تصعيد بين «الحركة الإسلامية» في إسرائيل و«حماس»

الموحدة ترد على السنوار واليمين المتطرف يطالب باغتياله

صورة على حساب القائمة العربية الموحدة (الإسلامية) في فيسبوك لإفطار رمضاني بحضور منصور عباس
صورة على حساب القائمة العربية الموحدة (الإسلامية) في فيسبوك لإفطار رمضاني بحضور منصور عباس
TT

تصعيد بين «الحركة الإسلامية» في إسرائيل و«حماس»

صورة على حساب القائمة العربية الموحدة (الإسلامية) في فيسبوك لإفطار رمضاني بحضور منصور عباس
صورة على حساب القائمة العربية الموحدة (الإسلامية) في فيسبوك لإفطار رمضاني بحضور منصور عباس

أثارت تصريحات رئيس حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، ضد حكومة نفتالي بنيت، واتهامه رئيس كتلة الحركة الإسلامية الشريكة في الائتلاف، النائب منصور عباس، بالخيانة، ردود فعل صاخبة في صفوف الفلسطينيين، وكذلك في إسرائيل، وفجرت خلافات داخل الحركة الإسلامية نفسها، واستغلتها قوى اليمين المتطرف، لتدعو أجهزة الأمن في تل أبيب إلى اغتيال المسؤول الحماسي فوراً.
وقد سارع رئيس الوزراء، بنيت، إلى التعقيب على تصريحات السنوار، في مستهل جلسة الحكومة، أمس الأحد، ملمحاً بأن السنوار يفضل أن تكون في إسرائيل حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو. وقال: «سمعت أمس التصريحات التي أدلى بها قائد حماس في غزة، يحيى السنوار، وهو يدعو منصور عباس إلى حل هذه الحكومة. أعتقد أنه في هذه المرحلة لقد بات واضحاً تماماً أن حماس ليست معجبة بهذه الحكومة، وربما أصبح قادتها يشتاقون لحقائب الدولارات، أو ربما لا يروق لهم خيار العمل المشترك لنا جميعاً في سبيل تحسين الظروف المعيشية الخاصة بمواطني إسرائيل من العرب». وأضاف بنيت: «إنها نقطة في غاية الأهمية حيث تسقط الأقنعة وتصبح مآرب كل جهة واضحة بالنسبة للجميع. إن حقيقة الرغبة الحمساوية بإسقاط حكومتنا تعبّر عن كل شيء، وفي هذه الجزئية أيضاً لا يجوز السماح للسنوار بالانتصار».
وعلق محرر الشؤون الفلسطينية في القناة «12» للتلفزيون الإسرائيلي، أوهاد حيمو، بقوله، إن خطاب السنوار قدم أكبر خدمة لنفتالي بنيت وحكومته. وكان السنوار قد ألقى خطاباً في غزة، السبت، أمام نخبة من الفلسطينيين، هاجم فيها الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني عموما وفي القدس بشكل خاص. وقال: «عليكم أن تتجهزوا لمعركة كبيرة إن لم يكف الاحتلال عن الاعتداء على المسجد الأقصى». وامتدح المرابطين فيه من الفلسطينيين. ودعا «ممثلي الأجنحة العسكرية، ليكونوا على أهبة الاستعداد للدفاع عن الأقصى»، مشيرا إلى «أن الاقتحامات ستتكرر»، وأن التاريخ سيسجل وصمة عار على من يسمح بدخول قوات الاحتلال ومحاولة فرض التقسيم الزماني بدخول المستوطنين لساحات المسجد الأقصى.
لكن أكثر ما لفت النظر في إسرائيل من خطابه، هو هجومه المباشر والأول من نوعه، ضد القائمة العربية للحركة الإسلامية في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ورئيسها النائب منصور عباس، الذي قال فيه: «تشكيلكم شبكة أمان لحكومة الاحتلال التي تأخذ القرار لاستباحة المسجد الأقصى، هو جريمة لا يمكن أن نغفرها لكم، وهو تنكر لدينكم وعروبتكم». وطالب السنوار «الإخوة في الحركة الإسلامية الجنوبية بالانسحاب من حكومة الاحتلال، وليس الاكتفاء بتعليق المشاركة».
