نظرة إلى «دبلوماسية الديون» الصينية في جنوب آسيا

المشكّكون بنيّات بكين يعتبرونها فخاً

نظرة إلى «دبلوماسية الديون» الصينية في جنوب آسيا
TT

نظرة إلى «دبلوماسية الديون» الصينية في جنوب آسيا

نظرة إلى «دبلوماسية الديون» الصينية في جنوب آسيا

تحت أعباء مديونية غير مسبوقة، وجدت سريلانكا، الدولة الجزيرة الواقعة إلى جنوب الهند في المحيط الهندي، نفسها أمام أزمة كارثية على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. ما دفع حكومتها إلى إعلان حالة طوارئ عامة في عموم البلاد. فقد أثار نقص السلع الطبية والغذاء واستفحال أزمة الطاقة، حالة سخط واسعة النطاق وصلت إلى الشوارع. ومع استمرار المظاهرات ألقى المتظاهرون اللوم في الأزمة المعيشية الحادة على حكم رئيسي الحكومة والجمهورية «الشقيقين» ماهيندا وغوتابايا راجاباكسا، في حين ثمة تخوف من اندلاع أزمة دستورية في سريلانكا، ولا سيما بعدما لجأ النظام إلى نشر الجيش وتكليفه التعامل مع المظاهرات، بالتوازي مع استقالة مجلس الوزراء بأكمله تحت وطأة التطورات المتلاحقة.
أعلنت الحكومة السريلانكية
خلال الأسبوع الماضي، أنها بصورة مؤقتة، وللمرة الأولى في تاريخها بمجال الاقتراض، ستعجز عن سداد دين خارجي. واليوم، تعيش سريلانكا فعلياً على الدعم المالي الذي تقدمه لها الهند، بعد رفض الصين إعادة جدولة ديونها، واكتفائها بعرض دين جديد قد يدفع سريلانكا إلى بيع مزيد من الأصول الوطنية.
ما الذي دفع سريلانكا إلى هذه الحالة، وهي التي كان من المتوقع لها أن تحقق تعافياً طيباً بعد ثلاثة عقود من الصراعات العرقية؟ ويرى الكثير من المحللين، أن سريلانكا انزلقت إلى هذه الأزمة بسبب انجرارها وراء حلم الازدهار الصيني من خلال مبادرة «الحزام والطريق» وما تنطوي عليه من مشاريع بُنى تحتية. ويقال إن الصين قدمت على مدار السنوات لسريلانكا 12 مليار دولار أميركي.
مبادرة «الحزام والطريق»
كما هو معروف، سعت بكين وتسعى إلى توسيع نطاق نفوذها عالمياً من خلال «مبادرة الحزام والطريق»، التي خصصت لها مليارات عدة من الدولارات، وتقوم على فكرة تعزيز الاتصال بين مجموعة الدول المشاركة عبر سلسلة من مشاريع البُنى التحتية.
أعلنت بكين «مبادرة الحزام والطريق» عام 2013، وسرعان ما أصبحت البصمة المميّزة للرئيس الصيني شي جينبينغ على صعيد السياسة الخارجية. وعام 2017، أدمجت المبادرة في دستور الحزب الشيوعي الصيني، ووافقت 138 دولة و30 منظمة دولية على المشاركة فيها، مع الإعلان عن استثمارات لربط آسيا وأفريقيا وأوروبا.
من ناحية أخرى، أصدرت مؤسسة «إيد داتا» البحثية المعنية بشؤون التنمية الدولية تقريراً حديثاً خلص إلى أن إجمالي القروض الصينية في الخارج بلغت 843 مليار دولار، منها 385 مليار دولار «ديون لم يعلن عنها أو جرى التقليل من قيمتها».
على ذلك، يطلق المشككون بنيات بكين «دبلوماسية فخ الديون». وتوصلت الدراسة إلى أن 42 دولة تدين بأكثر عن 10 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي للصين. وحقاً، وقّعت ستة من أصل ثمانية دول بمنطقة جنوب آسيا ـ هي باكستان، وسريلانكا، وبنغلاديش، وأفغانستان، ونيبال، والمالديف ـ مذكرات تفاهم مع الصين بخصوص «مبادرة الحزام والطريق». إلا أنه في غضون سنوات قلائل، تحولت هذه الاستثمارات إلى مثال نموذجي لكيف يمكن أن تتخذ استثمارات ضخمة مساراً خاطئاً للدول المستضيفة.
