نشطاء عراقيون شباب يقدمون صورة للتلاحم ونبذ الطائفية

بادروا إلى رفع آثار التخريب في منطقة الأعظمية ببغداد

نشطاء عراقيون شباب يقدمون صورة للتلاحم ونبذ الطائفية
TT

نشطاء عراقيون شباب يقدمون صورة للتلاحم ونبذ الطائفية

نشطاء عراقيون شباب يقدمون صورة للتلاحم ونبذ الطائفية

في مشهدين مختلفين، لا يفصل بينهما أكثر من 24 ساعة، رسم شباب العراق لوحة متفردة في وضح النهار تعبر عن تكاتفهم ومواساتهم لإخوانهم من أهالي منطقة الأعظمية التي تعرضت إلى أعمال شغب وتدمير الأربعاء الماضي، في مشهد يختلف تماما عن الصور التي روجتها وكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعي لألسنة النار وهي تشتعل في تلك البيوت وزعيق صبية غاضبين يرددون شعارات طائفية ويرمون بالحجارة نحوها تحت جنح الليل.
وكانت أعمال عنف وشغب قد اندلعت في منطقة الأعظمية ذات الغالبية السنية في شمال بغداد فجر يوم الخميس الماضي، أثناء عبور زوار شيعة يحيون ذكرى وفاة الإمام الكاظم، قام بها «مندسون»، مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وإحراق منازل والاعتداء على مبنى تابع للوقف السني.
ويقول الناشط المدني والإعلامي عبد الرحمن السومري (23 سنة)، لـ«الشرق الأوسط»: «حالما انتشر خبر وصور حادثة الأعظمية، بادر الصديق حسن قحطان، عازف فرقة حلم الصوفية، إلى إطلاق دعوة عبر الـ(فيسبوك) لأجل استنهاض همة الشباب والقيام بحملة لتنظيف المكان ومساعدة أهالي الأعظمية ومواساتهم، وما هي إلا دقائق حتى انتشرت الدعوة وانضم لها المئات من النشطاء والمبادرين ومعظمهم ينتمون لحملات شبابية مدنية».
وأضاف «وصلنا إلى المنطقة صبيحة اليوم التالي للحادثة، ووجدنا بعض الأهالي يجلسون على الأرصفة والحزن يخيم عليهم لما أصاب بيوتهم من تخريب ونفوسهم من رعب جراء ما حصل، لكنهم فرحوا لوجودنا وعبروا عن امتنانهم لحملتنا». ولفت إلى أن قائد حملتهم هو العلم العراقي فقط.
زميلته الناشطة الشابة آلاء الدراجي قالت إن «الهدف من الحملة هو نبذ الطائفية من خلال وقفة تضامن مع المتضررين، وبالفعل شارك معنا نحو 300 من الناشطين من مختلف الطوائف». وأضافت «لمسنا تعاونا من الأجهزة الأمنية مع عملنا الذي اقتصر على تنظيف المخلفات وتسجيل وتوثيق الأضرار، إضافة إلى الوقفة التضامنية مع الأهالي لنثبت لهم وللجميع أن العراق شعب واحد لا يمكن تفرقته».
بدوره، أكد الناشط والعازف حسن قحطان أن «العراق بخير ما دمنا نعيش فيه، ولن نسمح للطائفية بتخريب حياتنا». وأضاف «قمنا بزيارة أهلنا في الأعظمية، وبعدها قمنا بزيارة مسجد الإمام أبو حنيفة النعمان، وبعدها توجهنا لزيارة مرقد الإمام الكاظم».
وتفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي مع الحملة، وبادرت إلى تأسيس مبادرات تسجل اعتراضها على محاولات البعض لإثارة وتصعيد موجة الفتنة والطائفية بكل أشكالها في البلاد، من بينها حملة «لا للطائفية» التي أطلقها شباب بهدف التأكيد على المشتركات بين أبناء الوطن الواحد. ويقول الناشط علي الشمري «بتنا نستشعر جميعا مدى الخطر الذي يحدق بنا من جراء استمرار موجة التصعيد الطائفي بصوره المختلفة، ومبادرتنا هنا قد تكون صغيرة وسط بحر متلاطم من الشحن الطائفي، إلا أنها تعبر عن وعي شبابي وطني بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا بعيدا عما يريده أصحاب الأهداف التجزيئية في عراقنا الواحد».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.