ورد عليه منصور عباس بحدة، رافضاً هذا التدخل في شؤون حركته. وأصدرت «القائمة العربية الموحدة» بياناً، أمس الأحد، ردّت فيه هي الأخرى على السنوار. جاء فيه: «تستمدّ القائمة العربيّة الموحّدة شرعيّة وجودها، من أبناء المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل الداعمين لنهجها والمصوّتين لها. القائمة لا تعمل وكيلة لمصالح جهة أو أخرى، ثوابتها واضحة، وبوصلتها واحدة فقط، وفق مصلحة المجتمع العربي في الداخل». وأضاف البيان: «ترفض الموحّدة كلّ تدخّل في شؤونها وكلّ مزايدة على مواقفها، لا سيّما تلك المتعلّقة بالقدس والأقصى. وتؤكّد أنّ أبناء الحركة الإسلاميّة هم أكثر من يُترجمون حبّ الأقصى واقعاً وعملاً، فقد جمّدت الموحّدة عضويّة نوّابها في البرلمان نتيجة الأحداث الأخيرة بحقّ القدس والأقصى، في خطوة لوقف الأحداث في القدس والانتهاكات في الأقصى، ووضعت موقفاً ومطلباً واضحاً في كلّ ما يخصّ المسجد الأقصى المبارك. وميدانيّاً، واصلت الحركة الإسلاميّة مشروعها بتسيير آلاف الحافلات للمسجد الأقصى، وإقامة العديد من المشاريع في القدس والأقصى، ومنها مشاريع رباط وتمكين والحفاظ على الأوقاف والمقدّسات».
وشددت الموحّدة على «أن تبقى بوصلتها موجّهة نحو تحقيق مصالح المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل»، وأنها لن تسمح لأصوات غريبة أن تحرف القائمة عن بوصلتها. مضيفة: «اختارنا أبناء مجتمعنا لنمثّل قضاياهم ونؤثّر من أجل حلّها، إن كان ذلك في ملفّ العنف والجريمة أو القرى غير المعترف بها، أو أزمة الأرض والمسكن، وغيرها من القضايا الّتي ينزف بسببها أبناء هذا المجتمع صباحاً ومساء، والّتي نقلها نوّاب الموحّدة إلى دائرة التأثير، وهي دائرة التأثير نفسها التي اختارتها الموحّدة عام 2005 حينما كانت الصوت الّذي حسم انسحاب إسرائيل من غزة». وقد جاء هذا البيان بعد أن تحدثت أوساط في حماس، عن وجود معارضة شديدة لمنصور عباس في الحركة الإسلامية، ليظهر الوحدة وراء عباس.
في هذه الأثناء، أطلقت عدة أوساط يمينية في إسرائيل، الدعوات لاغتيال السنوار، وقال موقع «أبو علي اكسبرس» الإسرائيلي، إن زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار يشكل خطراً حقيقياً على مستقبل إسرائيل. وأشار الموقع إلى أنه من الجدير لإسرائيل أن تغتال السنوار في أقرب وقت ممكن، لأن إطلاق سراح هذا الرجل من السجون الإسرائيلية، تسبب في تغييرات جذرية على الساحتين الفلسطينية والإقليمية بطريقة ليست في صالح إسرائيل.
وأجمعت ردود الفعل الإسرائيلية، في العموم، على سخطها واستيائها مما وصف بـ«تحدي السنوار لدولة إسرائيل»، معتبرة أنه بدأ يشكل خطراً حقيقياً على إسرائيل. وقال الصحافي اليميني يوني بن مناحيم، إن السنوار، «كشف الضعف الأمني والسياسي لحكومة بنيت لبيد - غانتس، وسمح لنفسه بتهديد إسرائيل بشكل صارخ بدافع من الشعور بالقوة الكبيرة».



انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
TT

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)

تراجعت القدرة الشرائية لغالبية اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، بعد موجة غلاء شديدة ضربت الأسواق، وارتفعت معها أسعار المواد والسلع الأساسية والغذائية، على الرغم من تراجعها عالمياً للشهر الثالث على التوالي.

وارتفعت الأسعار في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية؛ ما اضطر كثيراً من العائلات إلى خفض استهلاكها من بعض السلع، أو الاستغناء عن بعض الأصناف، مثل الخضراوات والفواكه، في حين رفعت المطاعم أسعار الوجبات التي تقدمها، رغم تراجع الإقبال عليها.

وتقول مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار بعض السلع الغذائية زادت، خلال الأسابيع الماضية، بشكل كبير ومفاجئ، في حين حدثت زيادات تدريجية لسلع أخرى، دون أن يصدر حول ذلك أي بيانات أو توضيح من الجماعة الحوثية التي تسيطر على القطاع التجاري، أو إجراءات للحد من ذلك.

وزاد سعر كيس الدقيق زنة 50 كيلوغراماً نحو 3 دولارات؛ حيث ارتفع أحد أنواعه من 12400 ريال يمني إلى نحو 14 ألف ريال، وتفاوتت الزيادة في أسعار كيس الأرز بين 3 و6 دولارات، حسب النوع، بينما ارتفع سعر زجاجة الزيت (5 لترات) بمقدار دولارين لغالبية أنواعه، وتجاوز سعر كرتونة البيض 4 دولارات، بعد أن وصل إلى 2200 ريال. (تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي 535 ريالاً يمنياً).

اتهامات للحوثيين بفرض جبايات لتعويض خسائرهم من العقوبات الأميركية والغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتقول أروى سلام، وهي معلمة وربَّة منزل، لـ«الشرق الأوسط»، إنها اضطرت منذ نحو شهر للتخلي عن شراء الخضراوات تماماً، ما عدا الضروري منها لإعداد الوجبات، في محاولة منها لتوفير ثمن الدقيق والسكر والأرز.

وشملت الزيادات أسعار الخضراوات والفواكه محلية الإنتاج، والمعلبات التي تدخل ضمن أساسيات التغذية في اليمن، مثل التونة واللبن المجفف والأجبان، التي اضطرت غالبية العائلات للتوقف عن شرائها.

خنق الأسواق

بدأت موجة الغلاء الجديدة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقفزة كبيرة في أسعار السكر، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ ارتفع سعر الكيس الذي يزن 50 كيلوغراماً من 20 ألف ريال، إلى 26 ألف ريال لأكثر أنواعه انتشاراً في الأسواق، وهي زيادة تعادل نحو 12 دولاراً.

يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

ومع موجة الغلاء الأخيرة، عاود السكر ارتفاع أسعاره خلال الأسابيع الماضية، وتفاوتت الزيادة الجديدة بين دولارين وأربعة دولارات، إلا أن غالبية الباعة استمروا ببيعه وفقاً للزيادة الأولى، التي تسببت بارتفاع أسعار المشروبات في المقاهي، وعدد من الأصناف التي يدخل في تكوينها.

وواجهت المطاعم صعوبات في التعامل مع الزيادات السعرية الجديدة، بعد أن اضطرت لرفع أسعار الوجبات التي تقدمها، وهو ما أدى إلى تراجع الإقبال عليها.

وتحدث عمار محمد، وهو مدير صالة في أحد المطاعم لـ«الشرق الأوسط» عن قلة عدد رواد المطعم الذي يعمل فيه منذ ارتفاع أسعار الوجبات، مع عزوف من تبقى منهم عن تناول الوجبات المرتفعة الثمن، وتقليل الكميات التي يتناولونها، وهو ما تسبب في تراجع دخل المطعم.