في هذا الصدد، قال سيشادري تشاري، المحرّر الصحافي السابق «لسنوات، حاولت الصين كسر هيمنة الهند في المنطقة. ومنذ بداية الألفية الجديدة، حاولت إنجاز ذلك من خلال إغداق أكثر عن 80 مليار دولار على دول المنطقة - ما يعادل قرابة عشر إجمالي الإنفاق الذي أوردته بيانات (إيد داتا)».
في حين قال الكاتب الصحافي تريديفيش سنغ مايني معلقاً «يمكننا النظر إلى حدثين في جنوب آسيا: الأزمة الاقتصادية في سريلانكا وسقوط حكومة حركة الإنصاف الباكستانية بقيادة عمران خان في باكستان. وعند إمعان النظر إلى هذين الحدثين يتضح لنا أنه مع اقتراب الدولتين أكثر من الصين - كحال دول أخرى - فإن ثمة تداعيات بدأت سلبية تترتّب على الاعتماد المُفرط على بكين. مع العلم أن الدولتين تعرضتا، كغيرهما، لانتقادات على إفراطهما في الاعتماد على الصين، ما أسقطهما فيما أطلق عليه مسمى (فخ الديون). وهو أمر تتجاوز مخاطره الإفراط في الاتكالية الاقتصادية جراء الديون المتراكمة، بل تصل أيضاً إلى إملاء بكين خياراتها السياسية على الدول الأخرى».
حلم «الرخاء» الصيني
واقعياً، يرى كثيرون أن الأزمة الاقتصادية الراهنة في سريلانكا ليست سوى نتاج دبلوماسية «فخ الديون» التي تمارسها الصين، عبر الديون التي قدمتها إلى سريلانكا. وتبعاً لصحيفة «ساوث إيجان تريبيون»، فإن سريلانكا بعد خروجها من فترة الحرب الأهلية عام 2009، كانت متلهفة لاستعادة عافيتها الاقتصادية. وفي المقابل، سارعت بكين إلى محاولة استغلال هذه الفرصة، خاصة في ظل المساعدات العسكرية التي تقدمها لسلطات كولومبو.
وبالفعل، وفّرت الصين سياسياً الحماية لسريلانكا داخل الأمم المتحدة. واقتصادياً، تكشف الأرقام أنها بين عامي 2005 و2017 أمدت سريلانكا بمساعدات بلغت قيمتها 15 مليار دولار، بينها مجموعة من مشاريع البنى التحتية. أما تمويل معظم هذه المشاريع فسار على النهج الصيني الاستثماري المعتاد المتمثل بالاعتماد على قروض مرتفعة الفائدة ومقاولين وعمالة وتكنولوجيا صينية. وعليه، أصبحت الصين المصدر الأول للواردات السريلانكية، مع توجيه تمويل صيني لأكثر عن مشروع على مستوى سريلانكا.
من جهته، قال ساجيث بريماداسا، زعيم المعارضة المحافظة داخل البرلمان السريلانكي، في تصريحات صحافية، إنه «في ظل رئاسة ماهيندا راجاباسكا عام 2005، طمحت الحكومة لتحويل سريلانكا إلى سنغافورة جديدة من خلال بناء بنية تحتية وموانئ على أحدث الطراز. ونجحت الصين في إغواء سريلانكا بالمال من أجل إيجاد موطئ قدم لها داخل هذا البلد الذي كثيراً ما ينظر إليه باعتباره الفناء الخلفي للهند». وأردف «لقد حصلت سريلانكا على قروض من دول مختلفة، ما أدى لارتفاع هائل في الديون، وراهناً تأتي الصين في المرتبة الثانية بين أكثر الجهات إقراضاً لسريلانكا. وبحلول عام 2019، كان أكثر عن 10 في المائة من الديون الخارجية لسريلانكا من نصيب الصين».
