الحكومة اللبنانية تلتئم استثنائياً اليوم لمواكبة تداعيات «الغرق»

الجيش يواصل عمليات البحث... وطرابلس تبدأ تشييع الضحايا

طرابلس تشيع بعض ضحايا الزورق بحزن وغضب (إ.ب.أ)
طرابلس تشيع بعض ضحايا الزورق بحزن وغضب (إ.ب.أ)
TT
20

الحكومة اللبنانية تلتئم استثنائياً اليوم لمواكبة تداعيات «الغرق»

طرابلس تشيع بعض ضحايا الزورق بحزن وغضب (إ.ب.أ)
طرابلس تشيع بعض ضحايا الزورق بحزن وغضب (إ.ب.أ)

فيما بدأت طرابلس (شمال لبنان) بتشييع ضحايا مركب المهاجرين الغارق، تلتئم الحكومة اللبنانية في اجتماع استثنائي اليوم (الثلاثاء)، لبحث قضية المركب والتوترات الأمنية التي اندلعت في البلاد أول من أمس الأحد على خلفية هذه الأزمة الإنسانية، منعاً لأي تأثيرات على موعد إجراء الانتخابات. وواصلت فرق الإنقاذ أمس (الاثنين) البحث عن مفقودين جراء حادثة قارب الهجرة الذي غرق. وقال الجيش اللبناني إنه ينفذ عمليات بحث براً وبحراً وجواً، بعد إنقاذ قسم من المهاجرين في المركب، وتسجيل 7 وفيات، فيما يجري البحث عن الآخرين. وكان قارب الهجرة انطلق مساء السبت من جنوب طرابلس، ثاني أكبر المدن اللبنانية وحولت الفقر المدقع خلال السنوات الماضية إلى منطلق لقوارب الهجرة غير الشرعية في البحر. والسبت انطلق زورق بـ60 راكباً فلاحقته خافرة للقوات البحرية في الجيش اللبناني، فغرق أثناء محاولة توقيفه. ووجه الناجون اتهامات للجيش بتعمد صدم مركبهم وإغراقهم، فيما قال الجيش إن قائد المركب لم يستجب لنداءات التوقف واصطدم مركبه بالخافرة أثناء مناورته.\ وأعلن الجيش الأحد أنه تمت إعادة 48 شخصاً إلى الشاطئ. وفيما تتضارب المعلومات حول عدد ركاب القارب، تحدثت الأمم المتحدة عن 84 شخصاً على الأقل من نساء ورجال وأطفال، مشيرة إلى أن «العديد» لا يزالون في عداد المفقودين.ودعا أهالي المتوفين إلى «يوم غضب» في طرابلس أمس بالتزامن مع تشييع عدد من الضحايا، بينما رافق تشييع إحدى الضحايا في منطقة باب التبانة إطلاق نار كثيف في الهواء. وليل الأحد، أزال محتجون غاضبون صوراً لسياسيين ومرشحين للانتخابات النيابية المزمعة الشهر المقبل من شوارع في طرابلس.
وأكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أن «ضحايا الزورق هم ضحايا كل لبنان». وقال في تصريح: «الدولة مسؤولة عن تردي الوضع الخطير الذي وصل إليه المواطن مما جعله يحاول أن يغادر بلده إلى المجهول، بأي طريقة لتأمين سبل العيش الكريم بسبب المعاناة المعيشية التي تلاحقه يومياً».
وأضاف دريان: «غالبية الشعب وخصوصاً أبناء طرابلس والشمال يرزحون تحت وطأة الجوع والفقر والبطالة والإهمال والحرمان، ولا بديل من الدولة ومؤسساتها لسد هذا الفراغ القاتل، ومن المؤسف الدولة غائبة لا تمارس دورها ولا تحتضن أبناءها بالشكل المطلوب، وهذا يشكل خطراً حقيقياً على السلم الأهلي والأمن الاجتماعي». ودعا دريان أبناء طرابلس والشمال وعكار إلى «الهدوء والتروي لحين إجراء التحقيق الشفاف من قبل قيادة الجيش والقضاء المختص لكشف ملابسات الكارثة التي لا يمكن أن تمر دون محاسبة ومعاقبة كل من تسبب بهذه الجريمة النكراء التي أدت إلى سقوط الضحايا من الرجال والنساء والأطفال»، مؤكداً «أننا سنتابع ملف هذه القضية مع الجهات المعنية لتبيان حقيقة الأمور ولتتحمل كل جهة مسؤولياتها أمام الله وأمام القضاء المختص».

