أميركا «قلقة» من قصف تركي على مناطق حلفائها شرق الفرات

حملة دهم في مخيم الهول بعد وقوع 6 جرائم قتل

صورة نشرها موقع وحدات الحماية الكردية لعملية أمنية ضد داعش ببلدة الهول في الحسكة
صورة نشرها موقع وحدات الحماية الكردية لعملية أمنية ضد داعش ببلدة الهول في الحسكة
TT

أميركا «قلقة» من قصف تركي على مناطق حلفائها شرق الفرات

صورة نشرها موقع وحدات الحماية الكردية لعملية أمنية ضد داعش ببلدة الهول في الحسكة
صورة نشرها موقع وحدات الحماية الكردية لعملية أمنية ضد داعش ببلدة الهول في الحسكة

أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن قلقها بعد هجمات تركية على مدينة عين العرب «كوباني» الواقعة بريف محافظة حلب الشرقي، ونشرت السفارة الأميركية بدمشق على حسابها الرسمي بموقع «تويتر» أمس: «نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن قصف كوباني، ونأسف بشدة لأي خسائر في أرواح المدنيين».
وتعرضت هذه البلدة الحدودية مع تركيا لسلسة هجمات واستهدفت المدفعية التركية الثقيلة في 21 من الشهر الحالي مركز المدينة، بأربع قذائف أسفرت عن إصابة اثنين من المدنيين، وخلفت أضراراً هائلة في منازل الأهالي ومحال تجارية. فيما استهدفت طائرة تركية مسيرة (درون) سيارة عسكرية في ريف عين العرب في 20 من الشهر الحالي على الطريق الواصلة بين قريتي ايدق وتخته بريفها الجنوبي، وقتلت ثلاث مقاتلات من «وحدات حماية المرأة» التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) وأصابت سائق السيارة، كانت بينهن القيادية رودين عبد القادر محمد واسمها الحركي «روناهي كوباني»، وكانت تشغل رئيسة هيئة الدفاع بالإدارة الذاتية في «كوباني».
وطالبت واشنطن في منشورها، تركيا والقيادة العامة لقوات «قسد»، بالالتزام باتفاقيات خفض التصعيد، داعية «كل الأطراف إلى التهدئة»، في وقت حذر فيه المتحدث الرسمي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، نوري محمود، من تصاعد الهجمات التركية على الرغم من انتشار الجيش الأميركي وقوات التحالف. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «تركيا تقول بشكل صريح إنها ستهاجم شمال شرقي سوريا، وفي كل مناسبة توجه التهديدات إلى المنطقة على الرغم من وجود قوات التحالف الدولي».
في السياق ذاته، استهدفت طائرة تركية مسيرة، أمس، نقطة مشتركة بين قوات النظام السوري، وقوات «قسد»، في قرية زور مغار، غرب عين العرب، دون ورود معلومات عن حجم الخسائر البشرية والمادية. كما استهدفت طائرة «درون» أطراف قرية المحسنلي شمالي مدينة منبج، بثلاث قذائف، وهذه المنطقة خاضعة لسيطرة «قسد»، وانطلقت الطائرة من القاعدة التركية بالقرب من منطقة عون الدادات شمال منبج، وتلك المناطق خاضعة لنفوذ فصائل سورية مسلحة موالية لتركيا. وقصفت القوات التركية بأكثر من عشرين قذيفة هاون، السبت الماضي، قريتين بريف منبج دون وقوع خسائر،
وتسببت بحالة هلع وخوف لدى المدنيين في القرى الواقعة بمناطق التماس التي تعرضت للقصف. وانسحب جزء من القصف التركي على ريف محافظة الرقة، وطال قرى تل أبيض وبلدة عين عيسى، إضافة الى بلدة تل تمر وناحية رأس العين شمالي محافظة الحسكة.
ووصف القيادي الكردي نوري محمود، هذه الهجمات بـ«الإرهابية»، وأضاف: «سنقوم بحماية أنفسنا في إطار الدفاع المشروع. وعلى التحالف الدولي وواشنطن وموسكو وضع حد لهذه الهجمات، لكن إذا استمر هذا التصعيد، حتماً لن تبقى قواتنا صامتة». بينما أشار القيادي في قوات «قسد» محمود حبيب، إلى أن التصعيد التركي الأخير سيؤدي إلى ظهور تنظيم «داعش» مجدداً ويرفع من فرص تجميع خلاياه النائمة. وتابع: «ستكون المنطقة عرضة لاختراقات أمنية من قبل قوات حكومة دمشق، التي تتوحد مصالحها مع تركيا في ضرب أمان واستقرار مناطق الإدارة الذاتية»، مضيفاً أن تركيا تسعى للاستحواذ على الشريط الحدودي من خلال التصعيد العسكري الأخير على مناطق شمال شرقي سوريا، «بهدف تغيير تركيبتها السكانية وتهجير أهلها الأصليين، بالتزامن مع اقتراب الانتخابات التركية وانشغال العالم بالغزو الروسي على أوكرانيا».
في شأن آخر، نفذت قوى الأمن الداخلي «الأسايش» التابعة للإدارة الذاتية حملة أمنية واسعة داخل مخيم الهول الذي يبعد نحو 45 شرق محافظة الحسكة، وبحسب مصدر أمني كبير، شملت الحملة كل قطاعات المخيم للبحث عن الأسلحة وشبكة الأنفاق بعد سقوط 6 جرائم قتل ومحاولتي قتل.
وحاولت مجموعة مجهولة الهوية اغتيال شاب لاجئ من الجنسية العراقية يوم أمس، بعد هجوم مسلح بالنيران المباشرة في القطاع الأول لينقل إلى المستشفى لتلقي العلاج. الحادثة جاءت بعد مرور 48 ساعة من عملية مماثلة بمحاولة قتل لاجئ عراقي، باستهدافه بعدة طلقات نارية في القسم الأول، الأمر الذي أدى لإصابته بجراح بليغة.
وفي 22 من الشهر الحالي، قتلت نازحة سورية بعد استهدافها بالرصاص الحي بمنطقة الرأس والصدر في القسم الرابع من المخيم، وفي 20 من الشهر، قتلت امرأة لم يتم تحديد جنسيتها برصاص خلية مجهولة الهوية ضمن القسم الخامس بالمخيم، وفي 19 منه، عثرت قوى الأمن على جثتين مجهولتي الهوية لامرأتين اثنتين في القسم الأول، وفي 18 منه، قتلت لاجئة عراقية تبلغ من العمر 35 عاماً برصاص شخص مجهول الهوية في القسم الأول، وفي 10 أبريل (نيسان) الحالي، عثرت قوى الأمن الداخلي على جثة شاب عراقي قتل بسلاح مزود بكاتم صوت في القسم الرابع من مخيم الهول الدموي.
ويضم هذا المخيم نحو 56 ألف شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال دون سن 16 عاماً وفق الأمم المتحدة ،غالبيتهم من اللاجئين العراقيين، كما يضمّ نحو 10 آلاف من عائلات مقاتلي التنظيم الأجانب يقبعون في قسم خاص قيد حراسة مشدّدة، ويشهد المخيم بين الحين والآخر حوادث أمنية تتضمن عمليات فرار أو هجمات ضد حراس أو عاملين إنسانيين أو جرائم قتل تطال القاطنين فيه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».