الأمم المتحدة تمدد مهمة بعثتها في ليبيا 3 أشهر فقط

المحكمة الجنائية تشدد على «المساءلة» في الجرائم ضد المدنيين والمهاجرين

الطاهر السني مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة (يمين) مستقبلاً في مقر بعثتها كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية (صفحة السني على تويتر)
الطاهر السني مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة (يمين) مستقبلاً في مقر بعثتها كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية (صفحة السني على تويتر)
TT

الأمم المتحدة تمدد مهمة بعثتها في ليبيا 3 أشهر فقط

الطاهر السني مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة (يمين) مستقبلاً في مقر بعثتها كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية (صفحة السني على تويتر)
الطاهر السني مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة (يمين) مستقبلاً في مقر بعثتها كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية (صفحة السني على تويتر)

تبنى مجلس الأمن الجمعة بالإجماع قراراً قدمته المملكة المتحدة لتمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة السياسية في ليبيا لمدة ثلاثة أشهر فقط، بعدما رفضت روسيا التي تتمتع بحق النقض (الفيتو)، أي فترة أطول ما لم تتم تسمية مبعوث جديد للأمم المتحدة.
ويمدد القرار «حتى 31 يوليو (تموز) 2022 تفويض بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا»، و«يطلب من الأمين العام الإسراع بتعيين» مبعوث يكون مقره في طرابلس. كذلك يطالب القرار الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم تقرير شهري بشأن تنفيذه حتى نهاية يوليو (تموز).
يشهد مجلس الأمن، منذ النصف الثاني من 2021 واستقالة السلوفاكي يان كوبيش في نوفمبر (تشرين الثاني)، خلافات بشأن عدد من المسائل في ليبيا. لذلك لم يتم تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) لأكثر من أربعة أشهر، ثم تم تمديدها مجدداً في يناير لثلاثة أشهر فقط.والقرار الذي أعطي الرقم 2629 هو الرابع الذي يصدره مجلس الأمن منذ منتصف سبتمبر (أيلول) 2021 بسبب عدم تمكن أعضاء مجلس الأمن من تسوية خلافاتهم في شأن تعيين مبعوث خاص جديد للبعثة الأممية، خلفاً للمبعوث السابق المستقيل يان كوبيش. وفي 6 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش القائمة السابقة بأعمال رئيس البعثة الأممية في العاصمة طرابلس ستيفاني ويليامز مستشارة خاصة له في ليبيا.
وأفاد دبلوماسيون بأنّ المملكة المتحدة قدمت في بداية المفاوضات لشركائها الـ 14 في مجلس الأمن، مشروع نص لتمديد تفويض البعثة لمدة عام واحد. وفي مواجهة الرفض الروسي، تحوّل النص إلى تجديد تقني للتفويض الحالي ولمدة ثلاثة أشهر فقط.في غضون ذلك، رحبت ليبيا بالاستراتيجية التي أعلنت عنها المحكمة الجنائية الدولية وتتمحور حول تعزيز جهود المساءلة في الجرائم المرتكبة بحق المدنيين والمهاجرين.وقدم كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية، تقريراً حول الوضع في ليبيا إلى مجلس الأمن، مساء أول من أمس، متحدثاً عن استراتيجية جديدة تتعلق بالتعامل مع الجرائم التي شهدتها ليبيا خلال اندلاع «ثورة 17 فبراير (شباط)» عام 2011، وما تلاها من أحداث.وأيد الطاهر السني مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، الاستراتيجية، لكنه قال خلال استقباله المدعي العام للمحكمة، بمقر بعثة بلاده في نيويورك، إن «تحقيق العدالة على الأراضي الليبية اختصاص سيادي وولاية قضائية وطنية».ونوه السني إلى أنه تم خلال اللقاء مناقشة سبل التنسيق بين المحكمة والسلطات القضائية الوطنية، مشيراً إلى أن «التعاون مع المحكمة الجنائية يأتي في إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين مكتب النائب العام الليبي ومكتب المدعي العام للمحكمة، كدور مساعد للقضاء الليبي وليس بديلاً عنه».
وشدد خان في تقريره «ضرورة التركيز على الجانب المادي للتحقيق والتعقب في حالة ليبيا، والتركيز على الجرائم الجنسية والقائمة على النوع الاجتماعي، وما يرتكب ضد الأطفال ويؤثر عليهم».
وتحدث التقرير عما قال إنها «أدلة موثوقة» على «ارتكاب جرائم خطيرة على نطاق واسع، بما في ذلك جرائم العنف الجنسي المتصل بالنزاع». ورأى خان أن «إجراء تحقيق أكثر ديناميكية وتأثيراً يتطلب موارد كبيرة ومهارات أكبر وإلحاحاً أكبر بسبب المسؤولية التي تضطلع بها لجنة التحقيق في الحفاظ على السلم والأمن».
وسبق وأنشأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعثة مستقلة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا في 22 يونيو (حزيران) 2020، لمدة عام واحد، من أجل التحقيق في «انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان المقترفة من قبل الأطراف جميعها في كل أنحاء ليبيا» منذ بداية العام 2016، بهدف «تجنب أي تدهور إضافي في وضع حقوق الإنسان، وضمان المساءلة».
في السياق ذاته، أعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا عن ترحيبها بالاستراتيجية الجديدة التي أعلنها مدعي الجنائية الدولية. ورأت اللجنة الوطنية في تصريح أمس، أن هذه مناسبة لـ«وضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب، من خلال ضمان المساءلة الكاملة»، وتوقعت أن تسهم هذه الاستراتيجية وما سيقوم به فريق المحكمة الجنائية «بشكل كبير في دعم جهود تعزيز المساءلة، وإنهاء الإفلات من العقاب وضمان حقوق الضحايا وتعزيز سيادة القانون».
وشددت على «ضرورة أن يكون التحقيق شاملاً لكافة أشكال وممارسات انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، التي ارتكبت خلال الفترة من 2011 إلى 2020، من جميع الأطراف»، مطالبة السلطات الليبية بـ«التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وتذليل جميع الصعاب ودعمها لإنجاح مهامها».
وانتهت اللجنة إلى أن هذه الاستراتيجية «تتناغم مع مطالب المؤسسات القانونية والحقوقية في ليبيا كافة، والتي تسعي إلى حماية وصون حقوق الإنسان والحريات العامة والقانون الدولي الإنساني، بالإضافة إلى ضمان إنهاء حالة الإفلات من العقاب، ومحاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.