الجماعة الحوثية فرضت المزيد من الجبايات على نقل البضائع متسببة في موجات غلاء متتالية (غيتي)

وأبدى خشيتَه من أن يُضطَر مُلاك المطاعم إلى تسريح بعض العمال بسبب هذا التراجع، رغم توقُّعه تكيُّف معظم الزبائن مع الوضع الجديد، ورجوعهم إلى عاداتهم في تناول الوجبات خارج منازلهم بعد مضي بعض الوقت.

إلا أن باحثاً اقتصادياً نفى إمكانية حدوث التكيف مع الأوضاع الجديدة؛ فبعد كل هذه السنين من الأزمات المعيشية، والإفقار المتعمد للسكان، حسب وصفه، أصبح التكيف أمراً غاية في الصعوبة، خصوصاً مع توقف رواتب موظفي الدولة، واتساع رقعة البطالة، وتراجع المساعدات الإغاثية.

ولفت الباحث الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الإفصاح عن هويته لإقامته في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، إلى أن التكيف يحدث في أوضاع يمكن أن تتوفر فيها فرص للسكان لزيادة مداخيلهم، وابتكار طرق جديدة لتحسين معيشتهم.

الأسواق في مناطق سيطرة الحوثيين تعاني من ركود كبير بعد موجات الغلاء (أ.ف.ب)

وأوضح أن الجماعة لا تهتم إلا بزيادة عائداتها، وتتبع جميع الوسائل التي ترهق السكان؛ من فرض المزيد من الضرائب والجمارك ومضاعفتها بشكل غير قانوني، والعبث بالقطاع التجاري والاستثماري، وجميعها إجراءات تعمّق الركود وتعيق الحركة المالية ونشوء الأسواق وتوسع البطالة.

غلاء عكس المتوقع

امتنعت كبريات الشركات التجارية عن إبداء تفسيرات لهذه الزيادات السعرية، بالتوازي مع عدم اتخاذ الجماعة الحوثية أي إجراءات لمنعها أو تفسيرها، رغم ادعاءاتها باستمرار إجراءاتها للرقابة السعرية، وحماية المستهلكين من الاستغلال.

تأتي هذه الزيادات في الوقت الذي أظهرت فيه مؤشرات «منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)»، تراجعاً عالمياً في أسعار السلع الغذائية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للشهر الثالث على التوالي.

وبيَّنت المؤشرات، التي أعلنت عنها «فاو»، والتي ترصد أسعار سلَّة من السلع الغذائية المتداولة حول العالم، ظهور انخفاض من متوسط 126.6 نقطة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 125.1 نقطة، الشهر الماضي، بما يساوي 1.2 في المائة.

وطبقاً لذلك، هبطت أسعار أغلب فئات السلع الأساسية، مثل الألبان ومنتجاتها واللحوم والزيوت النباتية والسكر، رغم ارتفاع مؤشر أسعار الحبوب.

وأرجعت المنظمة الأممية هذا التراجع السعري إلى وفرة المعروض العالمي من السلع، وزيادة الإمدادات في أسواق التصدير، ما زاد المنافسة وخفّض الضغوط السعرية.

ومنذ أيام، حذَّرت المنظمة ذاتها من أن نصف الأسر في اليمن تعاني من نقص الغذاء والحرمان الشديد في أربع محافظات.


«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
TT

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)

حذَّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية الذي وصفته بأنه عند «مستويات كارثية».

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 52 في المائة من الأدوية الأساسية و71 في المائة من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً»، كما أن 70 في المائة من المستهلكات اللازمة لتشغيل المختبرات بات رصيدها «صفراً» أيضاً.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة «حماس»، في بيان، إن أقسام جراحة العظام، والغسل الكلوي، والعيون، والجراحة العامة، والعمليات، والعناية الفائقة، تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، كما أن هناك نقصاً شديداً في الأدوية اللازمة للرعاية الأولية والسرطان وأمراض الدم.

وحذَّرت الوزارة من تصاعد الأزمة في ظل زيادة الحاجة إلى مزيد من التدخلات العلاجية للمرضى والجرحى، وطالبت بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين الأطقم الطبية من أداء عملها.


الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.