انقلابيو اليمن يسلبون العيد بهجته ويلاحقون التجار

جانب من متاجر حبوب بسوق شعبية وسط صنعاء (إ.ب.أ)
جانب من متاجر حبوب بسوق شعبية وسط صنعاء (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يسلبون العيد بهجته ويلاحقون التجار

جانب من متاجر حبوب بسوق شعبية وسط صنعاء (إ.ب.أ)
جانب من متاجر حبوب بسوق شعبية وسط صنعاء (إ.ب.أ)

«لم نعد نفكر في فرحة العيد وملابس أطفالنا، فنحن عاجزون عن توفير الطعام؛ حيث فقدنا كل مصادر الدخل في ظل سيطرة الحوثيين الذين منعوا حتى التجار من توزيع الصدقات على المحتاجين».
بهذا يلخص محمد يحيى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» وضع غالبية عظمى من السكان في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي؛ حيث يعيش نحو 80 في المائة من السكان على المساعدات الإغاثية، بينما حولت هذه الميليشيات شهر رمضان إلى شهر الجبايات المتعددة. ويقول إن «الشيء الوحيد الذي تراه في شوارع صنعاء هو ملاحقة عناصر الحوثيين للباعة والتجار، لإرغامهم على دفع مبالغ باهظة تحت اسم الزكاة».
ويضيف: «بالنسبة لغالبية الناس لم تعد تهتم بمظاهر العيد؛ لأنها تبحث عما يكفيها من الأكل، ولكن الأسر القادرة ذهبت إلى أسواق الملابس المستعملة لشراء ما تفرح به أطفالها، أما الشراء من المحلات التجارية فأصبح مقتصراً على الميسورين والعاملين مع الميليشيات الذين أطلقت أيديهم لنهب كل عائدات الدولة وفرض الجبايات المتعددة، ووصل الأمر بالمشرفين الحوثيين إلى سرقة المبالغ التي يفرضونها على الأسر التي ترفض إرسال مقاتلين إلى الجبهات».
أما سعاد، وهي ربة منزل وأم لأربعة أطفال، ويعمل زوجها في أحد محلات بيع مواد البناء، فتقول إنها اضطرت للمرة الأولى في حياتها لشراء ملابس مستعملة لأبنائها من أجل إسعادهم في العيد، بعدما صُدمت بأسعار الملابس في المحلات التجارية.
وتشرح سعاد كيف أنها اضطرت مع زوجها للتحايل على أطفالهم من خلال إدخال هذه الملابس إحدى المغاسل البخارية، ومن ثم وضعها في أكياس أحد المحلات التجارية كي يعتقدوا أنها جديدة ولا يرفضونها.
وبالمثل، يؤكد عبد الله، وهو صاحب دكان صغير في الأحياء الغربية من صنعاء، أن لديه 6 أولاد: 4 بنات وولدان، وأنه وزوجته صدما بأسعار الملابس، وأنه اضطر إلى الذهاب إلى سوق الجملة في منطقة باب السلام في مدينة صنعاء القديمة؛ حيث تباع كميات من الملابس بالجملة، وبأسعار أقل مما هي عليه في الشوارع التجارية.
ويضيف عبد الله: «دخلي من الدكان في ظل الضرائب والجبايات واشتداد الأزمة لم يعد يكفي لتغطية احتياجاتنا، ولهذا فإن احتياجات العيد أصبحت عبئاً ثقيلاً، ففضلنا الذهاب إلى سوق الجملة مع أن الملابس هناك أقل جودة من تلك التي تباع في المعارض». ويذكر أن طقوس العيد في صنعاء ترتبط أيضاً إلى جانب الملابس الجديدة بكميات الزبيب البلدي واللوز وغيرها من المكسرات التي تقدم صباح العيد؛ لكنه لم يعد يهتم بذلك، فسعر الكيلوغرام ارتفع من 5 آلاف إلى 15 ألف ريال حالياً (الدولار حوالي 600 ريال).
وتؤكد تقارير الهيئات الدولية أنه بعد أكثر من 7 سنوات من الحرب والتدهور الاقتصادي، فإن 23.4 مليون شخص في اليمن (75 في المائة من السكان) يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية خلال العام الحالي، ومن بينهم أكثر من 4.3 مليون شخص نزحوا من منازلهم؛ حيث انهار الاقتصاد، وتحطم النظام الصحي بأكمله تقريباً، مع بقاء نصف المرافق الصحية فقط تعمل.
وكشف تحليل جديد للأمن الغذائي في التصنيف الدولي، عن تدهور مستويات الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد، كما دفعت الأزمة الاقتصادية وانخفاض قيمة العملة إلى زيادة أسعار المواد الغذائية إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2015.
وقال التقرير إنه «من المرجح أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى صدمات استيراد كبيرة، مما يؤدي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية. ومن المتوقع أن يعاني ما يقدر بنحو 1.3 مليون امرأة حامل ومرضع من سوء التغذية الحاد، وهن يخاطرن بولادة الأطفال حديثي الولادة الذين يعانون من تقزم حاد في النمو، وإرضاع الأطفال المصابين بسوء التغذية، نتيجة لازدياد انعدام الأمن الغذائي».
ومنذ بداية العام الجاري، أدى ضعف التمويل الخاص بصندوق الأمم المتحدة للسكان إلى تقليص تدخلات الصحة الإنجابية، والحماية المنقذة للحياة، في جميع أنحاء البلاد، مما عرض حياة آلاف من النساء والفتيات لخطر شديد.
وعلى سبيل المثال، يشير التقرير إلى أنه في الربع الأول من العام، فقدت حوالي 40 ألف امرأة إمكانية الوصول إلى خدمات الحماية؛ حيث لم يتلقَّ الصندوق الأممي سوى 13 في المائة من مبلغ 100 مليون دولار، طالب بها لمواجهة احتياجات العام الحالي.
وتذكر التقارير الأممية أنه منذ بداية العام وحتى نهاية شهر مارس (آذار) وصل الصندوق الأممي إلى أكثر من 700 ألف فرد بخدمات الصحة الإنجابية المنقذة للحياة، ومعلومات وخدمات الحماية والإغاثة في حالات الطوارئ، مع دعم 98 مرفقاً صحياً، و35 مكاناً آمناً، و7 ملاجئ، و8 مراكز متخصصة للصحة العقلية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.