تحذيرات أمنية
ووسط مخاوف من تأثيرات هذه التوترات على إجراء انتخابات النيابية المزمعة في 15 مايو (أيار) المقبل، يعقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية صباح اليوم الثلاثاء في القصر الجمهوري للبحث في موضوع غرق الزورق قبالة شاطئ مدينة طرابلس وتداعياته إضافة إلى البحث في الأوضاع الأمنية في مختلف المناطق اللبنانية.
ولمح رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل إلى افتعال للأزمات قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات، قائلاً: «هناك افتعال للحادث، لأن البعض كان يعرف بتحضيرات الزورق، ولم يمنعه من المغادرة». وأضاف: «التحقيق يجب أن يكون شاملاً وشفافاً ويؤدي إلى المحاسبة»، داعياً «للانتباه لما يحضرون (أطراف لم يسمها) قبل الانتخابات لتفجير الوضع والاستفادة انتخابيا». وجمع عدة أمور تدفع إلى التوتر قبل الانتخابات، إذ لفت إلى أن هناك لعباً بسعر صرف الدولار في الأسواق، و«افتعال التفجيرات المتنقلة والتوتير الأمني الحاصل»، وسأل: «بعد هذه التوترات، إلى أين؟» وتوجه إلى جهات لم يسمها بالقول: «لا تفجروا البلد كي تربحوا انتخابات».
في عضون ذلك، أعلن «الحزب التقدمي الاشتراكي» في بيان أنه «مع استمرار التراجع المعيشي والاقتصادي والمالي المُخيف، يبقى الأمل الوحيد لوقف هذا الانهيار بإقرار وتنفيذ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لكونه الفرصة المتبقّية لإنقاذ لبنان واللبنانيين ولدخول مسار التعافي الضروري قبل أن ينهار كل شيء». وقال: «إزاء ذلك، يجب عدم تفويت هذه الفرصة الأخيرة، والذهاب إلى إقرار مشروع الكابيتال كونترول بالصيغة المطلوبة قبل فوات الأوان وقبل الانتخابات النيابية». واستغرب «الاشتراكي» هذا «الموقف العبثي من بعض الكتل النيابية التي كانت تزايد بدعمها للكابيتال كونترول، ثم ها هي ترفض واجبها في درسه وإقراره، ولكأنّها تتلاقى بذلك مع بيان جمعية المصارف». وقال «الاشتراكي» إن «إقرار جميع الإصلاحات اللازمة وحده يضمن بدء ورشة العمل التي تحمي معيشة المواطنين في بلدهم وتمنع تكرار مآسي الهجرة غير الشرعية والحوادث المؤسفة كما حصل في غرق الزورق قبالة طرابلس، وبالتوازي مع كل ذلك توفير كل الدعم للمؤسسات وفي مقدمها الجيش والقوى الأمنية التي تبقى صمام الأمان والاستقرار والوحدة الوطنية، وبقاؤها واجب وطني كي لا يسقط آخر ما بقي من مؤسسات الدولة».

ظاهرة مستمرة
ومع تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، تضاعف عدد المهاجرين الذين يحاولون الفرار بحراً وغالباً ما تكون وجهتهم قبرص. وقد بدأ الأمر مع لاجئين فلسطينيين وسوريين لا يترددون في القيام بالرحلة الخطيرة، قبل أن يلجأ لبنانيون أيضاً إلى الأمر ذاته.
ومنذ عام 2020، وفق الأمم المتحدة، حاول 38 قارباً على متنها أكثر من 1500 الفرار عبر البحر، وقد «تم اعتراض أو إعادة أكثر من 75 في المائة» منها.
واعتبر رئيس المنظمة الدولية للهجرة في لبنان ماتيو لوتشيانو في بيان مشترك مع مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أن «الأزمة الاقتصادية في لبنان تسببت بواحدة من أكبر موجات الهجرة في تاريخ البلد».
وقال ممثل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أياكي إيتو بدوره إن «تحطم القوارب وغرقها، والوفيات المأساوية والمعاناة التي تسببها أمر يمكن تفاديه، وذلك من خلال حشد الدعم الدولي المستمر لمساعدة لبنان، خاصة مع تدهور الظروف المعيشيّة للاجئين واللبنانيين على حدّ سواء».