في سياق متصل، بعث وزير التعليم السريلانكي السابق والعضو البرلماني عن الحزب الحاكم، واجياداسا راجاباكشي، يوم 3 يناير (كانون الثاني) 2022، خطاباً إلى الزعيم الصيني شي جينبينغ اتهم فيه الصين بدفع سريلانكا إلى هوة الإفلاس من خلال تقديم قروض ضخمة بمعدلات فائدة تجاوزت 6 في المائة مقارنة بقروض متاحة من كيانات دولية بأسعار فائدة تتراوح بين 0.01 في المائة و1 في المائة. هذا، ولدولة تعتمد بشدة على الواردات من إمدادات الطاقة والحبوب والسلع الأساسية والأدوية، فإن وجود احتياطي فيدرالي بقيمة 2.31 مليار دولار فقط يعد بمثابة كابوس. وبالتالي، تتعرض سريلانكا حالياً إلى ضغوط شديدة لسداد ديونها الخارجية البالغة 45 مليار دولار، منها 8 مليارات لحساب الصين، أي ما يعادل قرابة سدس إجمالي الديون الخارجية. وما زاد الوضع سوءاً، رفض الصين تقديم أي تنازلات فيما يتعلق بسداد الديون.
في هذا السياق، يرى المحلل برابهاش كيه. دوتا، أنه «لطالما كانت دبلوماسية الديون الصينية وسيلة لكسب نفوذ سياسي وأمني في مواجهة الهند وتأمين مصالحها داخل منطقة المحيط الهندي، الذي يمر من خلاله القدر الأكبر من إمدادات الطاقة الصينية». ويضيف «المعتقد أن آلام سريلانكا الاقتصادية ستسهم في فتح أعين أي دولة جنوب آسيوية لا تزال تظن أن مبادرة (الحزام والطريق) الصينية والقروض الضخمة يمكن أن تقودها إلى الرخاء. لقد تنامت المخاوف بشدة داخل سريلانكا إزاء القروض الصينية، خاصة في ظل إجبار البلاد في وقت سابق على وضع مشاريع استراتيجية، مثل ميناء هامبانتوتا، تحت السيطرة الصينية على سبيل الإيجار بسبب عجز سريلانكا عن سدد القروض».
ويُعد ميناء هامبانتوتا، في جنوب، ثالا كلاسيكيا على عبء الديون الصينية. وللعلم، فإن مدينة هامبانتوتا هي معقل الرئيس غوتابايا راجاباكسا ورئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا الذي كان رئيس البلاد عندما وقعت مع الصين عقد استئجار ميناء المدينة عام 2007، وبلغت تكلفة مشروع الميناء عدة مليارات وفّرت من خلال قروض من جانب الصين. وجرى تمويل المشروع من خلال منح عقود لتطوير الميناء لمقاولين صينيين. لكن سريلانكا عجزت عن سداد الفائدة والديون، ما أجبرها على الموافقة على منح شركة «تشاينا ميرتشانتس» المملوكة للدولة، إدارة ميناء هامبانتوتا بناءً على عقد إيجار لمدة 99 سنة مقابل مزيد من القروض.
«الممر الاقتصادي» الصيني الباكستاني
دولة أخرى داخل الجوار الهندي، هي باكستان، وقّعت اتفاقاً مع الصين بخصوص مشروع «الممر الاقتصادي الصيني ـ الباكستاني»، الذي تولّت الصين تحت مظلته تمويل مشاريع بنى تحتية ضخمة. وهكذا انزلقت باكستان إلى أزمة اقتصادية، وتمرّ معها بحالة من الفوضى السياسية في الوقت الراهن. ويقدر إجمالي استثمارات الصين في مشروع «الممر الاقتصادي» بينها وبين باكستان، بـ64 مليار دولار أميركي. ويذكر، أن أقل عن ثلث مشاريع «الممر الاقتصادي» المعلن عنها، أنجزت بالفعل خلال السنوات الثماني الأخيرة، وفق الحكومة الباكستانية.
على صعيد ثانٍ، بينما تروّج الصين لمشروع «الممر الاقتصادي» باعتباره محاولة من جانب الرئيس شي جينبينغ لتعزيز الروابط الصينية - الباكستانية، فإن دلالاته الاستراتيجية تبدو واضحة: إذ ستيسر هذه الاستثمارات الوجود العسكري الصيني داخل باكستان وبحر العرب، حيث يمكنه تهديد واردات الهند من النفط والغاز الطبيعي. ثم إنها ستمنح الصين وباكستان الفرصة للعب دور أكبر داخل أفغانستان خاصة، وآسيا الوسطى عامة، ما قد يضر بالمصالح الاستراتيجية والاقتصادية الهندية على المدى الطويل.
