لبنان: تطيير «الكابيتال كونترول» يؤجل الاتفاق مع «النقد الدولي» ولا يلغيه

المساعدات المالية الخارجية مشروطة بإقراره

مشارك في مظاهرة لـ«الاتحاد الوطني لنقابات العمال» في بيروت أمس بمناسبة عيد العمال (الشرق الأوسط)
مشارك في مظاهرة لـ«الاتحاد الوطني لنقابات العمال» في بيروت أمس بمناسبة عيد العمال (الشرق الأوسط)
TT

لبنان: تطيير «الكابيتال كونترول» يؤجل الاتفاق مع «النقد الدولي» ولا يلغيه

مشارك في مظاهرة لـ«الاتحاد الوطني لنقابات العمال» في بيروت أمس بمناسبة عيد العمال (الشرق الأوسط)
مشارك في مظاهرة لـ«الاتحاد الوطني لنقابات العمال» في بيروت أمس بمناسبة عيد العمال (الشرق الأوسط)

نجحت بعض القوى السياسية في لبنان، بتطيير قانون تقييد وتنظيم التحويلات والسحوبات المالية المعروف بـ«الكابيتال كونترول» لأسباب شعبوية وانتخابية، كي لا تدفع ثمنها في صناديق الاقتراع، إلا أن هذه المغامرة بدأت تهدد خطّة التعافي الاقتصادي والمالي، وتدفع باتجاه تطيير الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، باعتبار أن «الكابيتال كونترول» يمثّل شرطاً أول للصندوق، كي لا تذهب أمواله المرصودة للبنان أو بعضها إلى حسابات السياسيين في الخارج. وإذا كانت ظروف التفاوض مع صندوق النقد، متاحة في هذه المرحلة، فقد تكون معقّدة أو شبه مستحيلة في مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في 15 مايو (أيار) المقبل، بالنظر لصعوبة تشكيل حكومة جديدة تستأنف عملية التفاوض، لكنّ النائب علي درويش، عضو كتلة «الوسط المستقلّ» التي يرأسها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، قلّل من خطورة تطيير قانون «الكابيتال كونترول»، وتأثيراته على عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي. وذكّر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المفاوضات لن تتوقّف مع الصندوق بعد الانتخابات أياً كانت الحكومة الجديدة، خصوصاً أن الاتفاق المبدئي لا يزال قائماً والمفاوضات ستستكمل للوصول إلى اتفاق نهائي وواضح يكون قابلاً للتنفيذ». وإذ اعترف درويش بأن «تطيير قانون الكابيتال كونترول مرحليّاً، قد يؤجل الاتفاق مع صندوق النقد لكنه لا يلغيه»، دعا البرلمان الجديد إلى «تحمّل مسؤولياته وأن يكون أكثر ديناميكية، وألّا تهدر الحكومة الجديدة الوقت، لأن الوضع لا يسمح بالمراوغة». ويترقب الخبراء كيفية تعاطي حكومة ما بعد الانتخابات مع صندوق النقد وشروطه، وسط مخاوف حقيقية مخاوف باتت أكبر حيال صعوبة تشكيل حكومة جديدة تتولّى إدارة البلاد خلال الفترة التي تفصل ما بين استحقاقي الانتخابات النيابية، والانتخابات الرئاسية التي تسبق انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 30 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. لكنّ النائب درويش دعا إلى عدم الدخول في التكهنات، وشدد على «ضرورة احترام الاستحقاقات الدستورية وحصولها بانتظام، بحيث تجري الانتخابات النيابية وأن تشكّل حكومة جديدة بسرعة، لأن الوضع لا يحتمل غياب سلطة تنفيذية»، معترفاً بأنه «إذا لم تحترم الاستحقاقات الدستورية عندها سنكون أمام نتائج سلبية للغاية». ورفض مقولة أن «تطيير قانون الكابيتال كونترول ينطلق من مبدأ الحفاظ على ودائع اللبنانيين». وأضاف درويش: «في الفترة الأخيرة جرى مقاربة القانون من منطلق سياسي - شعبوي بدل مناقشته بشكل تقني»، مشدداً على أن «أموال المودعين مصانة ولن يكون هناك أي مساس بها ولا أحد يخطط للاستيلاء عليها، لكن بالتأكيد لم نصل بعد إلى صيغة نهائية لكيفية دفع الودائع التي تفوق المائة ألف دولار أميركي». وأخفق البرلمان اللبناني في الأسبوع الأول من شهر أبريل (نيسان) الحالي في إقرار قانون «الكابيتال كونترول»، إثر اعتراض كتل نيابية على صيغته المبهمة التي تهدد بالاستيلاء على أموال المودعين، كما فشل بعقد جلسة تشريعية الثلاثاء الماضي لإقرار القانون، بسبب الاعتصامات التي نفذتها نقابات المهن الحرّة لمنع إقرار القانون، ومنع عدد كبير من النواب من الوصول إلى مبنى المجلس، ما أفقد الجلسة نصابها القانوني.
وجاء اعتصام النقابات اعتراضاً على تنصّل الدولة ومصرف لبنان والمصارف التجارية من تحمّل الخسائر، وتحميل هذه الخسائر للمودعين عبر شطب حساباتهم في المصارف. لكنّ الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجّاقة، شدد على أن «إقرار الكابيتال كونترول هو شرط إلزامي لأي اتفاق مع صندوق النقد الدولي». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الاتفاق «جوهري، وإذا لم يقر بوقت قريب لن يحصل لبنان على دولار واحد من الصندوق». وسأل: «إذا دفع الصندوق ثلاثة مليارات للحكومة اللبنانية، ماذا يضمن أن لا يصبح هذا المبلغ أو جزء منه في حسابات السياسيين بالخارج؟». وتتخوّف بعض أطراف السلطة لا سيما «حزب الله» من شروط سياسية يفرضها الصندوق على لبنان، ما يعني أن التعقيدات ستكون كبيرة في المرحلة المقبلة، لذلك يعتبر عجّاقة أن «المؤشرات توحي بأن الوضع قد يكون أسوأ بعد الانتخابات». ونبّه إلى أن «الفريق المفاوض في صندوق النقد لا يقارب الاتفاق من زاوية سياسية، بل من ناحية تقنية بحتة، لكنّ عند الوصول إلى الاتفاق النهائي، الدول ستأخذ مصالحها بعين الاعتبار، وإذا لم نستوف الشروط كاملة لن يكون هناك اتفاق نهائي، وعندها ننزلق إلى مزيد من الخسائر والنزف الذي يدفع ثمنه الشعب اللبناني». ورأى عجّقة «ألّا ضمانات تضبط تفلّت سعر الدولار إذا لم نصل إلى اتفاق حقيقي ونهائي، خصوصاً بعد الانتخابات النيابية».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.