زيارة غربية ـ عربية لـ«سوريا المنسية»

(تحليل إخباري)

اجتماع المبعوثين الغرب والعرب في باريس أول من أمس (صفحة المبعوثة الفرنسية للملف السوري على «تويتر»)
اجتماع المبعوثين الغرب والعرب في باريس أول من أمس (صفحة المبعوثة الفرنسية للملف السوري على «تويتر»)
TT

زيارة غربية ـ عربية لـ«سوريا المنسية»

اجتماع المبعوثين الغرب والعرب في باريس أول من أمس (صفحة المبعوثة الفرنسية للملف السوري على «تويتر»)
اجتماع المبعوثين الغرب والعرب في باريس أول من أمس (صفحة المبعوثة الفرنسية للملف السوري على «تويتر»)

مرة ثانية، كانت أوكرانيا حاضرة في الاجتماع المغلق للمبعوثين الغربيين والعرب الخاص بسوريا، لكن، هذه المرة من زاوية كيفية التعاطي مع دولة عربية شرق أوسطية، «منسية» سياسياً، وغارقة في أزمتها الاقتصادية وانقساماتها الجغرافية، في ضوء الصدام الناري الروسي - الغربي في أرض دولة شرق أوروبية وجوارها البحري والبري.
من حيث المبدأ، كان هدف اجتماع باريس، الذي دعت إليه المبعوثة الفرنسية بريجيب كورمي، ضبط الإيقاع بين الدول العربية والأجنبية المنخرطة بدرجات متفاوتة و«أسلحة مختلفة» في سوريا، فالاطلاع على مواقف هذه الدول وبياناتها وشعاراتها العلنية والمضمرة كان ضرورياً: بعد مرور شهرين على الحرب الأوكرانية، وبعد إصرار واشنطن على لعب «دور قيادي» في الملف السوري، وقبل مؤتمر المانحين الدوليين في بروكسل في 10 مايو (أيار) الذي كان هدفه أن يجمع أموالاً لملايين السوريين عندما كانت أزمتهم المهيمن الوحيد في الأجندات. وعشية الاجتماع، عقدت مشاورات ثنائية وثلاثية بين الحاضرين، قبل عقد جلسة موسعة منفصلة وأخرى بمشاركة المبعوث الأممي غير بيدرسن. كثير من المناقشات والأفكار قيلت وتكررت في جولات سابقة من المشاركين أنفسهم، أو من أسلافهم خلال عقد من الأزمة السورية.الجديد، كان بعض القضايا التي فرضت نفسها على الأجندة: المفاجأة الأولى، كانت مأساة «مجزرة حي التضامن» جنوب دمشق، التي كشفت عنها صحيفة «الغادريان»، وتناولت صوراً موثقة لإعدام عشرات المدنيين في هذا الحي في 2013. وفي الاجتماع، انطلق المبعوث الأميركي إيثان غولدريش وعدد من نظرائه الأوروبيين، للتأكيد على أهمية «المحاسبة عن الجرائم»، والتمسك بـ«قانون قيصر» الذي أقره الكونغرس الأميركي. كما جرى تذكر «المتحمسين للتطبيع» مع دمشق على أهمية عدم «التطبيع العربي مع النظام»، إضافة إلى إشارة غربيين إلى الدور الذي تلعبه المحاكم الوطنية في أوروبا لملاحقة «مجرمي الحرب».
القضية الثانية، كانت تتعلق بالحرب الأوكرانية. وكان واضحاً وجود قلق من الانقسام الغربي - الروسي هناك، سيؤدي إلى احتمال عدم تمديد الآلية الدولية للمساعدات الإنسانية عبر الحدود لدى قرب موعد ذلك في يوليو (تموز) المقبل، بل إن الجانب الروسي أشار إلى ذلك، خصوصاً أن الحوار الأميركي - الروسي الذي انطلق بعد قمة الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن في جنيف في منتصف يونيو (حزيران)، وعقدت في إطاره ثلاث جلسات للملف الإنساني، جمد تماماً بعد الحرب الأوكرانية، ولم يبق من التعاون بين البلدين سوى اتفاق «منع الصدام» بين جيشيهما بين شرق الفرات وغربه.
