تشكيك بقدرة قروض مصرف الإسكان على تنشيط الحركة العقارية في لبنان

دعوات لتخصيصها حصراً للطاقة البديلة في ظل أزمة الكهرباء

TT

تشكيك بقدرة قروض مصرف الإسكان على تنشيط الحركة العقارية في لبنان

أحيا إعلان مصرف الإسكان العودة لمنح قروض للشباب اللبناني من ذوي الدخل المحدود الأمل بتمكينهم من شراء شقق سكنية، لكن سرعان ما تبدد الأمل بالعودة إلى ما قبل الأزمة المالية عام 2019، وتوقف المصارف والمؤسسات كافة عن منح جميع أنواع القروض. وأدى التدقيق بالمبادرة الجديدة إلى إحباط هذه الآمال، بعدما تبين أن المبالغ المرصودة محدودة جداً، ومقتصرة حصراً على سكان الريف.
وكان رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب أعلن مؤخراً أنه «خلال 45 يوماً سيفتح باب تقديم طلبات قروض الإسكان وفق شروط عادية وضمن الريف وفي ضواحي المدن والمناطق»، على أن تبلغ قيمة القرض بحده الأقصى مليار ليرة لبنانية، أي ما يساوي نحو 37 ألف دولار أميركي، وفق سعر الصرف الحالي، على أن يقسّط على 30 عاماً بفائدة 5 في المائة. ولا يسمح هذا المبلغ بشراء أي شقة لا في بيروت ولا في ضواحيها، ويشكك كثيرون بإمكانية أن تتوافر أي شقق في الريف بهذا السعر.
ويوضح حبيب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «نظام مصرف الإسكان يقوم أصلاً على مساعدة محدودي الدخل على تأمين سكن في المناطق النائية والريف، وليس في المدن وضواحيها، فلسنا في نهاية المطاف بنكاً تجارياً، إنما بنك يقوم على مساعدة العائلات اللبنانية غير القادرة وحدها على تأمين سكن»، لافتاً إلى أن «تمويل هذه المبادرة يقوم على شقين، داخلي وخارجي، وأبرزها في هذا الإطار قرض الصندوق العربي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، الذي يُعرف بالقرض الكويتي، البالغة قيمته نحو 165 مليون دولار».
وبدا لافتاً أن مبادرة مصرف الإسكان لحظت أيضا إعطاء قروض لتمكين مالكي المنازل، وبينهم المقترضون، من إنتاج الطاقة النظيفة ذاتياً، عبر قروض لشراء وتركيب ألواح الطاقة الشمسية، في ظل أزمة الكهرباء المستفحلة، وتوجه عدد كبير من أصحاب المولدات إلى إطفائها، ما يضع كثيراً من اللبنانيين في العتمة الشاملة.
ويُفترض أن تبلغ قيمة هذا القرض 50 مليون ليرة (1850 دولاراً) فتكون الدفعة الشهرية للمقترض بحدود 350 ألف ليرة لبنانية (نحو 13 دولاراً).
واعتبر عضو اللقاء الديمقراطي، النائب بلال عبد الله، أن «الأولوية في القروض من مصرف الإسكان يجب أن تُعطَى للطاقة البديلة المنزلية، لأن هذا الأمر سيخفف عن كاهل الناس عبئاً كبيراً بمفاعيل اقتصادية واجتماعية وبيئية»، لافتاً إلى أن «القروض السكنية بالسقف المطروح ستكون محصورة بأصحاب المداخيل الكبيرة».
ولا يبدو عبد الله مرتاحاً بتاتاً لمبادرة مصرف الإسكان الذي يصفه بـ«المافيا» وبأنه يعطي القروض كـ«تنفيعات»، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب أن تُعطى القروض حصراً لتأمين «الطاقة البديلة»، في ظل أزمة الكهرباء المستشرية وعدم قدرة الناس على تأمين تكلفة فاتورة المولدات. ويضيف: «طلبت من وزير الشؤون الاجتماعية الضغط في هذا الاتجاه، لكن حتى الساعة لا جواب حاسماً».
ويذكّر المدير العام لمصرف الإسكان بأن «المصرف مملوك بـ80 في المائة منه من قبل القطاع الخاص، فيما الـ20 في المائة المتبقية هي لممثلين عن القطاع العام، وبالتالي سياستنا وقراراتنا يتخذها مجلس الإدارة، وإن كنا نرحب بأي اقتراحات وملاحظات ونأخذها بعين الاعتبار».
ويبدو حبيب مطمئناً لجهة أن مبادرة المصرف من شأنها أن تخلق حركة عقارية - تجارية تلحظ أكثر من قطاع، وهو ما لا يؤيده فيه رجا مكارم، رئيس شركة للاستشارات العقارية، الذي يتحدث عن جمود في قطاع العقارات منذ أشهر، معتبراً أن القروض التي سيمنحها مصرف الإسكان «لن تُقدم أو تؤخر بحركة السوق، لأن المبالغ المرصودة محدودة جداً، بحيث ليس واضحاً أصلاً إذا كانت هناك شقق بقيمة 37 ألف دولار في الريف».
ويشير مكارم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التعامل في العقارات بات محصوراً بـ«الفريش دولار» (أي الدولارات التي دخلت لبنان بعد عام 2019)، وأن كثيراً من المودعين الكبار في المصارف باتوا يسحبون أموالهم بخسائر تبلغ 80 في المائة ليحولوها إلى «الفريش» لكن قسماً كبيراً منهم لم يحسم أمره ما إذا كان سيشتري بها عقاراً في لبنان أو خارج البلد.
ويضيف: «أسعار العقارات تراجعت منذ عام 2019 بين 30 و70 في المائة، تبعاً لما إذا كان العقار أرضاً أو شقة، وبحسب المنطقة التي يوجَد فيها»، مرجحاً في «حال استتب الوضع السياسي وكانت هناك إرادة حقيقية للنهوض بالبلد أن تعود العقارات للارتفاع بحدود الـ50 في المائة».



