الرئيس التونسي يستعد لإعلان حزمة جديدة من الإجراءات السياسية

سعيّد خلال إفطار بقصر قرطاج لعائلات ضحايا عمليات إرهابية (الرئاسة التونسية)
سعيّد خلال إفطار بقصر قرطاج لعائلات ضحايا عمليات إرهابية (الرئاسة التونسية)
TT

الرئيس التونسي يستعد لإعلان حزمة جديدة من الإجراءات السياسية

سعيّد خلال إفطار بقصر قرطاج لعائلات ضحايا عمليات إرهابية (الرئاسة التونسية)
سعيّد خلال إفطار بقصر قرطاج لعائلات ضحايا عمليات إرهابية (الرئاسة التونسية)

تنتظر الساحة السياسية في تونس حزمة جديدة من القرارات المرتقبة التي سيعلنها الرئيس قيس سعيد في خطوة لا تهدف فقط إلى «تجذير المسار الإصلاحي» بل أيضاً لقطع الطريق أمام عدد من الأحزاب السياسية التي شكلت جبهة لمناهضة الخيارات الرئاسية.
وتوقع أكثر من طرف سياسي تونسي أن يسعى الرئيس سعيد، خلال فترة عيد الفطر، إلى حسم كثير من نقاط الغموض التي رافقت مسار «التدابير الاستثنائية» التي أعلنها قبل أكثر من تسعة أشهر، بما في ذلك تجميد عمل البرلمان قبل الإعلان عن حله أخيراً.
ولمح الرئيس التونسي إلى تلك القرارات الجديدة التي سيصدرها في تهنئة له بالعيد، إذ قال «أتمنى لكم عيداً مباركاً وسيهل هلال العيد وسيبلغ في تونس ليلة التمام... ليلة التمام للهلال ولكن ليلة التمام أيضاً بالنسبة للعديد من المسائل التي نتناولها بناء على إرادة شعبنا وبناء على مطالبه». وأضاف: «لن يأتي العيد بما مضى بل سيأتي إن شاء الله بأمر فيه جد وتجديد».
وبالاعتماد على هذه التلميحات، توقع كثير من المتابعين أن يعود الرئيس لحسم عدد من الملفات التي تتطلب إجراءات حاسمة قبل إجراء الاستفتاء المقرر يوم 25 يوليو (تموز) المقبل وكذلك الانتخابات البرلمانية المقررة نهاية هذه السنة.
وتوقعت مصادر سياسية تونسية أن يفعل قيس سعيد مسار محاسبة الأحزاب السياسية المخالفة للقانون الانتخابي والتدرج نحو حل الأحزاب التي ثبت تلقيها تمويلات خارجية. وتستند هذه المصادر في توقعاتها هذه إلى «اللاءات الثلاث» التي رفعها رئيس الجمهورية في وجه خصومه السياسيين وعدم اكتراثه للانتقادات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
كما رجحت مصادر أن يعلن الرئيس سعيد عن موعد انطلاق الحوار الوطني الذي يدعمه بقوة لقطع الطريق أمام من يتهمونه بـ«الانفراد بالسلطة»، على أن تكون قائمة المشاركين خالية من الأحزاب التي اعتبرت الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها في 25 يوليو (تموز) 2021 انقلاباً على المؤسسات الدستورية.
ومن المنتظر أن يمضي سعيد في اتجاه مزيد من الإصلاحات السياسية المتعلقة خاصة بالقانون الانتخابي والنظام السياسي، علاوة على تركيبة اللجنة التي ستوكل لها مهمة صياغة مخرجات الاستشارة الإلكترونية وتثبيت المواعيد الانتخابية من خلال نشرها في الرائد الرسمي (الصحيفة الحكومية الرسمية) بعد أن طالبت منظمات حقوقية بإلغاء الاستفتاء الشعبي الذي دعا له رئيس الجمهورية لقصر المدة التي تفصل التونسيين عن هذا الموعد.
وكان الرئيس التونسي أقام مساء الأربعاء بقصر قرطاج مأدبة إفطار «بحضور عائلات شهداء وجرحى عمليات إرهابية من القوات المسلحة العسكرية والأمنية وعدد من عائلات شهداء الثورة وجرحاها»، بحسب ما أعلنت الرئاسة التونسية.
على صعيد متصل، علق أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، على الأوضاع في تونس معتبراً أن الولايات المتحدة ما زالت تدعم عملية إصلاح شاملة وشفافة، على أن تضم هذه العملية الأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني. وأشار بلينكن في مداخلة أمام لجنة برلمانية لمناقشة ميزانية الوزارة لسنة 2023، إلى أن تونس تعد من بين قصص النجاح في المنطقة التي قامت الولايات المتحدة بدعمها، مؤكداً قلق واشنطن من قرار رئيس الجمهورية حل البرلمان «في خطوة أحادية».
وكشف أن الولايات المتحدة تضغط من أجل إنهاء استخدام المحاكم العسكرية في محاكمات المدنيين وخاصةً المحاكمات المتعلقة بحرية التعبير.
وأضاف أن السلطات التونسية يتعين عليها أن تعمل كي تكون مؤهلة للحصول على مساعدة من المؤسسات المالية العالمية، لكن ما يجري حالياً على أرض الواقع يحيد بها عن تحقيق هذا الهدف للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية التي تتخبط فيها البلاد، حسب رأيه. وأضاف أن واشنطن مستعدة لتقديم مزيد من الدعم إلى تونس إذا ما عادت إلى «المسار الديمقراطي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.