«تبادل السجينين» يحيي الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو

مع إجراء مفاوضات سرية في أوج أزمة دولية أفضت إلى خروج سجينين إلى الحرية على مدرج مطار، أحيت الولايات المتحدة وروسيا، الأربعاء، عبر عملية التبادل، تقليداً يعود إلى حقبة الحرب الباردة.
في حين الغرب يواصل فرض عقوبات على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، شددت الولايات المتحدة على أنها لن تجري أي تواصل دبلوماسي مع موسكو. لكن هذا التبادل يظهر أن القوتين لا تزالان تقيمان علاقة حول مواضيع محددة.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، أن صور التلفزيون الروسي أظهرت جندي مشاة البحرية (المارينز) الأميركي السابق تريفور ريد (30 عاماً) مرتدياً معطفاً، وهو يخرج من شاحنة صغيرة برفقة ثلاثة جنود روس على مدرج مطار كما يبدو.
وتوجهت الطائرة إلى تركيا التي لم تحظر مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية، خلافاً لدول الاتحاد الأوروبي، حيث تمت مبادلته بالطيار الروسي كونستانتين ياروشنكو الذي أدين بتهريب المخدرات وكان مسجوناً في الولايات المتحدة.
وقال والد المارينز جوي ريد، إن تريفور نُقل هذا الأسبوع إلى سجن في موسكو، وإن عملية التبادل تمت على مدرج مطار في تركيا، مضيفاً «توقّفت الطائرة الأميركية بجانب الطائرة الروسية وتم إطلاق السجينين بشكل متزامن على غرار ما يحصل في الأفلام». تم الاتفاق على الرغم من أن السفارة الأميركية شبه خالية في موسكو بعدما اشتكت واشنطن منذ فترة طويلة من قيود روسية على موظفيها.
قبل انتهاء الحرب الباردة عام 1991، كانت القوتان تتبادلان ليلاً السجناء على جسر غلينيك في برلين. الجسر الذي كان يعرف باسم «جسر الجواسيس» كان يربط المنطقة الأميركية في برلين الغربية بمدينة بوتسدام في ألمانيا الشرقية سابقاً فوق نهر هافل.
وتعود أشهر عملية تبادل الأشهر إلى عام 1986 حين أُفرج عن المنشق السوفياتي البارز ناتان شارانسكي مقابل مواطن تشيكوسلوفاكي وزوجته متهمين بالتجسس لحساب موسكو.
وتريفور ريد طالب وعنصر سابق في مشاة البحرية الأميركية المارينز، حكمت عليه محكمة روسية في يوليو (تموز) 2020 بالحبس تسع سنوات لإدانته بالاعتداء على شرطي تحت تأثير الكحول، وهو ما نفاه. وهو لا يحظى بنفس أهمية شارانسكي، والإفراج عنه لن يترك تداعيات سياسية كبرى.
وقال العضو السابق في سفارة الولايات المتحدة في موسكو، دونالد جنسن «أعتقد أن أياً من الطرفين لا يريد فعلياً قطع العلاقات بشكل كامل». أضاف مدير مركز الأبحاث «معهد السلام» لشؤون روسيا وأوروبا، لوكالة الصحافة «فلنكن صريحين، تبادل سجناء مهم للعائلات، لكن هو أمر طفيف نسبياً في مجال العلاقات الدولية». وكان تبادل السجناء على جدول الأعمال في القمة التي عقدها الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في جنيف في يونيو (حزيران) 2021.
لكن الوقت الذي تم اختياره في أوج الحرب في أوكرانيا، يمكن أن يظهر أن بوتين لا يزال بإمكانه تسيير أعمال مع الولايات المتحدة بحسب جنسن.
بالنسبة لروسيا، فإن مثل هذا التبادل الذي يذكر بالحرب الباردة هو مهم أيضا «بالنسبة لصورتها بأن تكون على قدم المساواة مع الولايات المتحدة، وبأنها تشكل مع الولايات المتحدة قوتين عظميين وأنهما تقرران مثل هذه الأمور»، كما أضاف جنسن.
وقال، إن إدارة بايدن تعتبر من جهتها أنه بإمكانها الحفاظ على الأقل على بعض العلاقات مع روسيا في مجالات أساسية، لا سيما الدبلوماسية المتعلقة بإيران. إطلاق سراح سجناء أميركيين في العالم يشكل أولوية في السياسة الخارجية لجميع الإدارات الأميركية. وبالتالي، فإن مصير أميركيين تحتجزهم إيران حالياً يلقي بثقله على المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي الدولي المبرم عام 2015 مع طهران.
في 2019، وعلى الرغم من التوتر الشديد، توجه مسؤولون أميركيون وإيرانيون كبار إلى زوريخ للإشراف على تبادل آخر على مدرج المطار.
وفي الشهر الماضي، ساعد وفد أميركي رفيع المستوى أيضاً في تأمين الإفراج عن أميركيين من حكومة معادية أخرى، فنزويلا.
هناك أميركيان آخران مسجونان في روسيا: بول ويلان، مدير الأمن السابق لشركة قطع غيار سيارات، وبريتني غرينر، لاعبة كرة السلة المتهمة بحيازة مخدرات. قد يحصل تبادل آخر من النوع نفسه.