الحوثيون يعلنون مهاجمة أهداف في إسرائيل وتحذير يمني من التصعيد

دخان متصاعد من سفينة أصابها صاروخ حوثي (رويترز)
دخان متصاعد من سفينة أصابها صاروخ حوثي (رويترز)
TT

الحوثيون يعلنون مهاجمة أهداف في إسرائيل وتحذير يمني من التصعيد

دخان متصاعد من سفينة أصابها صاروخ حوثي (رويترز)
دخان متصاعد من سفينة أصابها صاروخ حوثي (رويترز)

أعلنت الجماعة الحوثية استهداف إسرائيل بإطلاق صاروخ باليستي صوب تل أبيب وطائرة مسيّرة صوب عسقلان تضامناً مع غزة ولبنان، وفقاً لبيان عن الجماعة المدعومة من إيران.وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض صاروخاً أُطْلِقَ من اليمن بعد سماع دوي صفارات الإنذار وانفجارات في وقت مبكر من صباح الجمعة، في حين زعم العميد يحيى سريع المتحدث العسكري باسم الجماعة في بيان: «حققت العمليتان أهدافهما بنجاح». وتابع قائلاً: «سننفذ مزيداً من العمليات العسكرية ضد العدو الإسرائيلي؛ انتصاراً لدماء إخواننا في فلسطين ولدماء إخواننا في لبنان... ولن نتوقف عن عمليات الإسناد العسكري خلال الأيام المقبلة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وكذلك على لبنان».

ويعدّ هذا الهجوم هو الثالث الذي تتبناه الجماعة الحوثية على تل أبيب منذ إعلانها التدخل.

في الأثناء، قالت الجماعة إنها استهدفت ثلاث مدمرات أميركية في البحر الأحمر، باستخدام 23 صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً وطائرة مُسيّرة، وفق ما نشرت «رويترز».

وقال مسؤول أميركي إن سفناً حربية أميركية اعترضت أثناء مرورها عبر مضيق باب المندب عدداً من المقذوفات التي أطلقتها جماعة «الحوثي».

وأضاف المسؤول الذي تحدث شريطة عدم ذكره بالاسم، أن المقذوفات شملت صواريخ وطائرات مسيرة، ولم تتسبب في أضرار لأي من السفن الحربية الثلاث بالمنطقة.

خشية يمنية من العواقب

يخشى الأكاديمي محمد الحميري من أن أي أعمال تصعيد إسرائيلية رداً على الهجمات الحوثية ستأتي بالمآسي على اليمنيين، والمزيد من الدمار في البنية التحتية، خصوصاً وأنه لم تتبقَ منشآت حيوية ذات طبيعة استراتيجية تحت سيطرة الجماعة الحوثية سوى ميناء الحديدة ومطار صنعاء، وأي استهداف لهما سيضاعف من حجم الكارثة الإنسانية في البلاد.ويتوقع الحميري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن استهداف إسرائيل لميناء الحديدة قد يسبقه تفاهم مع الولايات المتحدة ودول عظمى أخرى لما للميناء من أهمية حيوية في معيشة اليمنيين، غير أنه لم يستبعد أن يأتي الرد الإسرائيلي غير مبالٍ بأي جانب إنساني.وتبنت الجماعة هجوماً مميتاً بطائرة مسيرة في التاسع عشر من يوليو (تموز) الماضي، وصاروخ باليستي أعلنت إسرائيل اعتراضه منتصف الشهر الحالي، إلى جانب هجمات عديدة استهدفت مناطق أخرى.وردت إسرائيل على الهجوم الأول بغارات جوية استهدفت ميناء الحديدة في العشرين من يوليو (تموز) الماضي، أي بعد يوم واحد من الهجوم بالطائرة المسيرة، وأدى الهجوم إلى احتراق منشآت وخزانات وقود استمر عدة أيام، وسقط نتيجة الهجوم عدد من عمال الميناء.وتزعم الجماعة الحوثية امتلاك تقنيات عالية تمكنها من تجاوز منظومات الدفاع الإسرائيلية، وتقدر المسافة التي تقطعها الصواريخ التي تبنت إطلاقها باتجاه تل أبيب بأكثر من 2000 كيلومتر.ويرى الباحث السياسي فارس البيل أن هذا الهجوم الحوثي يأتي في إطار تبادل الأدوار وتنسيق المواقف بين الأذرع العسكرية الإيرانية في المنطقة، وهي بحسب البيل رغبة إيرانية للمناورة وتوزيع المهام بين ميليشياتها، مقابل النأي بنفسها عن الدخول المباشر في المعركة.