المحقق هو القاضي والجلاد (★★★)
> وفاة الممثل الفرنسي المخضرم ميشيل بوكيه في الثالث عشر من هذا الشهر دافع لإعادة مشاهدة أفلامه التي تتجاوز السبعين عملاً سينمائياً ما بين 1947 و2022 (آخر فيلم له كان «حفلة سريّة» لعب فيه دوراً أساسياً، وهو في السابعة والتسعين من عمره).
بشفتيه الرفيعتين اللتين تعكسان تصميماً، وبعينيه الصغيرتين اللتين تشعان بعزيمة غريبة، لعب بوكيه أدوار الرجل المسيطر على نفسه وأدواته، الذي قد يعمد إلى الجريمة بهدوء مخيف، حتى وإن فهم عواقب ما يقوم به.
هذا بالتحديد ما يقوم به بوكيه في «شرطي»، للمخرج الممتاز إيف بواسيه. قصّة تحرّ يحاول تفكيك قضية جنائية بمواجهة المتّهمين والأبرياء على حد سواء ضرباً وتعذيباً وبل قتلاً أيضاً. هناك ذلك المشهد الذي يجمع بين هذا التحري، فافينن (بوكيه)، ورجل مهمّات اسمه فيلتّي (ميشيل كونستاتان). يشهر التحري المسدس على فيلتّي فيقول له: «هذا اغتيال»، يرد عليه فافينن: «نعم»، ويقتله. الحبكة التي يدور الفيلم حولها هي أن عصابة لترويج المخدّرات تقتل صاحب حانة ليلية رفض بيع المخدرات في حانته، ثم تقتحم الحانة وتحطمها وتعتدي بالضرب على شقيقة القتيل. هذا ما يدفع صديقها روفر (جون غاركو) وصديقين له لقتل رئيس العصابة.
فافينن في نحو ثلث الساعة الأولى من الفيلم يساعد زميله (برنار فريسو) في الكشف عما يحدث. مع مقتل برنار يتولّى التحقيق منفرداً، وعند هذه النقطة تحديداً يكشف عن لونه واستعداده لمعاملة الجميع بقسوة، والحكم عليهم وتنفيذ القضاء أيضاً. الفيلم لا يحدد دوافع فافينن بقوّة، لكنه يكشف عن أنه ورئيس البوليس، القومسيير (أدولفو شيلي)، لديهما ما يخفيانه من علاقات مع أطراف حكم يمينية.
تعرض الفيلم لنقد حكومي شديد، على أساس أنه يشوّه صورة البوليس الفرنسي ما أدّى لتأخير عروضه التجارية بضعة أشهر. لا يُخفى أن المخرج الفرنسي بواسيه لديه ميل لتقديم شخصيات أمنية شرسة في مواجهة مواطنين يتعرّضون، إن كانوا مذنبين أو لا، للتعنيف والضرب على أيدي رجال القانون. بعد هذا الفيلم بعامين كانت لدى بواسية قنبلة أخرى من النوع ذاته، بل أشد، عندما حقق «الاغتيال» (L› Attentat) عن إسهام المخابرات الفرنسية في اغتيال المعارض المغربي بن بركة، ولو أن الفيلم منح بطله ذاك (جان ماريا فولونتِ) اسماً آخر.
هناك أربعينات وخمسينات الفيلم البوليسي الأميركي في هذا الفيلم، كذلك تحية واضحة للمخرج الفرنسي جان - بيير ملفيل. مثل أفلام زميله، يعرض بواسيه شخصيات رجال القانون والرجال الخارجين عن القانون في ضوء واحد. ينتقل بين الطرفين بالقدر الصحيح من الاهتمام والتوقيت. وحين يصل الأمر إلى الإيقاع والتشويق، فإن الفيلم يمارس قبضة مثالية على ما يدور. بعض الحذر من قِبل كاتبي السيناريو يدفع الفيلم بعيداً عن التحليل النفسي أو العاطفي لبعض شخصياته، لكن هذا يبقى جزءاً من معالجة بوليسية قويّة مارسها بواسيه في أفلامه من هذا النوع قبل «شرطي» وبعده.
- ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★ ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★