في الوقت الحاضر، تعمد بكين إلى توريط إسلام آباد في مصيدة الديون من خلال معدلات الفائدة المرتفعة وشروط السداد الصارمة وغياب الشفافية. وقد أعلن البنك المركزي الباكستاني عن تدفق مبلغ ضخم بقيمة 2.9 مليار دولار على البلاد، وفق صحيفة «دون». كذلك أعلن البنك عن تراجع احتياطيات النقد الأجنبي إلى 12.047 مليار دولار خلال مارس (آذار) بسبب إجراءات سداد كبرى لديون صينية. وأوضح البنك «هذا التراجع يعكس سداد ديون خارجية، بينها قرض كبير من الصين. وفي هذا الشأن، كان صندوق النقد الدولي قد ذكر أخيراً أن باكستان تدين بـ18.4 مليار دولار أو خمس ديونها الخارجية للصين، في حين تقدر إسلام آباد الرقم بنحو 14 مليار دولار.
في أي حال، قال المعلق الباكستاني قمر شيما «أصبحت إسلام آباد معتمدة على نحو متزايد على الصين خلال السنوات الأخيرة - خاصة نتيجة تردي علاقات إسلام آباد مع واشنطن، وكذلك مشروع (الممر الاقتصادي الصيني ـ الباكستاني)». أما نموذج القروض الصيني فبسيط: تتودد الصين من بلد مضطرب وتعرض عليه المال ليس على سبيل المساعدة، وإنما كقرض تجاري، وتذهب العقود إلى شركات صينية، ويتحمل بلد يعاني ظروفاً اقتصادية صعبة عبء الديون، ويجري وضع المال في حساب أوفشور تملكه الصين، وإذا تعذّر سداد الفائدة أو تسديد الدين، تستحوذ الصين على الأصول، كما حدث مع الكثير من الطرق والمطارات وعدد من الأصول المهمة الأخرى جرى رهنها للصين.
ومع ذلك، فإنه بفضل الدروس المستفادة من انهيار اقتصادي سريلانكا ونيبال، اللذين تهيمن عليهما الصين، ألغت حكومة شهباز شريف الباكستانية الجديدة «هيئة مشروع الممر الاقتصادي»، سعياً لوقف انزلاق باكستان نحو مصير مماثل. ومن المقرر حاليا إعادة هيكلة «الهيئة» التي يهيمن عليها الجيش الباكستاني، ودمجها في وزارة التخطيط والتنمية.

تجاوب سريع للهند إزاء التطورات
> تحركت الهند بسرعة كبيرة، وأيضاً بحذر، لإنقاذ الدول المجاورة لها المطلة على المحيط الهادي والتي تحمل أهمية استراتيجية كبيرة لها.
عام 2018، واجهت المالديف أزمة اقتصادية حادة والآن في عام 2022، تشهد سريلانكا وضعاً مشابهاً. ولقد جاءت الهند لإنقاذ المالديف من المحنة، وقدمت على الفور حزمة مساعدات اقتصادية بقيمة 1.4 مليار دولار في شكل دعم للميزانية، واتفاقيات مبادلة العملات، وخطوط ائتمان ميسّرة. وحول ما هو حاصل صرح المحلل الأمني الهندي براكاش مينون بأن «المالديف تمثّل أهمية استراتيجية للهند، فبينما يُعدّ المحيط الهندي الطريق السريعة الرئيسية للتجارة العالمية وتدفق الطاقة، فإن جزر المالديف تقف فعلياً كبوابة رسوم. بالإضافة إلى ذلك، تعد المالديف شريكاً مهماً في دور الهند كعنصر أمان الشبكة المحيطة بالهند في منطقة المحيط الهندي».
