صدر للزميل صالح حمد العواد القلاب، الكاتب الصحافي ووزير الإعلام الأردني السابق، كتاب بعنوان «حكايات - ذكريات المعاناة والأمل والأسفار الكثيرة»، عن «مركز الرأي للدراسات» بعمّان. جاء الكتاب في 466 صفحة من القطع المتوسط، وضم 101 حكاية امتازت بسرد سلس أقرب للأسلوب القصصي، عبر التشبيه، والوصف غير المباشر، وتصويره للأحداث والشخوص، والأمكنة التي تعرف عليها في أسفاره الكثيرة، واسترجاع الزمن الماضي، وربطه بالحاضر في ثنايا الحكايات، مما يضفي عليه بعداً غير منحصر بالرقعة الجغرافية، والمسافة الزمنية، أو الشأن الذاتي. ومن خلال ذلك، نتعرف على أحداث تاريخية وسياسية كثيرة، ابتداء من الخمسينات، ونطلع أيضاً على موقف الكاتب منها، أو ردود أفعاله. وقد ساعد القلاب على الإحاطة بهذه الجوانب عمله الصحافي الطويل في عدة صحف ومجلات عربية، مراسلاً وعاملاً وكاتباً.
يقول محرر الدائرة الثقافية - الرأي، إبراهيم السواعير، في تقديمه للكتاب: «القلاب، الذي اكتسب خبرة مراسل متحرك لم يترك أحداثاً ساخنة ينقلها لـ(المجلة) وغيرها إلا وذهب إليها، من فيتنام وكمبوديا في الشرق إلى آيرلندا في الغرب. قدم نفسه كما ينبغي له أن يقدم بشمولية الإعلامي الأديب السياسي قارئ التاريخ كاتب أدب الرحلات القاص الذي جعل من الأحاديث والوشوشات وطقوس الفنادق وحركات النضال وأشعار المتنبي ونزار وسعيد عقل عالماً مشبعاً بالمغامرة والكشف المبكر والإمساك الذكي بأكثر من خيط».
من حكاية 18:
الزمان يعود لنحو العقد الثاني من القرن الماضي والمكان كان في نقطة التداخل بين الجزيرة العربية وبلاد الشام... كان لقبه أبو القنص. ورغم شهرته فإن اسمه لم يشتهر ولم يعرف كما اشتهر وعرف لقبه هذا. والرجل شيخ من شيوخ قبيلة معروفة بالقوة والسطوة وكثرة العيال والحلال وبالجاه والمهابة.
كان الفصل ربيعياً جميلاً، لا هو شديد البرودة ولا قاسي الحرارة. ولأن طيور «الحبارى» التي تدور حولها حكايات كثيرة والتي يعتبر اصطيادها بواسطة البواشق والصقور مبعث فخر للرجال في بادية الشام والجزيرة العربية، تعبر في مثل هذه الأيام هذه المنطقة في رحلة ذهاب وإياب سنوية وأبدية، فقد تناول أبو القنص «بندقيته» فألقمها حفنة من ملح البارود وبعض الكرات الحديدية المخصصة لاصطياد هذا النوع من الطير.
قبل أن يغادر بيت الشعر متعدد الأعمدة والمضروب في منطقة بعيدة من مضارب القبيلة تذكر ابنه الأصغر الذي هو خامس أربعة رحلوا تباعاً في سنة قحط ممحلة غزا فيها الجراد المنطقة فأكل الأخضر واليابس وتبع ذلك مرض غريب ينخر أجساد الأطفال نخراً ويرسلهم إلى القبور بعد أن يحولهم إلى هياكل عظمية وبعد أن تمتص الإسهالات الحادة كل السوائل من أجسادهم النحيلة.
القلاب يروي ذكرياته عن المعاناة والأمل... والأسفار
القلاب يروي ذكرياته عن المعاناة والأمل... والأسفار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة