مواجهة مفتوحة بين الحكومة الجزائرية و«النقابات الحرّة»

جدل حول شرعية إضراب احتجاجاً على تدني القدرة الشرائية

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
TT

مواجهة مفتوحة بين الحكومة الجزائرية و«النقابات الحرّة»

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

تحتدم المواجهة بالجزائر بين الحكومة ونقابات الوظيفة العمومية، بخصوص الإضراب الذي أعلنت عنه اليوم وغداً للمطالبة بتحسين القدرة الشرائية. وبينما اعتبرت وزارة العمل الحركة الاحتجاجية «غير شرعية»، أعلن «حزب العمال» اليساري دعمه النقابات، وطالب السلطات باتخاذ تدابير عاجلة «لوقف انحدار فئات واسعة إلى الفقر والعوز».
وتبدي «النقابات الحرّة» التي تخوض الإضراب، إصراراً على شلّ النشاط في القطاع الذي تمثله والذي يشتغل به 2.7 مليون عامل، غير عابئة بتحذيرات الحكومة التي تراه غير شرعي. وتعد نقابات أطوار التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي رأس الحربة في هذا الإضراب، فقد أكدت في بيان مشترك أن «الأوضاع المعيشية للعمال والموظفين باتت في خطر، ما يهدد السلم الاجتماعي وينذر بالانفجار».
وتسمي هذه النقابات نفسها «حرّة»، للدلالة على أنها تختلف جذرياً عن «الاتحاد العام للعمال الجزائريين»، وهي النقابة العامة التي يُعاب عليها «وقوفها متفرجة» على تردي ظروف المعيشة لملايين العمال المنتسبين إليها.
وبحسب النقابيين: «باتت الحكومة عاجزة عن ضبط ارتفاع الأسعار، ووقف تدني الخدمات العمومية»، معتبرين قرارات اتخذتها منذ أسابيع، تخص خفض نسبة الضريبة على إجمالي الدخل ومراجعة النقطة الاستدلالية (45 ديناراً جزائرياً حالياً، أي ما يعادل نصف دولار) «عديمة الجدوى قياساً للارتفاع الفاحش في أسعار أغلب السلع والخدمات».
ويطالب النقابيون برفع النقطة الاستدلالية إلى 100 دينار، وإطلاق «مرصد وطني لحماية القدرة الشرائية»، وبـ«فتح ملف الأنظمة التعويضية لمراجعة المنح والعلاوات».
وأعلن «حزب العمال»، في بيان، تأييده قرار الإضراب. وأشار إلى «غياب أي إجراء لوقف الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع»، وإلى ندرة بعضها، وخصوصاً الدقيق والحليب والزيت. يشار إلى أن الرئيس عبد المجيد تبون أعلن قبل أيام زيادة في الأجور وعلاوة البطالة يبدأ تنفيذها مطلع العام المقبل. وأوضح أنه يترقب الاطلاع على مستويات مداخيل البلاد (من بيع المحروقات) بنهاية العام الحالي، ليحدد سقف الزيادة.
وقالت وزارة العمل عبر وسائل الإعلام الحكومية، إن النقابتين اللتين أعلنتا عن الإضراب، وهما «النقابة الجزائرية لقطاع الوظيفة العمومية»، و«كونفدرالية النقابات الجزائرية» وتضمان عدة اتحادات مهنية: «تنشطان في الجزائر بصفة غير قانونية، ودعوتهما إلى تنظيم حركة احتجاجية تعد انتهاكاً للأحكام القانونية السارية المفعول فيما يتعلق بممارسة الحق النقابي». وعبّرت عن رفضها الشديد للإضراب، بحجة أنه يتسبب في «تعطيل النشاط الاقتصادي كما يمكن أن يضر بالاحتياجات الأساسية للمجتمع». وأظهرت، ضمناً، عزماً على الاحتكام إلى القضاء الاستعجالي لإبطاله قانوناً.
وأكدت الوزارة، أيضاً أنها «تلفت انتباه المنظمات النقابية المعنية إلى أن «كونفدرالية النقابات الجزائرية» لم تستلم إلى يومنا هذا إيصال التصريح بتأسيسها الذي يسمح لها بممارسة نشاطها بصفة قانونية، و«هذا لعدم مطابقة ملفها لأحكام قانون ممارسة الحق النقابي، كما يجدر التنويه إلى أن النقابات الجزائرية لقطاع الوظيفة العمومية، ليست منظمة نقابية معترفاً بها وفقاً لأحكام القانون ذاته، وبالتالي فإن أي حركة تباشرها هذه النقابة هي انتهاك للأحكام القانونية السارية المفعول فيما يتعلق بممارسة الحق النقابي».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.