وبالنسبة لسريلانكا، وسعياً للمساعدة في التخفيف من الوضع الاقتصادي المتأزم، قدمت الهند لها مساعدات بقيمة 2.5 مليار دولار أميركي خلال الأشهر الثلاثة الماضية، منها 1.9 مليار دولار في شكل قروض وخطوط ائتمان ومقايضات عملة. كذلك سعت سريلانكا للحصول على خط ائتمان آخر بقيمة 500 مليون دولار للوقود، وأرسلت الهند إلى «جارتها» سفناً محملة بالسكر والأرز والقمح. وعلاوة على ذلك، حثت الحكومة الهندية صندوق النقد الدولي على تقديم مساعدة مالية عاجلة لسريلانكا من أجل مساعدتها على التعامل مع أسوأ أزمة اقتصادية عاشتها منذ عقود. وهنا يشرح سيشداري شاري قائلاً «من مصلحة الهند مساعدة جيرانها. خطر الديون الصينية قد يؤدي إلى انهيار الآلية الدستورية وسيادة القانون، ويحرك العناصر المعادية للمجتمع التي يمكن أن تخدم قوى معادية للمصالح الأمنية للهند في المحيط الهندي. وقد تتسبب الأزمة الاقتصادية في حدوث نزوح جماعي من الناس إلى الهند، ويمكن أن يتطور هذا التدفق إلى طوفان من اللاجئين الذين سيتعين إيواؤهم بناءً على اعتبارات إنسانية».

بعد درسي سريلانكا وباكستان... انسحابات إقليمية بالجملة
> بسبب الأزمة التي بدأت تتكشف ملامحها في باكستان وسريلانكا، بدأت دول مثل المالديف ونيبال وبنغلاديش تعبد النظر في القروض الصينية لمشاريع البنى التحتية ومسألة المشاركة في «مبادرة الحزام والطريق». وكانت نيبال والصين قد وقّعتا اتفاق تعاون تحت مظلة «مبادرة الحزام والطريق» عام 2017 وسط مساعي نيبال لأن تصبح من بين الدول ذات الدخل المتوسط بحلول عام 2030. ويذكر أن نيبال - الواقعة بين الهند والصين وكثيراً ما تجد نفسها في قلب حروب النفوذ بين البلدين - عاينت سخاءً خاصاً من جانب بكين في السنوات الأخيرة.
وخلال زيارة رئيس الوزراء النيبالي شير باهادور ديوبا الأخيرة للهند هذا الشهر، تحدث بصورة غير رسمية عن زيارة وزير خارجية الصين لنيبال أواخر مارس (آذار). وأبلغ رئيس الوزراء النيبالي الوزير الصيني، بأن بلاده لن تقبل سوى المنح من بكين، وليس القروض الموجهة لمشاريع البنى التحتية.
أما بنغلاديش، فكانت قد أقرّت وجودها في «مبادرة الحزام والطريق» عام 2016، أثناء زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ لها. وتعد الصين راهناً الشريك التجاري الأكبر لبنغلاديش. ومن المقرر أن تستقبل بنغلاديش استثمارات صينية تتجاوز 40 مليار دولار أميركي في ظل الشراكة بين البلدين. لكن اللافت أن بنغلاديش أبدت حذراً واضحاً تجاه الاقتراض وتجنبت الاعتماد المفرط على القروض الصينية من خلال محاولة تحقيق توازن من خلال الاستعانة بدعم مالي هندي وياباني وخبرتهما بمجال التشييد والبناء. بخلاف الحال مع باكستان وسريلانكا، حرصت بنغلاديش على إدارة اقتصادها بحرص كي تتجنب السقوط في «فخ الديون» الصيني. وبذا لم تسمح للاستثمارات الصينية بدخول موانئ عميقة تصلح مستقبلا لوجود قطع من البحرية الصينية، وألغت مشروع «سوناديا” في أعماق البحر تحت مظلة «مبادرة الحزام والطريق»، وكانت الصين حريصة للغاية على إنجازه، وكما كان من المفترض تمويل المشروع بالاعتماد على قروض صينية وأن تبلغ قيمة الاستثمارات به 14 مليار دولار.
وأما عن المالديف، وبينما تدين سريلانكا بأكثر عن 10 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي لديها للصين، ترتفع هذه النسبة في هذه الدولة - الأرخبيل الصغيرة على نحو هائل لتصل إلى 40 في المائة. وتشير بعض التقديرات إلى أن المالديف تدين للصين بما يتراوح بين 1.1 مليار و1.4 مليار دولار، ما يعد مبلغاً هائلاً بالنسبة لها. جدير بالذكر، أن إجمالي الناتج الداخلي للمالديف يبلغ قرابة 4.9 مليار دولار أميركي. وإذا اعتمدنا على الأرقام الرسمية، فإن هذا يعني أن الديون تتجاوز نصف الإنتاج الاقتصادي السنوي للبلاد.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».