الحوثيون والحراك الجنوبي يرفضون «التقسيم الفيدرالي» وعدّوه جرى وفق «هوى سياسي»

مظاهرات في صنعاء في ذكرى ثورة 11 فبراير

الحوثيون والحراك الجنوبي يرفضون «التقسيم الفيدرالي» وعدّوه جرى وفق «هوى سياسي»
TT

الحوثيون والحراك الجنوبي يرفضون «التقسيم الفيدرالي» وعدّوه جرى وفق «هوى سياسي»

الحوثيون والحراك الجنوبي يرفضون «التقسيم الفيدرالي» وعدّوه جرى وفق «هوى سياسي»

شهدت العاصمة اليمنية صنعاء مساء أمس مظاهرة حاشدة بمناسبة ثورة 11 فبراير (شباط) 2011، التي أطاحت بحكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في وقت شهدت فيه شوارع العاصمة ظاهرة غريبة، أمس، بقيام الباعة الجائلين ببيع صور نجل الرئيس السابق كتب عليها أنه مرشح الرئاسة للانتخابات المقبلة. وتباينت مواقف القوى السياسية اليمنية من قرار تقسيم البلاد إلى ستة أقاليم، الذي أعلن عنه أول من أمس، وهو ما ينبئ بتوسع الأزمة السياسية خلال الفترة المقبلة.
واحتضن شارع الستين بصنعاء مظاهرات حاشدة شارك فيها الكثير من القيادات، وآلاف اليمنيين رافعين شعارات للمطالبة بإقالة النائب العام وبإطلاق سراح المعتقلين من شباب الثورة الذين مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاث سنوات. وطالب المتظاهرون باسترداد الأموال المنهوبة من قبل رموز النظام السابق. كما شهدت عدد من المدن الأخرى، مظاهرات لإحياء الذكرى الثالثة لانطلاق الانتفاضة الشعبية. وطافت المظاهرات شوارع صنعاء، وإب وتعز، وعدن، ومأرب، وحجة، فيما أقام شباب الثورة بصنعاء، احتفالا حاشدا في شارع الستين القريب من منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي، مرددين شعارات الثورة، ومطالبين بإسقاط الفساد وإقالة النائب العام ورموز النظام السابق الذين قالوا إنهم لا يزالون يسيطرون على أكثر من 96 في المائة من مناصب المحافظين والسفراء ووكلاء الوزارات وخمسين في المائة من أعضاء الحكومة. كما خرجت مظاهرات أخرى لما عرف بجبهة إنقاذ الثورة، ومعهم أنصار الحوثيين، وأنصار النظام السابق، مطالبين بإسقاط حكومة الوفاق التي يتقاسم المؤتمر والمشترك حقائبها. وشهدت المظاهرات اعتداءات من قبل أنصار الحوثيين، على عدد من الشباب المستقل بعد ترديد شعارات ضد النظام السابق، وتعلن تمسكها بالنظام الجمهوري، وهو ما استفز الحوثيين.
من جهة ثانية أعلن كل من الحزب الاشتراكي اليمني، وجماعة الحوثيين، رفضهما للتقسيم الذي أعلنه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لدولة اتحادية من ستة أقاليم، وعداه لا يحل القضية الجنوبية، فيما أشاد كل من حزبي التجمع اليمني للإصلاح، والمؤتمر الشعبي العام، بهذا القرار ووصفوه بالعادل، ويلبي طموحات الشعب.
وفي بيان صحافي للحزب الاشتراكي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أعلن المكتب السياسي والأمانة العامة للحزب رفض خيار الأقاليم الستة الذي خلصت إليه لجنة الأقاليم الرئاسية. وأوضح أن «خيار الأقاليم الستة، لا يقدم حلا حقيقيا للقضية الجنوبية، بقدر ما يمثل هروبا من استحقاقات الحل العادل للقضية الجنوبية، وإعادة استنباتها كمشكله صراعية جنوبية - جنوبية، عبر استحضار واقع التجزئة الاستعمارية لما قبل الثورة والاستقلال الوطني».
