تصعيد بين «الحركة الإسلامية» في إسرائيل و«حماس»

الموحدة ترد على السنوار واليمين المتطرف يطالب باغتياله

صورة على حساب القائمة العربية الموحدة (الإسلامية) في فيسبوك لإفطار رمضاني بحضور منصور عباس
صورة على حساب القائمة العربية الموحدة (الإسلامية) في فيسبوك لإفطار رمضاني بحضور منصور عباس
TT
20

تصعيد بين «الحركة الإسلامية» في إسرائيل و«حماس»

صورة على حساب القائمة العربية الموحدة (الإسلامية) في فيسبوك لإفطار رمضاني بحضور منصور عباس
صورة على حساب القائمة العربية الموحدة (الإسلامية) في فيسبوك لإفطار رمضاني بحضور منصور عباس

أثارت تصريحات رئيس حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، ضد حكومة نفتالي بنيت، واتهامه رئيس كتلة الحركة الإسلامية الشريكة في الائتلاف، النائب منصور عباس، بالخيانة، ردود فعل صاخبة في صفوف الفلسطينيين، وكذلك في إسرائيل، وفجرت خلافات داخل الحركة الإسلامية نفسها، واستغلتها قوى اليمين المتطرف، لتدعو أجهزة الأمن في تل أبيب إلى اغتيال المسؤول الحماسي فوراً.
وقد سارع رئيس الوزراء، بنيت، إلى التعقيب على تصريحات السنوار، في مستهل جلسة الحكومة، أمس الأحد، ملمحاً بأن السنوار يفضل أن تكون في إسرائيل حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو. وقال: «سمعت أمس التصريحات التي أدلى بها قائد حماس في غزة، يحيى السنوار، وهو يدعو منصور عباس إلى حل هذه الحكومة. أعتقد أنه في هذه المرحلة لقد بات واضحاً تماماً أن حماس ليست معجبة بهذه الحكومة، وربما أصبح قادتها يشتاقون لحقائب الدولارات، أو ربما لا يروق لهم خيار العمل المشترك لنا جميعاً في سبيل تحسين الظروف المعيشية الخاصة بمواطني إسرائيل من العرب». وأضاف بنيت: «إنها نقطة في غاية الأهمية حيث تسقط الأقنعة وتصبح مآرب كل جهة واضحة بالنسبة للجميع. إن حقيقة الرغبة الحمساوية بإسقاط حكومتنا تعبّر عن كل شيء، وفي هذه الجزئية أيضاً لا يجوز السماح للسنوار بالانتصار».
وعلق محرر الشؤون الفلسطينية في القناة «12» للتلفزيون الإسرائيلي، أوهاد حيمو، بقوله، إن خطاب السنوار قدم أكبر خدمة لنفتالي بنيت وحكومته. وكان السنوار قد ألقى خطاباً في غزة، السبت، أمام نخبة من الفلسطينيين، هاجم فيها الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني عموما وفي القدس بشكل خاص. وقال: «عليكم أن تتجهزوا لمعركة كبيرة إن لم يكف الاحتلال عن الاعتداء على المسجد الأقصى». وامتدح المرابطين فيه من الفلسطينيين. ودعا «ممثلي الأجنحة العسكرية، ليكونوا على أهبة الاستعداد للدفاع عن الأقصى»، مشيرا إلى «أن الاقتحامات ستتكرر»، وأن التاريخ سيسجل وصمة عار على من يسمح بدخول قوات الاحتلال ومحاولة فرض التقسيم الزماني بدخول المستوطنين لساحات المسجد الأقصى.
لكن أكثر ما لفت النظر في إسرائيل من خطابه، هو هجومه المباشر والأول من نوعه، ضد القائمة العربية للحركة الإسلامية في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ورئيسها النائب منصور عباس، الذي قال فيه: «تشكيلكم شبكة أمان لحكومة الاحتلال التي تأخذ القرار لاستباحة المسجد الأقصى، هو جريمة لا يمكن أن نغفرها لكم، وهو تنكر لدينكم وعروبتكم». وطالب السنوار «الإخوة في الحركة الإسلامية الجنوبية بالانسحاب من حكومة الاحتلال، وليس الاكتفاء بتعليق المشاركة».