مصريون قلقون من إجراءات حكومية جديدة لخفض الدعم

إحدى محطات الوقود في مصر (أرشيفية - أ ف ب)
إحدى محطات الوقود في مصر (أرشيفية - أ ف ب)
TT
20

مصريون قلقون من إجراءات حكومية جديدة لخفض الدعم

إحدى محطات الوقود في مصر (أرشيفية - أ ف ب)
إحدى محطات الوقود في مصر (أرشيفية - أ ف ب)

يُبدي مصريون قلقاً من إجراءات حكومية جديدة تتعلق بخفض الدعم استجابةً لطلبات صندوق النقد الدولي، خصوصاً مع الإعلان عن موافقة «المجلس التنفيذي» للصندوق على صرف الشريحة الرابعة من قيمة «برنامج الدعم الموسع».

وستحصل مصر بموجب الموافقة الجديدة على 1.2 مليار دولار أميركي، خلال أيام، فيما أكد المدير التنفيذي بالصندوق محمد معيط، في تصريحات صحافية «التزام مصر بالرفع الكامل للدعم عن الوقود بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2025».

وبينما عدَّ البعض موافقة الصندوق على صرف الشريحة الجديدة من القرض دليلاً على استمرار نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، أبدى مدونون على مواقع التوصل الاجتماعي، تخوفهم من تبعات ذلك فيما يتعلق بزيادات جديدة في أسعار المحروقات والكهرباء وغيرها من الخدمات.

وعبَّر آخرون عن ترقبهم لمزيد من تحريك في سعر صرف الجنيه أمام الدولار.

والتزمت مصر بموجب الاتفاق مع الصندوق الموقَّع في مارس (آذار) الماضي بتحرير سعر الصرف ليخضع للعرض والطلب، ما أدى إلى خفض قيمة الجنيه أمام الدولار من 30.9 إلى 50.55 اليوم، مع تحرُّك صعوداً وهبوطاً بحدود 10 في المائة.

ورفعت مصر أسعار المحروقات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بنسب وصلت إلى 17 في المائة للمرة الثالثة خلال العام نفسه، فيما تعهد رئيس الوزراء بتثبيت الأسعار لمدة 6 أشهر تنتهي منتصف الشهر المقبل.

وقدَّر مدبولي ما تتحمله الحكومة بسبب فروق دعم البنزين والسولار بنحو 9.8 مليار جنيه شهرياً منها 8 مليارات جنيه لدعم السولار فقط.

وحسب البيانات الحكومية الرسمية، فإن أسعار المحروقات يُفترض أن يجري إعادة النظر فيها خلال اجتماع لجنة التسعير التلقائي المسؤولة عن تحديد نسب الزيادة والمتوقع انعقادها الشهر المقبل، فيما ستزيد أسعار الكهرباء مع بداية العام المالي في يوليو (تموز) المقبل، حسب خطة الزيادات السنوية التي تستهدف رفع الدعم بشكل كامل عن الكهرباء.

وأقر أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب (البرلمان) عبد المنعم إمام، لـ«الشرق الأوسط» بصعوبة التبعات المحتملة حال تنفيذ قرار الرفع الكامل للدعم عن المحروقات قبل نهاية العام الجاري، مشيراً إلى أن ما أُعلن من إجراءات بشأن زيادات في الأجور وكإجراءات لحماية الفئات الأكثر احتياجاً، لن يكون كافياً.

وأعلنت الحكومة نهاية الشهر الماضي زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين بالدولة إلى 7 آلاف جنيه بدءاً من يوليو (تموز) المقبل، مع رفع علاوة غلاء المعيشة لجميع العاملين بالدولة إلى 1000 جنيه مع إقرار علاوة تتراوح بين 10 و15 في المائة، مع زيادة في المعاشات بقيمة 15 في المائة.

تقيم الحكومة المصرية أسواقاً ومعارض لتوفير السلع بأسعار مخفضة (وزارة التموين)
تقيم الحكومة المصرية أسواقاً ومعارض لتوفير السلع بأسعار مخفضة (وزارة التموين)

ويحذر مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو هاشم ربيع، من تداعيات الاستمرار في التحرك السريع لرفع الدعم الذي تنتهجه الحكومة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن أي تحركات مرتقبة ستلتهم أكثر بكثير مما يجري منحه للمواطنين.

وأضاف أن الزيادات المرتقبة في أسعار المحروقات ستؤدي بالتبعية إلى زيادات جميع أسعار السلع والخدمات المقدمة ووسائل النقل، وهي أمور تمسّ الحياة اليومية للمواطنين بشكل مباشر، لافتاً إلى أن الزيادات القادمة ستفرغ الزيادات الجديدة من هدفها الأساسي بتحسين حياة المواطنين، باعتبار أن ما سيحصل عليه المواطن سيدفع أكثر منه للحصول على نفس الخدمات التي يحصل عليها اليوم.