في اجتماع باريس، كان لافتاً أن الدول الغربية باتت «ترى النظام السوري امتداداً لروسيا، خصوصاً بعد تبني دمشق لموقف موسكو في شكل كامل، بل زايدت عليه»، حيث تبحث بعض هذه الدول عن «وسائل لمحاسبة دمشق»، مقابل موقف عربي مناقض ومتعدد الأطياف. فبعض الدول مؤيد علناً لموسكو وموقفها في أوكرانيا، وربما يريد استعجال التطبيع مع دمشق أو الالتفاف على العقوبات لتمويل الإعمار، وبعضها الآخر قال: «نأمل ألا يؤدي الاستقطاب الغربي - الروسي في أوكرانيا إلى زيادة معاناة السوريين»، فيما حافظت دول اساسية على موقفها بضرورة تلبية دمشق لـ «المتطلبات العربية والسورية»
وفي كل الأحوال، باتت أوكرانيا عدسة إضافية لنظرات عربية وغربية إلى سوريا.
القضية الثالثة كانت تتعلق باقتراح المبعوث الأممي غير بيدرسن لمقاربة «خطوة - خطوة»، انطلاقاً من عناصر تشمل المساعدات الإنسانية ووقف النار والعقوبات والتعافي المبكر، واللاجئين، والنازحين، والسجناء. وبالفعل، جرى نقاش تفصيلي حول هذا الاقتراح ومدى نجاعته وجديته في الوقت الراهن، في ظل الانقسام الروسي - الأميركي.
أيضاً، طرحت أسئلة عن مدى جدية موسكو ودمشق في الموافقة على هذا الاقتراح، خصوصاً في ضوء المواقف العلنية من مسؤولي البلدين، إذ إن الجانب الروسي يريد التركيز على المسار الدستوري، ويرفض أي ظلال تخيم على «إنجازه»، فيما ترفض دمشق الانخراط في المقاربة الجديدة أو غيرها «في ظل وجود الاحتلالين الأميركي والتركي». وربما كان الاهتمام الوحيد من الجانبين هو بالأموال التي يمكن أن توفرها «خطوة - خطوة»، من بوابة دعم «التعافي المبكر» بموجب القرار الدولي 2585.
في العموم، وأمام عدم وجود مبادرات كبرى من الدول الكبرى لقضية سوريا الكبرى، كان هناك قبول بالتفاصيل والاستمرار في تجميع المعطيات حول «خطوة - خطوة»، وعدم اشتراط «جدول زمني» لذلك، إضافة إلى دعم المسار الدستوري، واجتماع الجولة المقبلة التي دعا إليها بيدرسن بين 28 مايو والخامس من الشهر اللاحق، وفق الآلية السابقة في الجولة السابقة، إذ إنه في 26 من الشهر الحالي، بعث بيدرسن رسائل الدعوة لممثلي الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، قال فيها: «تنفيذاً لولايتي، أدعوكم للدورة الثامنة للجنة الدستورية بقيادة وملكية سورية، استناداً إلى نفس الآلية المطبقة في الدورتين السادسة والسابعة»، و«يسعدني أن أعيد التأكيد على أن المبادئ الإضافية ستقدم قبل مغادرة الوفود إلى جنيف، وأن ما لا يقل عن 4 مبادئ ستتم مناقشتها خلال الدورة الثامنة».
اجتماع باريس، كان زيارة غربية - عربية لـ«سوريا المنسية» للقول إنها «ليست منسية». لكنه، كشف أيضاً، مرة أخرى، أنها ملحق لملفات أخرى، وأسيرة للمياه الجارية أو الراكدة بين موسكو وواشنطن.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.