وحذر الاشتراكي وهو من أكبر الأحزاب في تكتل اللقاء المشترك الذي يقود حكومة الوفاق، من «مخاطر فرض خيار التقسيم القسري للجنوب خلافا لإرادة الناس والقوى الحية والفاعلة المعبرة عن إرادتهم وتطلعاتهم». ويتمسك الحزب الاشتراكي بخيار تقسيم البلاد إلى إقليمين، شمال وجنوب، بحيث يكون الجنوب إقليما لوحده. ويتفق مع موقف الاشتراكي جماعة الحوثيين، التي تفرض سيطرتها على أجزاء واسعة من الشمال، وتمتلك أسلحة ثقيلة ومعسكرات خاصة بها.
وأعلن الناطق الرسمي جماعة «أنصار الله» الحوثية، محمد عبد السلام رفضهم التوقيع على وثيقة تقسم اليمن إلى الأقاليم المعلن عنها. وقال في بيان صحافي إن ممثليهم في لجنة الأقاليم، لن يوقعوا على وثيقة إعلان اليمن إلى 6 أقاليم، مشيرا إلى أن ما أقرته لجنة الأقاليم «لا تمثل حلا لا للقضية الجنوبية ولا للقضايا الوطنية العالقة». وأوضح أن «التقسيم جرى وفق هوى سياسي». وحذرت الجماعة التي خاضت مؤخرا معارك عنيفة مع عدد من قبائل حاشد وبكيل، من خطورة أي تقسيم سياسي للبلاد لا يستند للمعايير العلمية والموضوعية لتحديد عدد الأقاليم والولايات. وأشارت إلى أن أي تقسيم سياسي غير مستند للمعايير «سيؤسس لاختلالات خطيرة في بنية النظام السياسي».
وقال متحدث باسم الحوثيين إن الصيغة التي اعتمدت لرسم شكل الدولة الاتحادية المقبلة تقسم اليمن إلى «أغنياء وفقراء». وكانت اللجنة المكلفة تحديد الأقاليم في الدولة الجديدة اعتمدت أول من أمس صيغة تقسم اليمن إلى ستة أقاليم، أربعة في الشمال واثنين في الجنوب. وبموجب هذه الصيغة، سيكون للحوثيين وجود كبير في إقليم أزال الذي يضم صنعاء وصعدة، معقل الحوثيين، وعمران وذمار. ولن يحظى الحوثيون بموجب هذا التقسيم بمنفذ على البحر من خلال محافظة حجة التي ألحقت بإقليم تهامة، كما لن يحظوا بتأثير على مناطق النفط في محافظة الجوف التي ألحقت بإقليم سبأ.
وخاض الحوثيون في الأشهر الأخيرة معارك لتوسيع نفوذهم في شمال اليمن، بما في ذلك في حجة والجوف. وقال محمد البخيتي الذي يمثل الحوثيين الذين يتخذون اسم أنصار الله، «نرفض (هذا التقسيم) لأنه قسم اليمن إلى فقراء وأغنياء». وأضاف «الدليل أن التقسيم هذا أتى بصعدة مع عمران وذمار والمفترض أن تكون صعدة أقرب ثقافيا وحدوديا واجتماعيا من حجة والجوف». والأقاليم الشمالية هي: إقليم أزال الذي يضم محافظات صنعاء وعمران وصعدة وذمار، وإقليم سبأ الذي يشمل البيضاء ومأرب والجوف، وإقليم الجند الذي يضم تعز وإب، وأخيرا إقليم تهامة الذي يضم الحديدة وريمة والمحويت وحجة. والإقليمان الجنوبيان هما إقليم عدن الذي يضم عدن ولحج وأبين والضالع، وإقليم حضرموت الذي يضم حضرموت وشبوة والمهرة وجزيرة سقطرى. من جانبه بارك حزب المؤتمر الشعبي العام، وحزب التجمع اليمني للإصلاح، قرار الأقاليم، وقالا في بيانين منفصلين لفروعهما في مأرب وعدن، بإعلان التوافق على تحديد الأقاليم بستة أقاليم في ظل دولة اتحادية، واعتبرا هذا التقسيم عادلا ومتوازنا.
في سياق الوضع الأمني كشفت وزارة الدفاع اليمنية عن تسليم اليمن 29 إرهابيا من تنظيم القاعدة، للمملكة العربية السعودية. وقال الموقع الإلكتروني الرسمي للوزارة إن التسليم تم خلال الأيام الماضية. وأوضحت المصادر أن من تم تسليمهم يحملون الجنسية السعودية وجميعهم مطلوبون لأجهزة الأمن في المملكة، مشيرة إلى أن تسليم أولئك الإرهابيين يأتي في إطار التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب بين البلدين.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.