أنباء عن مقتل القائد الميداني لميليشيات الحوثي في صنعاء

الحوثيون يواصلون خرق الهدنة.. ومواجهات عنيفة في تعز

المقاتلون الحوثيون يقصفون مواقع أول من أمس في عدن في خرق مستمر للهدنة  (أ.ف.ب)
المقاتلون الحوثيون يقصفون مواقع أول من أمس في عدن في خرق مستمر للهدنة (أ.ف.ب)
TT

أنباء عن مقتل القائد الميداني لميليشيات الحوثي في صنعاء

المقاتلون الحوثيون يقصفون مواقع أول من أمس في عدن في خرق مستمر للهدنة  (أ.ف.ب)
المقاتلون الحوثيون يقصفون مواقع أول من أمس في عدن في خرق مستمر للهدنة (أ.ف.ب)

تحدثت كثير من الأوساط اليمنية، أمس، عن مقتل الرجل الثاني في جماعة الحوثي، القائد الميداني لميليشيات الحوثي «أبو علي الحاكم»، متأثرًا بإصابته جراء تعرضه لهجوم صاروخي، مؤخرًا في صنعاء، وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن الحاكم كان أصيب في القصف الجوي لطائرات قوات التحالف الذي استهدف قريبة «بيت الروني» في منطقة سعوان، بشرقي العاصمة صنعاء في الأول من مايو (أيار) الحالي، وتشير المعلومات إلى أن الحاكم، كان يتلقى العلاج في مستشفى «48»، التابع للحرس الجمهوري (سابقا) وقائده السابق العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، وذكرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن المستشفى أحيط، خلال الأيام الثلاثة الماضية، بحراسات مشددة وغير اعتيادية، وتحدث المصادر عن نقل جثمان الحاكم إلى محافظة صعدة، معقل الحوثيين، وكانت مصادر محلية أشارت إلى إصابة القائد الميداني للحوثيين في الوجه والصدر والعمود الفقري، وأشارت تلك المصادر إلى أن حالته كانت خطرة، وتؤكد معلومات حصلت «الشرق الأوسط» عليها، أن الحاكم تلقى تدريبات مكثفة في إيران على يد الحرس الجمهوري الإيراني وفي بيروت في صفوف ميليشيات حزب الله اللبناني.
ومع الضربة الأولى لطيران «عاصفة الحزم» جرى استهداف عدد من القيادات الحوثية البارزة التي ذكر أن بعضها قتل والبعض الآخر أصيب، لكن جماعة الحوثي تلتزم الصمت ولا تصرح بشأن مقتل أو إصابة قياداتها أو حتى مقاتليها العاديين، حيث يذكر معظم شهود العيان أن عمليات دفن قتلى الميليشيات الحوثية تتم ليلا ودون مشاركة المواطنين العاديين في مقابر العاصمة صنعاء وباقي المحافظات.
ويعد أبو علي الحاكم، واسمه الحقيقي عبد الله يحيى الحكيم، الرجل الثاني في جماعة الحوثي ورأس الحربة العسكرية بيد عبد الملك الحوثي، وهو أحد اثنين من القيادات الحوثية التي فرضت عليها عقوبات دولية، حيث أدرج مجلس الأمن الدولي أبو علي الحاكم ضمن قائمة العقوبات الدولية بالإضافة إلى شقيق زعيم المتمردين، عبد الخالق الحوثي، والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وتقضي تلك العقوبات بالمنع من السفر والحجز على الممتلكات، وذلك بتهمة عرقلتهم للتسوية السياسية القائمة في البلاد، هذا ولم يكن الحاكم من المعروفين في الساحة اليمنية، مثله مثل كثيرين من القيادات الحوثية التي كانت تظهر فجأة وتختفي، حسب الأحداث، منذ بداية تمرد الحوثيين على السلطة المركزية في صنعاء، في منتصف عام 2004، بقيادة زعيم الجماعة السابق، حسين بدر الدين الحوثي، الذي لقي مصرعه على يد القوات الحكومية في سبتمبر (أيلول) من نفس العام، إلا أن بعض المصادر تشير إلى أن أبو علي الحاكم، كان ضمن من اعتقلتهم السلطات اليمنية عام 2004، في محافظة صعدة وأودعته سجن المباحث الجنائية، لكنه تمكن من الفرار متنكرا بزي نسائي بعد زيارة عائلية تلقاها، وأشارت المعلومات حينها إلى تواطؤ في أوساط حراس السجن لفراره.
على صعيد آخر، ورغم مرور 3 أيام على الهدنة الإنسانية في اليمن، إلا أن مصادر يمنية ما زالت تتحدث عن خروقات لهذه الهدنة، وقالت مصادر محلية في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين واصلوا هجماتهم، حيث قتل عنصران من المقاومة الشعبية وجرح 6 آخرون، فيما لقي نحو 20 مسلحا حوثيًا مصرعهم في مواجهات عنيفة بمنطقة حوض الأشراف، وسط مدينة تعز، في حين أكدت مصادر محلية متطابقة في تعز وعدن والضالع والبيضاء لـ«الشرق الأوسط أن هذه المحافظات شهدت اشتباكات بين المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، من جهة والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي من جهة أخرى، وقالت المصادر إن الميليشيات الحوثية لم تتوقف عن قصف تعز وعدن والضالع وغيرها من المحافظات التي تشهد مواجهات مسلحة، وأشارت المعلومات إلى استمرار إرسال الحوثيين وصالح لتعزيزات عسكرية وبشرية إلى تلك المناطق من صنعاء والمناطق المجاورة لها، حيث يتبادل الطرفان الاتهامات بخرق الهدنة، فيما اتهم الحوثيون قوات التحالف العربي بخرق الهدنة من خلال تحليق طائرات التحالف في سماء العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات وقصف تلك الطائرات لمحافظة صعدة في شمال البلاد، وهي المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي.
وتأتي هذه التطورات في ظل تطبيق الهدنة التي تنتهي الأحد المقبل، وخلال الفترة المنقضية من الهدنة، باشرت كثير من المنظمات الإغاثية الدولية تقديم المساعدات الإنسانية لليمنيين، حيث استقبل ميناء الحديدة في غرب البلاد، عددا من السفن التي تحمل كميات من المواد الغذائية والدوائية، إضافة إلى كميات من المشتقات النفطية التي بدأ ضخهما إلى محطات الوقود في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات بكميات محدودة، في ظل حالة شلل شبه تام للحياة اليومية في المدن اليمنية، ويؤكد مواطنون يمنيون أن الميليشيات الحوثية تستحوذ على نصيب الأسد من تلك المساعدات، وبالأخص المشتقات النفطية تحت مبرر أو مسمى «المجهود الحربي»، فيما يذهب القسم الآخر ليباع في «السوق السوداء»، التي انتعشت، في الآونة الأخيرة، في اليمن، إضافة إلى ما يؤكده عدد من العاملين في تلك السوق عن دفعهم لمبالغ مالية للميليشيات الحوثية لـ«المجهود الحربي»، مقابل بيع المشتقات النفطية بعيدًا عن المحطات الرسمية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.