«داعش» يشن هجمات انتحارية على مقار الجيش والشرطة وسط الرمادي

النازحون عالقون مجددًا على «جسر بزيبز» أملاً في ملاذ ببغداد

عناصر أمن يحرسون نازحين من الرمادي وهم ينتظرون عبور جسر بزيبز في طريقهم إلى بغداد أمس (أ.ب)
عناصر أمن يحرسون نازحين من الرمادي وهم ينتظرون عبور جسر بزيبز في طريقهم إلى بغداد أمس (أ.ب)
TT

«داعش» يشن هجمات انتحارية على مقار الجيش والشرطة وسط الرمادي

عناصر أمن يحرسون نازحين من الرمادي وهم ينتظرون عبور جسر بزيبز في طريقهم إلى بغداد أمس (أ.ب)
عناصر أمن يحرسون نازحين من الرمادي وهم ينتظرون عبور جسر بزيبز في طريقهم إلى بغداد أمس (أ.ب)

تصاعدت وتيرة الهجمات التي يشنها مسلحو تنظيم داعش على مقار أمنية وأخرى حكومية في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار استكمالاً لبسط سيطرتها على ما تبقى من المواقع العسكرية التي ما زالت تحت سيطرة القوات الأمنية بعد سيطرة التنظيم المتطرف على المجمع الحكومي وسط المدينة صباح أول من أمس.
وأكد مصدر أمني عراقي في محافظة الأنبار أن القوات الأمنية تمكنت من صد هجوم لتنظيم داعش بثلاث سيارات مفخخة ومدرعة على مقر اللواء الثامن غرب مدينة الرمادي. وقال المصدر في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن انتحاريين قادوا السيارات لمهاجمة المقر وإن القوات الأمنية قامت بإطلاق صواريخ مضادة للدروع عليهم مما أدى إلى تدمير السيارات وقتل المهاجمين. أضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه «أن عددا من القوات الأمنية أصيبوا بجراح بسبب الانفجار الشديد الناتج عن تدمير السيارات بالإضافة إلى حدوث أضرار في المباني القريبة من المنطقة». كما استهدفت سيارات مفخخة ومدرعة يقودها انتحاريون جسر التأميم وسط الرمادي ومبنى مديرية مكافحة الإجرام. وقال دلف الكبيسي، قائمّقام قضاء الرمادي، لـ«الشرق الأوسط» إن «سيارة مفخخة انفجرت فوق جسر التأميم مما أسفر عن انهيار أجزاء كبيرة من الجسر الذي يربط حي التأميم وأحياء أخرى وجامعة الأنبار بمركز مدينة الرمادي». وأضاف الكبيسي: «مسلحو تنظيم داعش بدأوا بتفجير مقرات حكومية ومواقع أمنية في وسط الرمادي حيث أسفر هجوم بثلاث سيارات مفخخة يقودها انتحاريون مبنى مكافحة الإجرام وسط المدينة مما أسفر عن تدمير المبنى بالكامل وإلحاق أضرار كبيرة في المنازل القريبة من المبنى». وأكد الكبيسي أنه «لا توجد أي قطعات عسكرية تتصدى للمسلحين في وسط المدينة والمسلحون يجوبون شوارع المدينة بحثًا عن مطلوبين لهم واتخذوا من دور المواطنين والمباني الحكومية مقرات بديلة لهم بعد انسحابهم من المجمع الحكومي المنهار أصلاً بسبب القصف العنيف لطائرات التحالف الدولي التي استهدفت المسلحين في المجمع وهناك فقط مواقع عسكرية في شمال وجنوب المدينة تقف الآن في حالة الدفاع ضد الهجمات التي يشنها مسلحو التنظيم بالسيارات المفخخة وقذائف الهاون بينما يصول ويجول مسلحو تنظيم داعش في وسط مدينة الرمادي ويحتجزون مئات العائلات في مناطق البو علوان والجمعية، وارتكب مجازر بحق العشرات من أبناء المدينة».
و المشهد أاليوم مؤلم وقاسٍ لأهالي المدينة، إذ لا تزال مئات العائلات تحت قبضة المسلحين الذين منعوها من الخروج لاستخدامها دروعًا بشرية في معارك الدفاع عما استحوذوا عليه، بينما ظلت مئات العوائل الهاربة مجددا من جحيم المسلحين باتجاه بغداد عالقة عند مدخل جسر بزيبز أمس، لليوم الثاني على التوالي، بانتظار السماح لهم بالدخول إلى العاصمة.
«الشرق الأوسط» واكبت رحلة النازحين وأوضاعهم عند مدخل جسر بزيبز، وهو الطريق الوحيد حاليًا المسيطر عليه من قبل القوات الأمنية العراقية ويربط محافظة الأنبار ببغداد». وقال مسؤول في جمعية الهلال الأحمر العراقية، كان يرافق النازحين في رحلة سيرا على الأقدام امتدت بين الهضاب والصحراء والطرق الوعرة، لـ«الشرق الأوسط» إن النازحين فروا من مركز مدينة الرمادي خشية تعرضهم للقتل على يد مسلحي تنظيم داعش الذين ارتكبوا أمس (الجمعة) مجزرة جديدة بحق العشرات من أبناء عشيرتي البو علوان والبو عساف وغالبيتهم من النساء الأطفال انتقاما من رجال العشيرتين الذين يقاتلون ضد التنظيم، فلا يزال مصير 250 عائلة محتجزة لدى التنظيم وسط الرمادي مجهولا.
وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه: «كنا متيقنين أن هذا الأمر سيحدث وسيتكرر، خصوصًا ونحن لم نتسلم أي مساعدات من شأنها أن تكون عامل مساعدة لتلك العائلات المنكوبة، فالحكومتان المركزية والمحلية لم تتعاملا مع الأمر بشكل جدي وواقعي رغم التحذيرات التي قدمناها لهم وتلك التي أطلقها كثير من المنظمات والعشائر في سبيل إنقاذ الموقف والتدخل السريع عبر التعزيزات العسكرية والمدنية».
والمشهد عند جسر بزيبز الذي يقع مسافة 27 كيلومترا إلى الغرب من بغداد يعيد إلى الذاكرة صورة مأساة قريبة شهدها جسر بزيبز في 11 أبريل (نيسان) الماضي عندما فرت آلاف العوائل من مركز الرمادي بعد أن حقق مسلحو «داعش» تقدما ملحوظا باتجاه مركز المدينة في ذلك الوقت. وتعرض النازحون لأسوأ معاملة عرفها التاريخ المعاصر للعراق بعد منعها من المرور باتجاه العاصمة بغداد ومطالبتها بكفيل، في حينها، بخلاف الدستور العراقي الذي يضمن حرية التنقل بين أراضي الوطن الواحد، وسط امتعاض شعبي وسياسي محلي ودولي.
وعادت أكثر من خمسة آلاف عائلة إلى مدينة الرمادي بعد أن فرضت القوات الأمنية والعشائرية سيطرتها على الجهة الجنوبية من مدينة الرمادي قبل أن يعاود «داعش» الكرّة ويصل إلى المجمع الحكومي فجر أول من أمس، ويحتل المدينة بالكامل، ما اضطر العوائل إلى النزوح من جديد.
من جانب آخر، أكدت مفوضية حقوق الإنسان العراقية أن مسلحي تنظيم داعش قاموا بارتكاب جريمة «إبادة جماعية» بعد إعدامهم العشرات من المدنيين بينهم أطفال ونساء في مدينة الرمادي، ودعت الحكومة العراقية والقوات الأمنية وقوات التحالف الدولي إلى «تأمين ممر إنساني عاجل في المناطق التي يحاصرها التنظيم». وقال عضو المفوضية فاضل الغراوي في تصريح إن «التنظيم قام بممارسات إجرامية أبرزها التهجير القسري للعوائل والسكان من مناطقهم وتهجيرهم ومصادرة ممتلكاتهم وقتل المدنيين بحجة وقوفهم مع الأجهزة الأمنية أو معارضتهم لسياسته». وأشار الغراوي إلى أن «هذه الجرائم تأتي استكمالا لمسلسل الجرائم الخطيرة التي ارتكبتها عصابات (داعش) الإرهابية في كل المحافظات العراقية وبالخصوص الجرائم الأخيرة في محافظة الأنبار والتي تصل إلى مصاف جرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.