الحوثيون يعينون متهماً بالاختلاس وزير تجارة لحكومتهم الانقلابية

محمد شرف المطهر وزير التجارة بحكومة الانقلاب والمتهم بالفساد
محمد شرف المطهر وزير التجارة بحكومة الانقلاب والمتهم بالفساد
TT

الحوثيون يعينون متهماً بالاختلاس وزير تجارة لحكومتهم الانقلابية

محمد شرف المطهر وزير التجارة بحكومة الانقلاب والمتهم بالفساد
محمد شرف المطهر وزير التجارة بحكومة الانقلاب والمتهم بالفساد

أثار القرار الذي أصدرته الميليشيات الحوثية بتعيين القيادي في الجماعة محمد شرف أمير الدين المطهر، وزيراً للصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، موجة من السخرية في الأوساط الشعبية والسياسية؛ خصوصاً بعد حديث قادة الميليشيات عن أنهم بدأوا مرحلة جديدة زعموا بأنها سوف تكافح الفساد في مؤسسات الدولة التي سيطروا عليها بالانقلاب.
موجة السخرية من قرار تعيين المطهر في هذا المنصب سببها أنه متهم باختلاس الأموال العامة، حين كان نائباً للمدير التنفيذي لشركة الغاز، كما أن تعيينه في ذلك الموقع عام 2016 جاء مخالفاً للقانون؛ لأنه لم يكن ضمن قوام موظفي الدولة، والأهم في ذلك أن تعيينه وزيراً كشف عن عودة قوية للجناح الذي يقوده عبد الكريم الحوثي، وزير داخلية الجماعة التي لا يعترف بها أحد، وعم زعيم الميليشيات، بعد فترة طويلة من تواري هذا الصراع عن أحاديث السياسيين والناشطين.
ووفق البيانات التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، فإن المطهر عُيّن في بداية الانقلاب نائباً لمدير شركة الغاز الحكومية، مع أنه لم يكن ضمن قوام موظفي الدولة، وهو إجراء يخالف قانون الخدمة المدنية الذي ينص على وجوب أن يكون شاغلو الوظائف ضمن موظفي الدولة، وأن يتدرجوا في المواقع الوظيفية، وأن يقضوا مدة لا تقل عن 15 عاماً كي يتم تعيينهم في موقع المدير العام، وهي من وظائف السلطة العليا. كما أن محامي الأموال العامة في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي، قد وجَّه في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 بإحالة المطهر للتحقيق، بناء على شكوى تقدم بها التحالف اليمني للرقابة، اتهم فيها المطهر «بالاختلاس والاستيلاء على المال العام».
وبموجب تقرير جهاز الرقابة والمحاسبة الخاضع للحوثيين، فإن المطهر اختلس أكثر من 26 مليون ريال يمني (الدولار حوالي 600 ريال)، إضافة إلى قيامه بتعيين أخيه نبيل المطهر مديراً للمنشآت النفطية في ميناء رأس عيسى الواقع على البحر الأحمر.
ويواجه أخوه التهم نفسها الموجهة لشقيقه، استناداً إلى تقرير جهاز الرقابة والمحاسبة رقم 1114 لعام 2017 بشأن وقائع الفساد المرتكبة في فرع شركة النفط اليمنية في محافظة الحديدة، وهو التقرير الذي سُلم إلى رئيس مجلس حكم الانقلاب الذي بدوره وجَّه بإحالة الرجلين إلى المحاكمة، غير أن ذلك لم يتم بسبب النفوذ الذي يتمتع به عبد الكريم الحوثي الذي يتولى حمايته.
ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإنه بعد صراع داخل أجنحة الميليشيات، أقيل المطهر من منصبه في شركة الغاز عام 2018، استناداً إلى تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة حول الفساد المنسوب إليه.
وشملت التقارير أيضاً اتهامه بالتلاعب بأسعار الغاز والاستفادة من فارق السعر، كما أنه قام بتعيين إخوته وأقاربه في مناصب أخرى، استناداً إلى قربه من عم زعيم الميليشيات ووزير داخليتها، والذي تدخل شخصياً وطلب من رئيس مجلس الحكم الانقلابي حينها صالح الصماد العدول عن قرار عزل المطهر؛ لكن طلبه رُفض؛ حيث يستند الصماد إلى الجناح الذي يعمل معه، ويرتبط مباشرة بمكتب زعيم الميليشيات، في وقت كان يشغل فيه «الحوثي العم» حينها موقع المشرف العام على العاصمة، وانصب اهتمامه على جمع أكبر قدر من الأموال من المؤسسات الحكومية أو الشركات الخاصة.
وتشير معلومات أخرى إلى أن القياديين في الجماعة: حسن الصعدي، ﻭموسى الحوثي، وهما يمسكان بما تسمى اللجنة الاقتصادية العليا، ويعملان مع جناح الحوثي العم، يقفان وراء اقتراح تعيين المطهر نائباً لمدير شركة الغاز، مع أنه يحمل مؤهلاً في الشريعة فقط، ولم يكن ضمن قوام موظفي الدولة، كما أنه اتُّهم من الجناح المنافس بأنه «عديم الكفاءة»، وبأن تعيينه «كارثة وغطاء لممارسة الفساد داخل الشركة». ومن ضمن التهم التي سيقت له: التورط في بيع قاطرات نقل النفط، وإدارة السوق السوداء، كما قام بتعيين أخيه الآخر «حمزة» مديراً للمشتريات في شركة الغاز، وابن عمه مديراً في الشركة نفسها، إلى جانب الأخ الذي كان قد عينه مديراً للمنشآت النفطية في ميناء رأس عيسى.
وتظهر بيانات فرع نقابة المحامين بصنعاء، أن المطهر كان قبل تعيينه مدرجاً على جدول المحامين تحت التمرين؛ لكنه اليوم أصبح وزيراً للصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب، ما يؤشر إلى مرحلة جديدة من الصراع والنفوذ بين أجنحة الميليشيات على الأموال والقطاع التجاري والصناعي، كما يظهر ذلك المدى الذي أصبح عليه التيار الذي يقوده عبد الكريم الحوثي في مواجهة التيارين الآخرين اللذين يقودهما أحمد حامد مدير مكتب رئيس مجلس حكم الانقلاب، والذي يوصف بأنه الحاكم الفعلي لمناطق سيطرة الميليشيات، والتيار الآخر بزعامة محمد علي الحوثي المعين حالياً عضواً في مجلس حكم الانقلاب.
يشار إلى أن الأخير (محمد علي الحوثي) تراجع تأثيره بشكل كبير داخل تركيبة الميليشيات وبات متفرغاً لإدارة ما تسمى «المنظومة العدلية»، بعد أن نزع منه زعيم الميليشيات هيئة الأوقاف وعين على رأسها أحد أفراد العائلة، ويدعى عبد المجيد الحوثي؛ حيث لم تَبق تحت سيطرته سوى مصلحة أراضي وعقارات الدولة، في حين تحول جزء من حلفائه إلى صفوف المعارضين لنظام حكم الميليشيات بشكلٍ عام.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».