعى ندويمانا بيلامي: «كثير منا، نحن المواطنين، لا يريدون انتهاك الدستور، ولن نسمح له (الرئيس) أن يقود البلاد لولاية ثالثة. سنتظاهر حتى يتنحى». وكان الرئيس نكورونزيزا، اتهم في خطاب وجهه إلى الأمة الليلة قبل الماضية، مدبري الانقلاب بالسعي إلى «تدمير المؤسسات المنتخبة ديمقراطيًا»، ودعا إلى وقف فوري للاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع ضد مسعاه للحصول على ولاية ثالثة في انتخابات 26 يونيو (حزيران) المقبل. وقال الرئيس: «أدعو إلى التضامن مع الانتخابات. هناك حاجة إلى أن يساهم كل مواطن»، متجاهلاً دعوات من قادة شرق أفريقيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتأجيل الانتخابات. وقال وزير الأمن العام أبريل (نيسان)، نيزيجاما، إن من بين المعتقلين مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع وآخر في وزارة الأمن الوطني وقائد بالشرطة. وأضاف: «اعتقلنا العشرات من المتمردين بينهم العقول المدبرة للانقلاب الفاشل». وغرقت بوروندي في أزمة سياسية عميقة بعد إعلان نكورونزيزا أنه سيترشح لولاية ثالثة من خمس سنوات وشهدت اشتباكات بين الشرطة والمحتجين أحيت ذكريات الحرب الأهلية العرقية التي انتهت قبل عشر سنوات فقط. ولا يزال مصير الجنرال غودفرويد نيومباري الذي أعلن الإطاحة بالرئيس في انقلاب فاشل، الأربعاء الماضي، غير معروف حتى الآن بعد اعتقاله.
الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيرياhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5091670-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7-%D8%AA%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D8%AC%D8%AF%D9%84%D8%A7%D9%8B-%D9%88%D8%A7%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D9%8B-%D9%81%D9%8A-%D9%86%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A7
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.
يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.
وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.
لا قواعد أجنبية
ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.
وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».
وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».
وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».
كراهية فرنسا
ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.
وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.
المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».
الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».
وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.
شراكة مفيدة
في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.
في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».
وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».
وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».
تعاون عسكري
التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.
في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.
ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.