ورد عليه منصور عباس بحدة، رافضاً هذا التدخل في شؤون حركته. وأصدرت «القائمة العربية الموحدة» بياناً، أمس الأحد، ردّت فيه هي الأخرى على السنوار. جاء فيه: «تستمدّ القائمة العربيّة الموحّدة شرعيّة وجودها، من أبناء المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل الداعمين لنهجها والمصوّتين لها. القائمة لا تعمل وكيلة لمصالح جهة أو أخرى، ثوابتها واضحة، وبوصلتها واحدة فقط، وفق مصلحة المجتمع العربي في الداخل». وأضاف البيان: «ترفض الموحّدة كلّ تدخّل في شؤونها وكلّ مزايدة على مواقفها، لا سيّما تلك المتعلّقة بالقدس والأقصى. وتؤكّد أنّ أبناء الحركة الإسلاميّة هم أكثر من يُترجمون حبّ الأقصى واقعاً وعملاً، فقد جمّدت الموحّدة عضويّة نوّابها في البرلمان نتيجة الأحداث الأخيرة بحقّ القدس والأقصى، في خطوة لوقف الأحداث في القدس والانتهاكات في الأقصى، ووضعت موقفاً ومطلباً واضحاً في كلّ ما يخصّ المسجد الأقصى المبارك. وميدانيّاً، واصلت الحركة الإسلاميّة مشروعها بتسيير آلاف الحافلات للمسجد الأقصى، وإقامة العديد من المشاريع في القدس والأقصى، ومنها مشاريع رباط وتمكين والحفاظ على الأوقاف والمقدّسات».
وشددت الموحّدة على «أن تبقى بوصلتها موجّهة نحو تحقيق مصالح المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل»، وأنها لن تسمح لأصوات غريبة أن تحرف القائمة عن بوصلتها. مضيفة: «اختارنا أبناء مجتمعنا لنمثّل قضاياهم ونؤثّر من أجل حلّها، إن كان ذلك في ملفّ العنف والجريمة أو القرى غير المعترف بها، أو أزمة الأرض والمسكن، وغيرها من القضايا الّتي ينزف بسببها أبناء هذا المجتمع صباحاً ومساء، والّتي نقلها نوّاب الموحّدة إلى دائرة التأثير، وهي دائرة التأثير نفسها التي اختارتها الموحّدة عام 2005 حينما كانت الصوت الّذي حسم انسحاب إسرائيل من غزة». وقد جاء هذا البيان بعد أن تحدثت أوساط في حماس، عن وجود معارضة شديدة لمنصور عباس في الحركة الإسلامية، ليظهر الوحدة وراء عباس.
في هذه الأثناء، أطلقت عدة أوساط يمينية في إسرائيل، الدعوات لاغتيال السنوار، وقال موقع «أبو علي اكسبرس» الإسرائيلي، إن زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار يشكل خطراً حقيقياً على مستقبل إسرائيل. وأشار الموقع إلى أنه من الجدير لإسرائيل أن تغتال السنوار في أقرب وقت ممكن، لأن إطلاق سراح هذا الرجل من السجون الإسرائيلية، تسبب في تغييرات جذرية على الساحتين الفلسطينية والإقليمية بطريقة ليست في صالح إسرائيل.
وأجمعت ردود الفعل الإسرائيلية، في العموم، على سخطها واستيائها مما وصف بـ«تحدي السنوار لدولة إسرائيل»، معتبرة أنه بدأ يشكل خطراً حقيقياً على إسرائيل. وقال الصحافي اليميني يوني بن مناحيم، إن السنوار، «كشف الضعف الأمني والسياسي لحكومة بنيت لبيد - غانتس، وسمح لنفسه بتهديد إسرائيل بشكل صارخ بدافع من الشعور بالقوة الكبيرة».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.